26 ديسمبر، 2024 1:25 م

أضاءة في بنية النص القرآني

أضاءة في بنية النص القرآني

المحور الأول / أشكالية اللوح المحفوظ : – بدءا ووفق المعتقد الأسلامي ، ان القرآن من لدن الله ، وفق الآية التالية ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً / 82 سورة النساء ) ، وتفسيرها حسب شرح الطبري ( حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله ” أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا ” أي : قول الله لا يختلف ، وهو حق ليس فيه باطل ، وإنّ قول الناس يختلف . حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : إن القرآن لا يكذّب بعضه بعضًا ، ولا ينقض بعضه بعضًا ، ما جهل الناس من أمرٍ ، فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم .. قال : فحقٌّ على المؤمن أن يقول : كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، ويؤمن بالمتشابه ، ولا يضرب بعضه ببعض ، ويعرف أن الله تعالى لم يقل قولا وينقضه .. / نقل بأختصار من موقع القرآن ) .
القراءة : وفق التفسير أعلاه ، أن النص القرآني لا تخالف ولا تناقض في مضامينه .. ولكن سنرى فيما يلي الكثير من التساؤلات : 1 . ان الآية القرآنية التالية ، تنص بأن القرآن كان ( في لوح محفوظ / 22 سورة البروج ) ، وتفسير هذا النص وفق أبن كثير ( في لوح محفوظ ، أي هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل ، قال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي .. عن أنس بن مالك في قوله ” بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ” ، قال إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله ، بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ في جبهة إسرافيل .. ) . وهنا التساؤل : في أي قراءة من القراءات كان محفوظا القرآن لدى الخالق ، والقراءات المعروفة هي سبع قراءات ( هم جماعة من مشاهير القرّاء عاشوا بين القرن الأول و القرن الثاني للهجرة ، بعضهم عاصر الأصحاب والبعض الآخر عاصر التابعين .. وكان لكل مدينة قارئ خاص لها يعلّم أهلها القرآن ، وهم ” نافع المدني ، ابن كثير المكي ، أبو عمرو بن العلاء ، ابن عامر الدمشقي ، عاصم بن أبي النجود الكوفي ،حمزة بن حبيب الزيات ، الكسائي ” .. / نقل بأختصار من موقع ويكي شيعة ) ، فلم يخبرنا القرآن ، ولا أحاديث محمد ، عن أي من القراءأت حفظ القرآن في اللوح المحفوظ ! / ” علما هناك قراءات أخرى غير ما ذكر في أعلاه ” . 2 . وهذا الأمر يجرنا الى أشكالية أخرى ، وهي : على أي لغة من لغات العرب كان القرآن محفوظا لدى الله ، وهي ما تسمى ب ” الأحرف السبعة “} والراجح من هذه الأقوال / والله أعلم ، ما ذهب إليه جمهور العلماء أن الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد . وتوضيحه : أنَّ للعرب لغات متنوِّعة ، ولهجات متعدّدة للتعبيرعن معنى من المعاني ، فمثلاً : كلمة (( تعال )) يُعبَّر عنها بلغة قبيلة أخرى بـ (( هلم )) ، وقبيلة ثالثة بـ (( أقبل )) وهكذا .. / نقل بأختصار من موقع أسلام أون لاين { . 3 . والفقرتين أعلاه ، تجرنا للتساؤل التالي : هل في بدأ الخليقة ، كانت هناك قراءات للغة العرب ، وهل عرف القراء أنذاك ك ” نافع المدني ، ابن كثير المكي ، أبو عمرو بن العلاء .. ” ، وهذا الأمر ذاته يسري ، على وجود اللغات و اللهجات العربية زمن الخلق ! ، كي يحفظ الله القرآن بهما / قراءة وأحرفا ، هذه أسئلة منطقية ، يجب أن تطرح على بساط البحث ! . ولكن كالعادة الفقهاء والمفسرون يرقعون أي معضلة أو أي أشكالية ! بحلول لا ترقى للعقلانية . * لأجله أتساءل ، كيف للقرآن الذي هو من عند الله ، والمحفوظ لديه منذ الأزل ، ولكن لم يذكر القرآن ، بأي صيغة من ” القراءات والأحرف السبعة ” ، كان القرآن محفوظا عند الخالق ! ، ومن جانب أخر ، أرى وجود تكاملا بين الآيتين أعلاه / أي ” بين 82 من سورة النساء وبين 22 من سورة البروج ” .
