أضاءة بين واقعين ” الحداثوي و الماضوي “

أضاءة بين واقعين ” الحداثوي و الماضوي “

* لا زال العرب / المسلمون تحديدا .. أئمة وشيوخ ورجال دين ، وكذلك المؤسسات الدينية كالأزهر ، والمرجعيات الدينية لمختلف المذاهب والطوائف والفرق الأخرى .. يركزون في حل معضلات القرن الواحد والعشرين ، معتمدين على نصوص وأحاديث وموروث ، قضى عليه الدهر لأكثر من 14 قرنا . والذي زاد الطين بلة ، أعتمادهم على فتاوى وأراء السلف الصالح ، وكذلك أعتمادهم على موروث أئمة أتباع أتباع التابعين . وكل ما سبق يعتمد ، على حقبة محمد أيضا ، وعلى ذات النصوص القرآنية وعلى ذات الموروث .. أي لا تجديد ولا تغيير لا في الفكر ولا في المضامين ! .

* الأضاءة الأخرى ، أن كل هولاء يقولون : بصيغة مثيرة للجدل ، وهي ، أنهم يحتكرون الحقيقة كلها ، ومنطقيا ليس من معتقد أو كتاب أو فرد .. يمتلك الحقيقة كلها ، فحتى القرآن ، ينص على ذلك بشكل أو بأخر ، ويوجه أتباعه من المسلمين ، في حال تعثرهم .. أن يسألوا الأخرين الأعرف والأعلم منكموَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ / 43 سورة النحل ” ، ومن جانب اخر ، يشير ألنص القرآني أيضا ، على الرجوع الى أهل الكتاب / اليهود والصابئة والمسيحيين ، بنص قرآني مباشر / في حال شكهم بموضوع معين ! فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ / 94 سورة يونس ” .. أذن الحقيقة ليست ملكا ولا حكرا على فئة دون أخرى ، لا على المسلمين ولا غيرهم ! .

* المؤسسات الأسلامية دوما ، ضد أي خروج من الشرنقة الماضوية للعقيدة الأسلامية ، فمؤسسة الأزهر حاربت كل أنفتاح ، وكل رفض للماضي سابقا ، حاربت طه حسين 1889 1973 م لأصداره كتاب في الشعر الجاهلي ، الذي شكك في معتقداتهم وثوابتهم ، ولكنه أنتصرعلى ظلامية وصنمية الأزهر وشيوخه .. وفي رثاء هذه القامة الفكرية الفذة ، كتب الشاعر نزار قباني : “ ارمِ نظارتيكَ ما أنتَ أعمى .. إنما نحن جوقةُ العميانِ ” . كما نفذوا جماعة الأخوان ،ومن كان بفلكهم ، أغتيال د . فرج فودة ، ودفعوا بمحاولة أغتيال نجيب محفوظ ، وعملوا على تهجير نصر حامد أبو زيد من مصر ، وعلى تطليقه من زوجته .. ومحاربة سيد القمني ونوال السعداوي وأسلام بحيري .. الحركات والمؤسسات الأسلامية ،تحارب كل فرد يحاول ان يسدل الستارعلى الفكر الماضوي .                                                                                                                          

* بعد عام 1928 برز الأمام حسن البنا / الذي يشك في أصول أسلامه ، فعن جريدة القبس ، أنقل التالي ( اتهام مؤسس جماعة الاخوان المسلمين الشيخ حسن البنا ، بانه يتحدر من أصول يهودية مغربية ، هو أتهام خطير للغاية لانه يمس زعيم اكبر حركة سياسية معارضة في العالم العربي ، ولأنه صادر عن مفكر كبير هوعباس محمود العقاد ” ) .     حسن البنا ، أسس جماعة الأخوان المسلمين ، التي كانت كارثة على الأمة العربية / ومصر تحديدا .. المهم مقولة :       ” أن الأسلام هو الحل ” ، التي تبنتها الجماعة ، وهذا القول كارثي لأن المسلمين منذ حقبة محمد والى الأن ، في حروب وصراعات متعاقبة ، فيما بين الصحابة ، وبين الصحابة وآل البيت .. وأعقبتها حروب السلطة والحكم بين الامويين والعباسيين .. والأن حروب عربية – عربية . ومعظم وضعهم منذ تلك الحقب والى الأن ، كان الأسوأ ، أقتصاديا وأجتماعيا وعلميا .. فلا أدري كيف يكون الأسلام هو الحل ! ، وهو لم يعالج لا صراعات الماضي ، ولا مشكلات الحاضر .

خلاصة القول :                                                                                                                        هناك واقعين متضادين في حراكمحتدم دائم ، وهما :-                                                                                      الواقع الأول : رهط حداثوي من المفكرين والأدباء والباحثين .. الذين خلعوا جلباب الماضوية ، وأخضعوا كل نص أو حديث ، ولنقل كل الموروث الأسلامي .. للتمحيص والتدقيق والدراسة ، يعتمد بعضهم على الفكر الديكارتي ” الشك يوصل لليقين ” ، وأخرين أتبعوا المدرسة العقلانية التي ” تقدم العقل على النقل ” ، وأيضا هناك من قال ” أن القرآن نص تاريخي ” .. كل جمهور هذا الرهط ، هو رهط نخبوي حداثوي منطقي عقلاني .                                                                                                                              الواقع الثاني : رهط لا زال يعيش الماضي في حاضره ، أي رهط غايته أستحضار الماضي ، بعيدا عن الواقع الذي يعيشه ، هذا الرهط تبعيته للقدماء – فهل السلف والأئمة والشيوخ لديهم حلول لمشاكل العصر الراهن ! . كما أن هذا الرهط يقدس النصوص والأفراد ، بعيدا عن متطلبات الزمان والمكان .. أن الأسلام أمة ماضوية ، وقد قال المفكر السعودي عبد الرحمن منيف ” أنالعرب أمة تعيش في الماضي ، وان التاريخ يلهمها أكثر ممن يعلمها في الواقع ، لذلك فهي لاتحسن التعامل مع الزمن الذي تعيشه ، وهذا هو السبب في تخلفهاوكان من المفروض على منيف أن يقول أن العرب المسلمين أمة ...                                                                                                                             أن أجماع الأمة / من كل الفئات ، ينظر الى هذا الصراع الفكري المحتدم بين الواقعين ، بعين المراقب : فمنهم مع الواقع الأول / الحداثوي ، قلبا وقالبا ، أما الغالبية / خاصة من المجهلين و المغيبين ، فهم مع الواقع الثاني / الماضوي .. لأنهم ولدوا على دين أبائهم وأجدادهم ، وهم لا يفكرون ، لأنهم فاقدين للوعي ! .                                                            

السؤال : متى يبزغ نور العقل على ظلامية موروث فكر القبور ! ، ومتى تسود : “ كلمة العقل المؤطرة بالمعرفة ، على     ثقافة القتل المؤطرة بالدم ” .

أحدث المقالات

أحدث المقالات