18 ديسمبر، 2024 9:18 م

أضاءة .. بين تجديد الخطاب الأسلامي و الأصلاح العقائدي

أضاءة .. بين تجديد الخطاب الأسلامي و الأصلاح العقائدي

الموضوع : يمكن القول أن من مهام الأزهر / المشيد في مصر سنة 972 م ، أو الزيتونة – مشيخة الجامع الأعظم / المشيد في تونس سنة 698 م ، أو مرجعية النجف / المقامة في النجف سنة 1038 م في العراق .. أو غيرهم من الصروح الأسلامية ، أن تكون هذه المؤسسات الدينية هي التي تتحمل لوحدها – أئمة وشيوخا ومناهجا ، العبأ الأكبر والقدر الأكثر ، في تجديد الخطاب الأسلامي ، ولكن هل من المنطق أن نختصر الأمر بأجمله بهذه الحواضر الأسلامية ، وهل في مقدورها أن تقوم بهذا الفعل ، وهل من مصلحتها أن تخطو خطوة في هذا الطريق ، ومن جانب أخر ، هل نحن في حاجة الى تجديد للخطاب الأسلامي ، أم نحن في حاجة الى أصلاح عقائدي ! .. سأسرد بعض الأضاءات لهذا الشغل الشاغل الذي كلما هدأ أنفجر .
الأضاءات : 1 . الواقع الأسلامي في طرق متقاطعة ، ولتمثيل مسار هذه الطرق : فالسلفيون يدعون الى الرجوع الى ماكان عليه السلف والتابعين ، والأزهر مثلا ، هناك دعوات خجولة في عمل بعض Make up على موروث متهرئ دون المس بأساساته ، لأنه يمثل ركنا من ثوابت العقيدة ، والمتنورون من الشيوخ ، ينقدون بعض الموروث لعدم ملائمته مع الواقع ، أما المجددون من المفكرين ، فيأملون بأفكارهم قلع هذا الموروث الماضوي . هذه بعض التقاطعات وهناك تصورات أخرى. 2 . الصورة سوداوية الرؤية ، و لا زال الواقع على ما هو عليه ، فعملية الترديد والتلقين والتحفيظ للموروث مستمرة ، ولا زال معمولا بها ، من قبل شيوخ المؤسسات الأسلامية ، أي هناك تغييب للعقل والمنطق بالنسبة للمتلقي ، أن كان طالبا أو تابعا أو متعبدا ، فالأمر يشبه بشكل أو بأخر ” الكتاتيب ” مع بعض الأضافات ، من أجل ملائمتها للواقع الحضاري . ومن المرويات اللاعقلية والبعيدة عن المنطق / مثلا ، أسراء ومعراج محمد لبيت المقدس ، وركوبه لطائر البراق ( ورد وصف البراق الذي ركبه النبي في الصحيحين ، فروى البخاري ، ومسلم ، واللفظ لمسلم ، عنه قَالَ : أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ ، طَوِيلٌ ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ، قَالَ : فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، قَالَ : فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ . وعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ بِالبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ، مُلْجَمًا ، مُسْرَجًا ، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا ؟ فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ ، قَالَ : فَارْفَضَّ عَرَقًا .. / نقل بأختصار من موقع الأسلام سؤال وجواب ) . 3 . أربعة عشر قرنا ، من التراكمات الصنمية والقصص والسرديات والروايات والأحاديث ، وصل الأمر ببعض الشيوخ الى أعتبار التعرض لهذا الموروث ، ضربا من ضروب أزدراء الأديان ، علما أن هذا الموروث موبوء بالكثير من أفكار التكفير والأقصاء ونبذ الأخر والتخيير بين القتل أو دفع الجزية مع الذمي .. مما أولد ما يسمى بثقافة القتل وشطب مبدأ المواطنة . ومن الأحاديث الدموية التي تثقف بالعنف ( أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ ) . 4 . من الضروري وجود أفكار تطبق بواسطة أليات وطرق وسبل حداثوية في مناهج المؤسسات الأسلامية الماضوية ، تحوي هذه الأفكار على العلوم العقلانية والمنطق ، لغرض التحليل العلمي لأي رواية من الموروث الأسلامي ، وذلك من أجل أعمال العقل في فهم أي نص ، مع العمل على ألغاء عملية الترديد السلبية للطالب أو المتلقي . وأرى أن يطبق مبدأ الشك الديكارتي على كل الموروث الأسلامي لفلترته ، وعلى مراحل ( إن الشك هو عدم التيقن من المعرفة ، فالمعرفة اليقينية لا شك فيها ، وكان ديكارت أول من قدم الشك ضمن منهجية متكاملة ، وقدم ديكارت نظريته في المعرفة من خلال الشك كخطوة أولى ، والشك الديكارتي يتميز عن الشك الفلسفي اللاأدري الذي مارسه الكلبيون والسفسطائيون ، والمقصود بالمنهجية في الشك الديكارتي أنّ المعرفة هي الهدف من الشك ، وليس الشك من أجل الشك .. / نقل من موقع موضوع ) . 5 . وبصدد المنظمات الأرهابية ، فقد أتخذت معظم المؤسسات الدينية موقفا ضبابيا تجاه هذه المنظمات – كالقاعدة وداعش .. وهذا الوضع أشر موقفا سلبيا من قبل هذه المؤسسات تجاه منظمات قتلت وذبحت وسحلت وصلبت ، مسلمين / سنة وشيعة ، ومسيحيين ويزيديين .. ، وهذا الأمر كان من الأولى أن يكون من مهام هذه المؤسسات ، ولكنها أكتفت ببيانات ركيكة لا ترقى للموضوعية التي كان من الواجب أن تتصف بها .. وهذا دليل على أبتعاد هذه المؤسسات عن أي خطوة جدية من خطوات التجديد أو الأصلاح الديني . الخلاصة : أولا – لم يكن هناك أي تجديد فعلي للخطاب الأسلامي مطروح على الساحة الفكرية الأسلامية من قبل المؤسسات الدينية ، وذلك لأن رجال وشيوخ الدين لم يؤمنوا بالتجديد ، وهم دائما مع التصور التام للرجوع الى الموروث ، وعدم قطع الصلة مع مروياته . وحتى لو كان هناك تجديد ، فهو مجرد طلاء لما صدأ من أحاديث ونصوص ، ويبقى الأصل على ما هو عليه.
ثانيا – أرى أن عملية تجديد الخطاب الأسلامي عقيمة ، لعدم جدية الشيوخ في أتباعها ، كما أنها ليست في مصلحتهم ، وذلك لأنها تقلل من مراكزهم ومكاسبهم ! . وما نحن بحاجة أليه هو الأصلاح العقائدي للدين ذاته ، وهذا الأمر قد تحدث عنه رسول الأسلام ( جاء في كتاب ” الملاحم ” لأبي داود أن النبي قال : ” يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ” .. هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة المشهورة ، يرويه الصحابي أبو هريرة / نقل بأختصار من موقع الأسلام سؤال وجواب ) ، هذا ما نحن بحاجة أليه ” تجديد دين الأمة ” ، وهذا الأمر يحتاج الى رجال يؤمنون بالتطور والأصلاح والحداثة ، وهذا الأصلاح يجب أن يشطب أو يحجب كل النصوص والأحاديث : التي تلغي وتكفر الأخر ، وكل آيات القتل والدم والسيف ، و موضوعة مفهومي الذمي والجزية .. وكل ما يشير الى الكراهية والأقصاء والعنف ، وذلك من أجل أن يتعايش المعتقد الأسلامي مع المعتقدات الأخرى ، أضافة لمواكبته للواقع المجتمعي المتحضر المعاصر .. نقطة رأس السطر .