المحور الثاني / تصادم الأديان :- وفق النص القرآني التالي ، يعترف القرآن بمن جاء من قبله من كتب / التوراة والأنجيل .. ، وأنبياء / موسى والمسيح .. ( وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ / 46 سورة المائدة ) ، وشرح النص وفق الطبري ، بأختصار ( يعني تعالى ذكره بقوله ” وقفينا على آثارهم “، أتبعنا. يقول : أتبعنا عيسى ابن مريم على آثار النبيين الذين أسلموا من قبلك ، يا محمد ، فبعثناه نبيًّا مصدّقا لكتابنا الذي أنـزلناه إلى موسى من قبله أنّه حق ، وأن العمل بما لم ينسخه الإنجيل منه فرضٌ واجب” وآتيناه الإنجيل “، يقول : وأنـزلنا إليه كتابنا الذي اسمه ” الإنجيل “” فيه هدى ونور ” يقول : في الإنجيل” هدًى “، وهو بيان ما جهله الناس من حكم الله في زمانه” ونور ” يقول : وضياء من عَمَى الجهالة” ومصدقًا لما بين يديه “، يقول : أوحينا إليه ذلك وأنـزلناه إليه بتصديق ما كان قبله من كتب الله التي كان أنـزلها على كل أمة أُنـزل إلى نبيِّها كتاب للعمل بما أنـزل إلى نبيهم في ذلك الكتاب ، من تحليل ما حلّل ، وتحريم ما حرّم .. / نقل من موقع القرآن ).
القراءة : 1 . ولكن القرآن نسف كل ما جاء به من أعترافه بالأديان التي سبقته ، حيث قال ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ / 19 سورة آل عمران ) ، وأسلم كذلك كل الأنبياء الذين سبقوه ( أتبعنا عيسى ابن مريم على آثار النبيين الذين أسلموا من قبلك ) . 2 . و الانكى من ذلك الحديث التالي ( عَن ابن عُمَر : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه . ) هنا رسول الأسلام أنهى كل شك في ( أسلمة أتباع الأديان الأخرى ) قتالا وبقوة السيف . 3 . في هذا المحور ، أنهى القرآن وأحاديث محمد ، كل من سبقه ، وأوصد الباب لأحتمال من سيليه ، وذلك بالنص القرآني التالي ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا / سورة الأحزاب:40 ) ، ّوذلك بعد أن وصف النص القرآني محمدا بخاتم النبيين والرسل . * مما سبق أرى أن الأسلام أنهى كل دين سبقه ، وذلك بأعتباره ، هو الدين الذي يجب أن يتبع من قبل البشرية جمعاء ! ، وهذا الأمر أوجد صداما وتناحرا بينه ، وبين الأديان والمعتقدات الأخرى ، الى يومنا هذا ! .
المحور الثالث / حرق القرآن :- تقول المصادر ، أن الخليفة عثمان حرق كل المصاخف ، عدا مصحفا واحدا ، دعي بمصحف عثمان ( إن الذي حمل عثمان على جمع القرآن في مصحف واحد ، هو القضاء على ما وقع بين الناس من اختلاف في قراءة القرآن ، بسبب اختلاف اللغات ، وأول من جمع اللغات في القرآن على لغة واحدة بلغة قريش -عند ظهور الاختلاف في اللغات – عثمان . اختلفت الناس في قراءة ، قال أنس : اجتمع القراء في زمن عثمان من أذربيجان وأرمينية والشام والعراق ، واختلفوا حتى كاد أن يكون بينهم فتنة . هذا من جانب جمعه في مصحف واحد . وأما حرق المصحف لمقصد صحيح فلا حرج فيه ، ويكفي أن عثمان قد فعل ذلك والصحابة متوافروِن .. / نقل بأختصار من موقع أسلام ويب ).
القراءة : 1 . تساؤل : أي مستند أو مروية أو وثيقة تقول أن مصحف عثمان هو مصحف محمد ، علما ، أنه كان يوجد العديد من المصاحف منها ( مصحف أمير المؤمنين علي ومصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود ومصحف عبدالله بن عباس ومصحف عائشة .. ويتساءل ، ذات المصدر ، هل أعاد عثمان ترتيب بعض الآيات حسب ما تقتضيه السياسة في ذلك الوقت ، فمثلاً هل له دور في وضع آية التطهير وسط آيات خاصة بنساء النبي في سورة الأحزاب / نقل بأختصار من موقع مركز الأشعاع الأسلامي ) . فلا يوجد أي دليل مادي دامغ من أن المصحف الذي لم يحرق هو مصحف محمد فعلا . ومن المصدر السابق ، يتضح لنا أن عثمان أضاف آيات الى قرآنه / في سورة الأحزاب ! . 2 . تساؤل ثان ، كيف تسنى لعثمان أن يعرف مكان خزن الرقاع والجلود والحجارة واللخاف الموثوقة .. التي كانت تكتب عليها الآيات القرآنية ، والتي أعتمد عليها فيما بعد في أختيار قرآنه الصحيح / وفق رأيه ، وحرق ما عداها . ومن جانب أخر ، من يجزم أنه أعتمد فقط على مصحف حفصة بنت عمر . 3 . أنه من الواضح أنه كان لدى الكثير من الصحابة مصاحفهم الخاصة ، وهنا أرى أشكالية أخرى : هل كان محمدا يتلو على الصحابة / أصحاب المصاحف ، آيات يختلف بعضها عن البعض الأخر ، لذا قام عثمان بحرق المصاحف ! . * بغض النظر مما أحرق أو أبقى عثمان من مصاحف .. تساؤلي : أين كانت تخزن هذه الرقاع والجلود واللخاف .. التي نقل القرآن منها ، خاصة أذا علمنا ، أن مكان التخزين كان صحراويا رمليا جافا ، وهذا يجرنا الى الأحتمالية التالية : كم من رقعة تلفت ، وكم رقعة تحللت أو فقدت أو أهملت ! ، أذن كيف أن يكون القرآن في لوح محفوظ .
كلمة : وفقا لكل ما سبق ، أرى أن الآية ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً / 82 سورة النساء ) ، مع الآية الأخرى ( في لوح محفوظ / 22 سورة البروج ) ، يستحيل تطبيقهما أو قياسهما على واقع حال بنية النص القرآني ! .

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات