( بين كتابة الآيات والأحاديث خيط رفيع ، مرة ينقطع فيختلفان ، ومرة يتصل فيتسقان .. كاتب البحث )
الموضوع :
من موقع الأسلام سؤال وجواب ، أنقل بأختصار ، ما جاء حول حديث الرسول أعلاه { ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال : ( لا تَكْتُبُوا عَنِّيَ .. ) رواه مسلم (الزهد والرقائق/5326) . قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : قَالَ الْقَاضِي : كَانَ بَيْن السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ اِخْتِلاف كَثِير فِي كِتَابَة الْعِلْم ، فَكَرِهَهَا كَثِيرُونَ مِنْهُمْ ، وَأَجَازَهَا أَكْثَرهمْ ، ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جوازها ، وَزَالَ ذَلِكَ الْخِلاف .. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث الْوَارِد فِي النَّهْي ، فَقِيلَ : هُوَ فِي حَقّ مَنْ يَوْثُق بِحِفْظِهِ ، وَيُخَاف اِتِّكَاله عَلَى الْكِتَابَة إِذَا كَتَبَ . وَتُحْمَل الأَحَادِيث الْوَارِدَة بِالإِبَاحَةِ عَلَى مَنْ لا يَوْثُق بِحِفْظِهِ كَحَدِيثِ : ” اُكْتُبُوا لأَبِي شَاه ” وَحَدِيث صَحِيفَة عَلِيّ ، وَحَدِيث كِتَاب عَمْرو بْن حَزْم الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض وَالسُّنَن وَالدِّيَات …. وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الأَحَادِيث . وَقِيلَ : إِنَّ حَدِيث النَّهْي مَنْسُوخ بِهَذِهِ الأَحَادِيث ، وَكَانَ النَّهْي حِين خِيفَ اِخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِكَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَة ، وَقِيلَ : إِنَّمَا نَهَى عَنْ كِتَابَة الْحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة ; لِئَلا يَخْتَلِط ، فَيَشْتَبِه عَلَى الْقَارِئ فِي صَحِيفَة وَاحِدَة . ” شرح مسلم” (18/129-130) .. وحديث أبي شاه أخرجه البخاري من حديث أَبُي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : ( لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ .. أمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِلا الإِذْخِرَ فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ : اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ ) ( اللقطة /2254 ) ومسلم (الحج/1355..) . قال ابن حجر : وَيُسْتَفَاد ..َ مِنْ قِصَّة أَبِي شَاه ( أكتبوا لأبي شاه ) أَنَّ النَّبِيّ أَذِنَ فِي كِتَابَة الْحَدِيث عَنْهُ .. وَهُوَ يُعَارِض حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّه قَالَ ” لا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْر الْقُرْآن ” رَوَاهُ مُسْلِم . وَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ النَّهْي خَاصّ بِوَقْتِ نُزُول الْقُرْآن خَشْيَة اِلْتِبَاسه بِغَيْرِهِ ، وَالإِذْن فِي غَيْر ذَلِكَ .. فتح الباري(1/208) } .
القراءة الأولية : فيما يلي المحاور الأساسية لتفسير الحديث أعلاه : * “الرسول نهى أن تنقل عنه الأحاديث ” ، هذا وفق ما نقله أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ عن الرسول .ِ * ولكن حصل خلاف بين السلف والصحابة – حول ذلك ، فمنهم من أجازها ، ومنهم من نهى عنها ، ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جوازها ، وَزَالَ ذَلِكَ الْخِلاف . * وقيل ، إِنَّمَا نَهَى / الرسول ، عَنْ كِتَابَة الْحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة ; لِئَلا يَخْتَلِط ، فَيَشْتَبِه عَلَى الْقَارِئ فِي صَحِيفَة وَاحِدَة . * ومنهم من قال ، أن النهي كان وقت نزول الآيات خَشْيَة اِلْتِبَاسه بِغَيْرِهِ ، وَالإِذْن فِي غَيْر ذَلِكَ . * ولكن الرسول ، ذاته قال : ” اُكْتُبُوا لأَبِي شَاه ” وحديث صحيفة علي وَحَدِيث كِتَاب عَمْرو بْن حَزْم الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض وَالسُّنَن وَالدِّيَات .. وغير ذلك من الأحاديث ، أي أن الرسول أجاز كتابة الأحاديث .
القراءة الخاصة : 1 . رسول الأسلام ، دوما في آياته القرآنية ، كانت هناك تغييرات مرحلية ، وفق ما تقتضيه الظروف الزمكانية والمجتمعية ، مثلا : مراحل تحريم الخمر / أنقل التالي من موقع أسلام ويب { ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ / البقرة :219 ” . ومن ثم ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ / النساء:43 ” حتى نزلت الآية التالية التي تفيد في أجتناب الخمر ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ / المائدة:90 ” } . فمحمد يحلل ويحرم وفق ظروف المجتمع ومدى جذبهم للأسلام .. وذات الأمر حدث مع الأحاديث النبوية ، فبدءا نهى عن كتابة الأحاديث ... ولكن عندما يستدعي الحال أو الظرف ، الى كتابة الأحاديث أو نقل ” الأفعال والأقوال والسنن ” عنه ، فيقرها ، بغض النظر أن كان قد نهى عنها سابقا ، أم لا ! . 2 . من جانب أخر – وفي موضوع ذات علاقة ، نلحظ أن صيغة الآيات التالية ، أن المتكلم ليس الله / بل شخص ثان ، والتي من الممكن أن تكون أحاديث لمحمد ، درجت في القرآن ، على أنها آيات ، مثلا : { “َختَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ / 7 سورة البقرة ” وكذلك ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ / 1 سورة الملك . ” } .. هذه الآيات ممكن أن تكون أحاديث ، كتبت في صفحة واحدة مع آيات فعلية ! ، من ثم نقلت للمصحف على أنها آيات . بينما الآيات التالية / هي آيات فعلا، لأن المتكلم هو الله ، وهي تبدأ ب ” إِنَّا ” أو “ َلَوْ أَنَّا ” ، او غير ذلك .. فمثلا : { ” إِنَّاجَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ / 1 سورة يس ” . ” َلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا / 66 سورة النساء ” } .
خاتمة : أني أرى شخصيا ، لا يمكن فصل أو عزل أحاديث محمد عن آيات القرآن ، أي لا يمكن غربلة القرآن عن الأحاديث ، وليس من فرد يستطيع أن يحكم أو أن يقرر ذلك . واذا كان محمدا لا ينطق عن الهوى ” وما ينطق عن الهوى 3 * إن هو إلا وحي يوحى 4 / سورة النجم ” ، أي بمعنى أخر ، أن المادتين / الآيات والأحاديث ، هما من الله – وفق المعتقد الأسلامي . وأن نهي الرسول أولا عن نقل الأحاديث ، ومن ثم وافق على ذلك .. هو دليل على أنتاج مادة من الموروث – مستحدثة بين الآيات والأحاديث ، خاصة أذا سلمنا / جدلا ، بأن الرسول أمي – لا يستطيع أن يقرر من هي آية أو هو حديث ، كما أن أصحابه أصلا ، مختلفين فيما بينهم على موضوعة كتابة الأحاديث ، فكيف بالآيات الفعلية ! . نقطة رأس السطر .