كتب السيد مظهر الجبوري المدير العام السابق للاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد مقالا نشر في عدد من المواقع الالكترونية يتحدث فيه عن الجوانب الايجابية للقانون الذي أقر في مجلس الوزراء ودقق من قبل مجلس شورى الدولة بعد أن أُعد وكتب في هيئة النزاهة، ولعل الجبوري كان احد الذين أسهموا في كتابته أو لعله كان الشخص الأكثر إسهاماً في صياغة فقراته.
ومشروع الاكاديمية ليس وليد اليوم بل كان وليد نقاشات وحوارات وضعت نواته الأولى في زمن القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة السابق، وعلى اساسه عقدت جولة من النقاشات والحوارات مع الاكاديميات الاخرى المماثلة في العالم عن طريق الأمم المتحدة وهي ثلاث تجارب فقط والتجربة العراقية تعد الرابعة على مستوى العالم وكانت قسما ملحقا في دائرة التعليم والعلاقات العامة في هيئة النزاهة ثم فصلت بعد اقرار قانون هيئة النزاهة الذي بموجبه تم استحداث دوائر أخرى من ضمنها الاكاديمية العراقية. والشيء الذي لابد أن نشير اليه ان السيد الجبوري استطاع أن ينقل هذه الدائرة وينظمها، ويضع الاسس الصحيحة لها، وتمكن بشهادة الآخرين من أن يسموا بها وينقلها الى مواقع متقدمة ويجعل منها دائرة تحتل الريادة في إنجاز أعمالها على الرغم من بعض العراقيل التي واجهته من بعض الفاشلين في حينها.
وعلى الرغم من الايجابيات التي طرحت، لكن تبقى هناك بعض الملاحظات التي لابد ان نذكرها، لا أعرف سر إغفالها من قبل المشرع العراقي ومنها فيما يتعلق بالشهادات المطلوبة للذين يتوجب عليهم شغل المناصب الادارية والعلمية التي تتشكل منها هذه الاكاديمية.
فلماذا أغفل المشرع اصحاب الشهادات العليا في إناطة إدارتها؟ وأقر بأن يكون المدير العام ومعاونوه ومدير الدراسات العليا من حملة شهادة البكلوريوس على الاقل، وهذه النقطة تحتاج إلى وقفة، فلماذا لم يضع المشرع شرط الحصول على الدكتوراه واللقب العلمي كمؤهل لمن يتولى المدير العام ومنصب المعاون العلمي ومدير الدراسات العليا؟! ولماذا يحدد الاختصاص العلمي لمن يدير هذه الدائرة وفتح الباب على مصراعيه للاجتهادات؟ فمن الممكن ان يتولى هذه الادارة شخص حاصل على شهادة الهندسة وهذا بعيد عن عمل الاكاديمية وأختصاصها.
والنقطة الثانية تتعلق في مجلس الاكاديمية الذي تمنيت ان يكون خارج امزجة المدراء العامين ويتم الاكتفاء فقط بمديرها ونائب رئيس الهيئة كأعضاء وما تبقى يتم الاستعانة بأعضاء الهيئات التدريسية من ذوي الاختصاص او المتقاعدين من التدريسيين. والنقطة الثالثة نص قانون هيئة النزاهة صراحة وقانون الاكاديمية على نشر ثقافة النزاهة وهذا لايتم إلّا عبر برامج وحملات إعلامية ناجعة يشرف عليها مختصون في اختصاصات الاعلام والاجتماع وعلم النفس والعلوم السياسية، وهنا نكون بحاجة إلى مناهج متخصصة في هذا المجال، لاننا ندرك جيدا أن اي عمل لا يكون له صدى مالم يتم التعامل معه بطريقة يمكن عبرها اقناع الجمهور، فمن يقول أن الجمهور سيصدقون من يقول أنا انجزت وعملت وحققت؟! فهناك طرق اخرى لاقناع الجمهور وتصل احيانا الى نقد الموسسة والاعتراف بفشلها في جوانب من قبل المشرفين عليها، بمعنى ان هناك وسائل يمكن ان تحقق لك التأثير على الاخرين عبر نقد مؤسستك. إن طرح هذه النقاط ونقاط آخرى بشأن القانون لاتعني التقليل منه بل يكفي انه يحدد تنظيم مؤسسة تعد واحدة من اربع اكاديميات في العالم، لو تم الاهتمام بها يمكن أن تكون مناراً يحتذى به في المنطقة، لاسيما وان من يتولى إدارة هيئة النزاهة شخص يحمل مؤهلاً أكاديمياً ومشهود له بالعمل الأكاديمي.