8 أبريل، 2024 3:44 ص
Search
Close this search box.

أطـــــــــر الأفكـــــــــــــــــار لبناء المجتمع

Facebook
Twitter
LinkedIn

المتشابه والمناسب

السيارة كلمة تطلق على أصناف وأنواع وأحجام فهي ليست بمدلول واحد، كذلك هي ليست سواء في عصر واحد ولا بمكان واحد، فهي ابتكار مدني لكل بلد له في صناعتها براءة اختراع ربما لكل جزء منها، كذلك السياسة فهي مدنية الطابع وهي سياسات، والنظم تسير في ذات المعيار، فعندما اركب سيارة موديل 1960 واجدها مريحة، قد أفضل نوعها لكن من الخطأ أن أقول إني لن اركب إلاتلك السيارة، وان تحديثها جريمة لا تغتفر؛ أما إن استورد سيارة صنعت للمناطق الباردة وانا في منطقة حارة فهذا يعني أنى لن استخدمها إلا لبضع كيلومترات، فان كنت أريد صناعتي أن تعم العالم فلابد أن أضعها بشكل مضمون ومواصفات تصلح للعالم ككل بحيث يصل كل إلى هدفه وهو مرتاح والسيارة آمنة.

إن الإدارة والسياسة هي مسائل تتطور بتراكم الجهد البشري، والناتج الفكري يتوسع ليحتضن هذا التطور، ولطالما أخطأت البشرية بصنع الفكرة بقالب ما ثم تريد أنيحجم الشعب نفسه ليتماهى وقالبها وهذا لا يمكن مع أساس خلق الإنسان بمنظومة عقلية بلا حدود ضمن الوظيفة الكونية.

من الخطأ التصور أننا نقود الناس باستثارة الغرائز ونفاخر بان لدينا اتباع ومؤيدين بالملايين، ذلك أننا لم نقد منظومة الإنسان العقلية وإنما قدنا نسخة مفرغة من الآدمية عندما جمدنا التفكير أو جعلناه مستعمرا لغريزة ما، ولا يختلف الأمر إن استغلت حاجاته لاستعباد نفسه التي لا يمكن أن توصف بالحياة مالم تك حرة.

المفـــــاهيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم

الناس خلقت مختلفة كبصمة الأصبع، لكنها تلتقي من اجل الأهداف وتحب التجمع لذا كانت إنسانا، لكن متلازمة الاستبداد والتي تنطلق من الأنا تجعلنا نرى بوضوح أن أكثر حالات قتل الإنسان وقعا ليست موته نتيجة تمرده وإنما ذلك الذي يترك ليعيش فاقدا للأهلية أو معطلة منظومته العقلية إما بخوفها من التفكير أو ناتج ذلك التفريغ كاستعمارها بغرائز كالخوف المرافق لحب البقاء أو التردي النفسي بغريزة التملك والنوع؛ هذا عندما لا يستطيع القادر على فرض إرادته بتمكنه من إيذاءالآخرين من الضغط على الناس ليكونوا مثله شكلا لكنهم فارغين مضمونا ولعلني مثلت هذا سابقا بفاعلية فايروس طروادة على الملفات عندما يحولها كلها إلى شكل واحد لا يفتح وفارغ.

إن أخطر المفاهيم هي المفاهيم المشوهة عن أصل صائب لأنها تفقد القيم الإنسانية والمتانة العقلية وتبقي وسائل دفاعها التي تتخذ شكلا خالي من الإنسانية والعقلانية التي يتصف بها الفكر الرصين، الفكر ينبغي أن ينعكس على السلوك، والسلوك الحسن ليس أساسه دوما فكر متماسك، وإنما قد يكون من ضرورات عقد اجتماعي تطلبه أنماط حياة معينة تتعطل إن لم يك السلوك راقيا وإنسانيا.

المفاهيم والأفكار ليست ملموسة وهي في النظرية جميلة دوما، لكن نزولها إلى الواقع يتطلب فهما وتشبعا بالفكرة ومعايير أداء تحكمها أي هنالك قانون وتعليم مستمر ينطلق من الواقع وليس من الفكرة المجردة، فالفكرة الأساسية نظريا سليمة لكن عند تعاملها مع الواقع ستكون أمرا تطبيقيا له قواعد علمية.

لابد إذن من تحليل الظاهر من استقراء الواقع وليس استنباط من تجربة نجحت في زمان آخر أو مكان آخر أوتاريخ آخر وثقافة أخرى، فالفكر يحتاج ثبات عقدي لكن المدنية إنسانية وتراكم للجهد البشري ممكن أن يتحرك بلا حدود تستدعيه الحاجة إليه مع بعض التعديلات، كما ضربنا المثل بالسيارة هي السيارة لكن في المناطق الباردة تحتاج نظام تبريد مختلف، فالمسالة ليست بتعدد النظريات وإنما بفهم الحراك التاريخي والتطور المدني للواقع.

النمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوذج:

أود التركيز على الإخفاق التصوري؛ فتصور أن النموذج الناجح قبل الف عام أو يزيد هو النموذج المطلوب تطبيقه حرفيا، هذا خطأ قاتل، التصور أن المجتمع جاهز لاستئناف تلك الحياة نوع من الهذيان، التصور أن الحاكم يبقى مدى الحياة وطاعته من طاعة الله هذا تخلف وحجر على الأهلية والعقلية السليمة…، إذن لابد من صنع نموذج (غير مقدس) في الواقع اليوم، وهذا النموذج قابل للتعديل والمراجعة والتراجع والتقدم ولا يهتم أو يعتبر المنقول من الأفهام التي فرضتها تشوهات التاريخ أو اجتهادات الأولين، حتى لو كانوا من القريبين المقربين لعصر الرسالة، فنحن بالتأكيد نريد منهجهم لانهم فاهمين ومجتهدين لما يناسب عصرهم ولكننا لا نريد اجتهادهم هذا وكانه مقدسا كالقرآن هو البشر الذي اجتهد، فلابد والحالة هذه وضع ما نراه يناسب الواقع وفق خطوات منطقية إصلاحية وتعديلات على النموذج وما تثريه التجربة إلى أن نصل النموذج الذي نعرضه على العالم للعدل والبناء وخلافة الإنسان للأرض بآليات قابلة لتطوير النموذج وتحويره بما بتعامل مع الزمكان؛ أي ممكن أن يطبق في منطقتنا مثلا، وذات النموذج يحور بآلياته المكتشفة ليستفيد منه أناس في أوربا أو اليابان كنظام مدني يتعامل مع الإنسان كأساس وجودي وليس كماكنة أو ربوت إنتاج يركض مذ يعي لا يستطيع التوقف ويمشي وفق قوانين صارمة لكي يبقى نمط الحياة سليما.

فكون الفكرة هي الحل يعني أنها ممكن أن تنتج آليات متعددة لأزمنة مختلفة وأمكنة مختلفة أي تتحرك هي باتجاه الزمن ولا نعيد الزمن ليناسب الفكرة فالزمن مخلوق لا يعود والإنسان يمتحن بمنظومته العقلية التي إن جمدت فشلت.

إن النماذج الناجحة تختلف عن التجارب، فالنماذج هي تجارب ناجحة عدلت آلياتها وحوت آليات تطويرها ضمن منهجها والإصلاح عملية منهجية مستمرة فهي ليست للنقل كما هي وإنما كمنهج فقط؛ نحتاج منظومات عقلية بها مرونة وليس لين ولا صلادة، ونحن كأمة انتقدت قيمها التقليد الأعمى للماضي أو العيش فيه ذهنيا وإنما امرنا أن نعمر الأرض وننمي السلالة، لكننا نلاحظ أن الفهم للإسلام وكانه أتى للماضي ومنه وليس كما يرددون انه صالحا لكل زمان ومكان فيريدون نقل الواقع إلى الماضي ويستحضرونه بسلبياته ناسين الفاعلية العقلية، فالعيش في الماضي يخالف فطرة الإنسان ويفقده ميزته العقلية ويتحول بذلك إلى مخلوق غريزي بعيد عن الآدمية ويهلك الحرث والنسل لان عقليته عدمية تتعامل مع الغريزة لا منظومة العقل وهو يظن كل الظن انه يفعل الصواب فهو في واقع لا يناسب نفسيته، فيصبح كفايروس طروادة يعمل أن تشبهه كل الملفات توصله مباشرة بسلبيات لا واقع لها في صناعة الحياة؛ بل هي ضد فكرة رسالة الإسلام نفسه.    

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب