التاريخ عبارة عن شواهد، وتأملات في روح المسؤولية، والقيادة العقلية، التي ترسم خطوط السير نحو الهدف المنشود، لازالت الأجيال تدرس خراب اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وقنبلة هيروشيما ونكازاكي عام ١٩٤٥، ولم تمحى الصفحات التي خلدت دمار ألمانيا وشواهدها، أبان بناء جدران برلين عام ١٩٦١ حتى عام ١٩٨٩، ولا نغفل وضع أوروبا بشكل عام، عندما كانت هي مسرح للصراع والعمليات القتالية أنذاك.
لكن؛ أين أصبحت كل من اليابان وألمانيا بعد تلك المأسي، ما هو حال دول الاتحاد الأوروبي، بعد عمليات القتل والخراب الذي كانت تعيش فيه أنداك.؟
لا أعتقد أن جواب هذا السؤال سوف يكون صعباً، لان عمليات النهوض بالواقع أثمرت، وجعلتها في مقدمة دول العالم، في مجالات أحترام الانسان، وتوفير حاجاته الضرورية، وهو ما جعلها محط أنظار الطامحين الى الحرية، والراغبين بتغيير واقع الحال المتردي، ومنها الحكومة العراقية.!
لكن؛ المسير في العراق واجه عقبة واحدة، وهي أن قادة هذا البلد حمير .!
نعم؛ حمير وقد ثبت ذلك بالأدلة، فلو ذكرنا الإمكانيات، والموارد، والطاقات، لكانت في حدود الا معقول، ولا تتوفر عند أغلب دول العالم المتطورة، الا أن هذا البلد لا زال في مقدمة الدول التي يصعب العيش فيها، ولا زالت بغداد العاصمة الأخطر من بين عواصم دول العالم، والمواطن يعيش تحت خط الفقر، وفي تزايد مستمر.
أما ما يثبت دقة كلامي هذا؛ هو رغم الافلاس الرهيب، الذي تعاني منه الدولة اليوم، وحاجة البلد الى الدينار الواحد، الا أنهم يستظيفون مؤتمر أتحاد البرلمانات الاسلامية، في بغداد، والذي سيستمر لمدة خمسة أيام متتالية، ولا نعلم من أين سيأتون بالأموال، التي ستصرف على هذا المؤتمر، في ظل أفراغهم لخزينة وأحتياط الدولة.
هذه الوفود الرسمية، التي وصلت بغداد، هي وفود الدول الاسلامية المغمورة، التي قبلت بالاشتراك، وفي ظل غياب وأعتذار ألدول الاسلامية الكبيرة، والتي سببتها سياسة البلد المتقلبة منذ عام ٢٠٠٣، وسيطرة العلاقات الشخصية، والحزبية المقيتة، على مفاصلها، وخسارتها لعلاقات الود والأخوة، مع اغلب دول العالم والمنطقة.
قد أكون ظالماً للحمار في موضوعي هذا، لأنة يقدم خدمة عظيمة لمالكه، وهو من يوفر لقمة العيش لمن يعتمد عليه، لكن التشبيه من باب أنه يبقى حيوان، تتحكم به الغرائز لا العقل، وقادة البلاد أثبتوا أنهم يتشاركون مع الحمير في امتلاكهم لهذه الخاصية، وهي ما أوصلتنا لهذه المرحلة الحرجة.
الأزمة المالية الخانقة تجعل منا أن نكون مسؤولين، وعقلانيين، في وضع البرامج والخطط، التي من شأنها أن تدفع الضرر عن البلد، الا أن المواطن الفقير يفكر بمستقبل البلد أكثر مما يفكر فيه هؤلاء الحمير، فلم نسمع أو نرى أي خطوة، للخروج من هذه الأزمة، بل لا زالت الأجواء غامضة، وسط جواً مشحون بالكذب، والإشاعات، التي خلفت جدل واسع وسط الاوساط الشعبية، الا أنها سارعت للاهتمام بهذا المؤتمر الذي لا جدوى من أنعقاده .
من يفوض الحمير لقيادة زمام أموره، عليه أن يتحمل نتائج ذلك التفويض، وأن لا يتوقع ألحلول وسط غياب العقل، وسيطرة الغرائز.