18 ديسمبر، 2024 10:52 م

أضاءة بين الجاهلية والأسلام

أضاءة بين الجاهلية والأسلام

أن السكوت عن قول كلمة الحق لعدة قرون ليس معناه أن الواقع كان حقا / كاتب المقال
المقدمة :
يعكس مصطلح ” الجاهلية ” الذي يطلق على حقبة قبل الرسالة المحمدية ، أشارة سلبية حضاريا – أي من جميع نواحي الحياة الفكرية والمجتمعية ، وأرى أن هذه التسمية ، أطلقت بصورة عاطفية من قبل رجال الأسلام ، وذلك حتى تعطي للحقبة المحمدية أشراقا عكس ما كان عليه العرب قبل ذلك ! .. فهل هذه التسمية حقا منطقية أم أنها تسمية غير علمية ، جانبت الصواب للواقع الحقيقي لمجتمع ما قبل محمد ورسالته ! .. هذا ما وددت أن أبحث فيه في هذا البحث المختصر .

القراءة الأولية :
أولا – نعم كان هناك عبادات وثنية ، قبل الأسلام وأستمرت هذه المعتقدات الوثنية لما بعد رسالة محمد ( حيث غزت الوثنية شبه الجزيرة العربية ، فاتخذت العرب الأصنام آلهةً من دون الله ، والأصنام مجسماتٌ مصورةٌ على هيئة بشرٍ أو حيوانات ، واتخذت القبائل أصنامًا لكلٍ منها ، واشترك بعضها في عبادة أصنامٍ معينةٍ ، كعبادة قريش وكنانة للعُزى ، وكان لقبول قريش أصنام مختلف القبائل ووضعها في الكعبة وحولها أثرٌ بارزٌ في نجاح مواسم الحج في مكة ؛ تشير مصادر التاريخ إلى إن عبادة الأصنام دخلت إلى شبه الجزيرة العربية عمومًا ، عن طريق “عمرو بن لحي الخزاعي” ، ومن أشهر أصنام العرب قديمًا : سواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، واللات والعزى ، ومناة ، وهبل ) / نقل بأختصار من موقع سطور .
ثانيا – لكن بذات الوقت كان هناك أديان سماوية ، أشار أليها موقع https://chababnet.yoo7.com/t3-topic ( حيث كانت الجزيرة العربية منذ أقدم الأزمنة معبراً للقوافل وعلى اتصال وثيق بجيرانها ، فانتقلت إليها الأديان ، الأمر الذي كان له أثر كبير في التلونات الاعتقادية في شبه الجزيرة ، وقد تجلى هذا التأثير في اعتناق بعض أبناء الجزيرة للمسيحية واليهودية إلى جانب الحنيفية.. وانتشرت ” اليهودية ” على وجه الخصوص في اليمن عن طريق اتصال ملوك حمير بيهود يثرب ، وتذكر المصادر أن جماعات منهم هاجرت إلى بلاد العرب الشمالية والحجاز بعد أن دمر الرومان أورشليم “القدس”عام 70 للهجرة ، واستقرت في يثرب ووادي القرى وخيبر وفدك وتيماء . كذلك كان هناك “المسيحية” ، وتطلق على الدين المنـزل من الله على عيسى وكتابها الإنجيل ، انتشرت المسيحية في بادئ الأمر في المناطق التي عاش فيها العرب جنباً إلى جنب مع عناصر يونانية أو رومانية ، ويرجع انتشارها في تلك المناطق إلى التأثيرات التي مارستها ثلاث مراكز مسيحية مجاورة لبلاد العرب ” الشام ، العراق ، الحبشة ” . وكان هناك ” الأحناف ” وهم على دين النبي إبراهيم القائم على التوحيد ، والأشخاص الذين كانوا على الحنيفية ، كما تشير إليهم المصادر ، كانوا خليطاً عجيباً من أمم مختلفة ، بعضهم عرب وبعضهم شعوب أخرى .. ) . * أذن المجتمع القبلي لم يكن وثنيا صرفا ! ، بل كان مجتمعا متنوع عقائديا ، ولم تذكر المصادر التأريخية من وجود نوعا من التكفير أو الأجبارعلى أعتناق أي دين معين فيما بين القبائل ، وهذا يشير الى مساحة الحرية المعتقدية التي كانت سائدة أنذاك ، وهذا يدلل على تقدم فكري عما عليه في الأسلام ، حيث أصبح الأسلام هو الدين الوحيد ! ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ / 19 سورة آل عمران ) ، فكيف لرجال الأسلام أن يطلقوا على تلك الحقبة تسمية الجاهلية ! .
ثالثا – وكان هناك قبل الأسلام ممالك لها شأن حضاري مميز وأكثر تطورا من دولة الأسلام ذاتها ، ومنها : ” دولة الغساسنة ” وتدين بالمسيحية الأرذوكسية ( بدء الغساسنة في تأسيس مملكتهم بدءا من عام 220 م ، واستمروا في توسيع أراضيهم حتى بلغت كل من الأردن وجنوب سوريا ، وغوطة ، ودمشق ، وسهل حوران ، والجولان ، ويُقال أنهم وصلوا إلى منطقة خيبر في غزواتهم ، واختار الغساسنة جيبة الجولان لتكون عاصمة لمملكتهم الواسعة ، ومن ثم نقلوا العاصمة من بصرى الشام إلى الجولان ، وأول ملوكهم جفنة بن عمرو ، ومن اهم شعرائهم جذم بن سنان الغساني وعبد المسيح بن عمرو / نقل بأختصار وتصرف من موقع https://www.thaqaf-ar.com ) . وكان هناك أيضا ” مملكة المناذرة ” وتدين بالمسيحية النسطورية ( وهي إحدى الممالك العربية القديمة التي ظهرت بعد الميلاد ، واتخذت من بلاد ما بين النهرين / العراق ، حالياً موطناً جغرافياً لها ، وتعد من أقوى الممالك العربية قبل الإسلام ، واستمرت لفترة زمنية بين القرنين الثالث والسابع الميلادي ، أي منذ (268 – 633) م ، من أهم ملوكها جذيمة بن مالك ، ومن أهم شعرائها أمرو القيس والنابغة الذبياني/ نقل بأختصار وتصرف من موقع https://almoheet.net ).
رابعا – أرى أن الحقبة المحمدية كانت أمتدادا للحقبة الجاهلية ، فليس من بعد حضاري بين الأثنين وهذا يتمثل بالمواضيع التالية / التي تشترك بها الحقبتين مع بعض الأختلافات ، التي سأعرضها على سبيل المثال وليس الحصر : * الحج ، هو أمتداد منذ القدم – منذ سيدنا أبراهيم ، فحقبة ما قبل الأسلام ومن ثم الأسلام . فمن موقع / موسوعة ، أنقل مختصرا لمقال ل أمل سالم ، تحدثنا بما يلي ( الحج معروف منذ زمن سيدنا أبراهيم ، ولكن بمرور الزمن تبدل الحال إلى غيره ، فإذا بعمرو بن لحى يُدخل الوثنية وعبادة الأصنام إلى بيت الله الحرام ، لدرجة أن أصبحت الكعبة من أكبر المتاجر التي تُعرض بها الأوثان بمختلف أشكالها وألوانها . أما الحج فتغيرت مناسكه تمامًا عن عهد سيدنا إبراهيم ، فإذا بالعرب قبل الإسلام يأتون للكعبة فيطوفون بها سواء كان بالملابس التي يمنحها لهم قريش ، أو عراة دون كسوة تمامًا . وبعدما ينتهون من الطواف تبدأ مرحلة السعي ما بين الصفا والمروة ، ومن ثم يقفون على عرفة ، ويذبحون الذبائح ليضعوا أيديهم بدمائها ومن ثم يضعوها على الكعبة اعتقادًا منهم أنهم بذلك يتقربون إلى الآلهة .. ) . وهنا التشابه واضح في مناسك الحج الأساسية بين حقبة ما قبل الأسلام وبين حقبة الدعوة المحمدية . * البغاء ، أيضا هو أستمرار من قبل الأسلام ، وحتى زمن الدعوة المحمدية ، فقد كتب فرحات عثمان في موقع / نفحة ، عن موضوعة البغاء ، وبين أنه لا تحريم للبغاء في النص القرآني ( من الثّابت عند الفقهاء المسلمين أن التّحريم لا يكون إلا بحكم ، فإذا انعدم الحكم ، انعدم التحريم ؛ ولا تحريم للبغاء في القرآن . فكل ما فيه هو الحثّ على عدم الإكراه عليه ، مما يعني طبعًا أنه حلال لا حرام ، لأن الحلية تبقى الأساس والتحريم الاستثناء في الدّين القيّم . لنقرأ ما نجد في الغرض في محكم الكتاب ، وهي الآية 33 من سورة النّور: ” وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ” .. ) . * موضوعة تبادل الزوجات أستمر ، تحت مسمى أخر وهو التطليق ثم الزواج ، وهذا حدث حتى بين الصحابة والخلفاء ، ففي موقع / الكلمة نت ، يبين أن بعض النساء تزوجن ثلاثة أو أربعة أو خمسة مرات – أنقل التالي بأختصار وتصرف :
• عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل تزوجت خمسة : عبد الله بن أبي بكر ، عمر بن الخطاب ، طلحة بن عبيد الله ( أحد المبشرين بالجنة ) ، محمد بن أبي بكر ( شقيق عبد الله بن أبي بكر ) ، عمرو بن العاص .
• أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط تزوجت بأربعة : زيد بن حارثة ، الزبير بن العوام ( أحد المبشرين بالجنة ) ، عبد الرحمن بن عوف ( أحد المبشرين بالجنة ) ، عمر بن العاص .
• عائشة بنت طلحة بن عبيد الله تزوجت بثلاثة : عبد الرحمن بن أبي بكر ، مصعب بن الزبير بن العوام ، عمر بن عبيد الله .
• أم كلثوم بنت علي تزوجت بثلاثة : عمر بن الخطاب ، عون بن جعفر الطيار بن أبي طالب ، وتزوجت من أخيه محمد . المتفحص للوضع السابق ، يتيقن أن المرأة ليس عيب عليها أن تتزوج بعدة رجال خلال حياتها ، ولكن المحرج أن الرجال معظمهم من أعلام الأسلام ، وأيضا لا خجل للمرأة أن تتزوج بشقيق طليقها ! . فهل أن الأسلام هو حقبة الأخلاق والقيم وزمن الجاهلية هي الفترة المظلمة لتأريخ العرب ! ، أعتقد أن القارئ يستطيع أن يحكم من ذات نفسه ! ، والتساؤل الأبرز في هذا المقام ، أي قيمة وأي عفة للمرأة ، التي يطأها خمس رجال !! . * السبي ، أن السبي معمول به منذ القدم ، وأستمر الى الحقبة المحمدية ، بل الى الأن / متمثلة بنهج داعش ، وقد ذكر ذلك بأسهاب د . هاشم الدراجي – في كتابه الموسوم ” سبي النساء من الجاهلية الى نهاية عصر ” / يمكن الأطلاع عليه ، ولكن هناك شرح مقتضب سأورده بهذا الصدد ، وذلك في موقع / الأسلام سؤال وجواب ( جاء في الموسوعة الفقهية ” : فالفقهاء في الغالب يخصون السبي بالنساء والأطفال ، والأسر بالرجال .. والأصل أن من لم يشارك في القتال فلا يقتل .. وإذا أخذ المسلمون الغنائم فإن من يوجد فيها من النساء والأطفال يعتبر سبيا . والسبي لا يختص بزوجات المقاتلين ، ولا بمن وجدت في أرض المعركة ، فكل نساء العدو من أهل البلاد والحصون المفتوحة عنوة ، يدخلن في هذا الحكم . وقد كان هذا معمولا به في الجاهلية عند جميع الأمم ، ولا يخصون ذلك بالحرب ، فجاء الإسلام وحصره في حال حرب الكفار بعد أن يعرض عليهم الإسلام والجزية .. ) . أذن السبي مستمر في الحقبتين ، ولكن الأسلام أضاف عليه ، من أن كل النساء / حتى من كان خارج المعركة ! ، يخضعن تحت مسمى السبي . * الرق ، وهو معمول به قبل الأسلام وغير محرم وفق النص القرآني ، وقد جاء في موقع / طريق الأسلام والجواب ، التالي ( هو أنه لا يوجد أصلا نص ولو كان غير صريح يحرم الرق في الإسلام ؟ إن دلائل مشروعية الرق كثيرةٌ كتاباً وسنة ، واتفق على جوازه المسلمون عبر العصور ، وكان المسلمون أفضل من عامل الرقيق ، ولو تأملت كتب الفقه والحديث وغيرها من كتب أهل الإسلام التي تناولت أحكام الرقيق لرأيت قمة السمو في التعامل وقمة الرحمة ، وكيف حث الإسلام على عتق الرقيق ورتب عليه من أنواع العبادات والثواب .. ) . فقهاء المسلمين دائما يضعون هالة التمييز على أفعالهم المثيرة للجدل حيث وصفت ب”قمة السمو” والرق مثال على ذلك . * اللباس ، نلحظ هناك تخصيص معين للباس زوجات الرسول تحديدا ، أما الباقي فمن المتتبع كانوا يرتدين جلالبيب قصيرة ، وكما يذكر د . سيد القمني ، في أحدى حواراته التلفزيونية ، بأن النساء كن بلا ألبسة داخلية ! وفي موقع / صيد الفوائد ، حول أحكام اللباس ، أورد التالي وبأختصار( يجب على كل من الزوجات وهن زوجات النبى وبناته ونساء المؤمنين إدناء الجلابيب عليهن أى إرخاء الجلابيب على أرجلهن والمراد تطويل الجلابيب حتى تغطى السيقان تماما والسبب أن يعرفن فلا يؤذين أى أن يعلمن فلا يصل لهن ضرر أى عقاب على الكشف لبعض العورة التى يجب إخفائها ، وقد جاء بسورة الأحزاب ” يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين “) . الموضوع واضح من أن باقي نساء المسلمين لباسهم يختلف عن لباس آل بيت الرسول والمؤمنين ، أي قد تبان عوراتهم!.
القراءة الختامية : 1 . بداية لا يمكن أن نطلق على حقبة ما قبل الأسلام بالجاهلية ، وذلك لعدم وجود فجوة مطلقة بين الحقبتين ، وحتى لو سلمنا جدلا بهذه الفجوة ! ، فأن هذه الفجوة مجسرة ، مما يجعل القارئ أن لا يلحظ بأي أختلاف بنيوي – فكريا ومجتمعيا ودينيا ، فقط المشهد الديني في الحقبة المحمدية ، تميز بشكل أساسي ، بوجود معتقد أخر أضيف لما هو موجود أصلا من اليهودية والمسيحية والأحناف والوثنية ، ألا وهو الأسلام . أما باقي الظواهر والتي ذكرت قسما منها في ” الفقرة رابعا ” في أعلاه ، فهي أمتداد مجسر لها من ما قبل الحقبة المحمدية ، مع تغييرات هامشية بالتفاصيل . ويمكن أن نقول أن النص القرآني كان له دورا مؤثرا في التنبيه الى موضوعة ( وأد البنات ) ، وفق الأية التالية من سورة التكوير ” وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8) ” ، فهذا الأمر يحسب لحقبة محمد ، كعلامة مميزة فارقة ورئيسية بين الحقبتين .

2 . يمكن أن يكون هناك فجوة بين مشهدين أخرين ، وهما حقبة ما قبل محمد ، أي الفترة الجاهلية ، وفترة تأسيس الدولة – بالمعنى المعروف ، وهي حقبتي العهد الأموي 661 – 750 م ، والعهد العباسي 750 – 1517 م ، هنا من الممكن أن نقول هناك فارق سياسي ومجتمعي وفكري بين هاتين الحقبتين – ما قبل وبعد الأسلام ، حيث أن الحكم كان قد تشكل تحت مسمى محدد وكانت هناك دولة وقادة ودواوين ، وكان هناك نظام ، بالطبع تطور مفهوم الدولة الى أن وصل لزهوه ، في عصر الخليفة هارون الرشيد 786 – 809 م ، وعصر أبنه عبدالله المأمون 813 – 833 م .
3 . العرب قبل الحقبة المحمدية ، كانت تعتمد على التجارة والغزو كحياة قبلية ، وفي حقبة محمد أعتمدت أكثر على الغزو دون التجارة ، فرسول الأسلام منذ الدعوة / وهوبالأربعين من عمره ، والى وفاته / 11 هجرية ، وهو بالثالثة والستين – ففي فترة 23 عاما ، غزا الرسول بعدة غزوات ، فيحدثنا موقع / موضوع ، بهذا أنقله باختصار (عدد غزوات الرسول التي شارك بها يبلغ 28 غزوةً ، أشرف على بعضها دون أن يشارك بنفسه ، وقاتل بعدد منها بنفسه .. / وفق [صحيح مسلم] ) . وهنا نلاحظ ، أن الحياة قبل الأسلام كانت أقل عنفا ، بينما الرسول غزا أكثر من غزوة في كل سنة من سنين البعثة النبوية ! . ومن مظاهر العنف في حقبة محمد ، مثلا مقتل أم قرفة بأيعاز من محمد( في الطبقات الكبرى لأبن سعد يشير – ذِكْرُ مَنْ قَتَلَ أُمّ قِرْفَةَ ، قَتَلَهَا قَيْسُ بْنُ الْمُحَسّرِ قَتْلاً عَنِيفًا ؛ رَبَطَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا حَبْلاً ثُمّ رَبَطَهَا بَيْنَ بَعِيرَيْنِ وَهِىَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ فشقها شقا ..). ، كذلك قتل كعب بن الأشرف بطريقة الأغتيال والخيانة من قبل أخيه بالرضاعة وبأمر من محمد ، فقد جاء في موقع / أتباع المرسلين ، أنقله بأختصار( وانتهت المفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف ، فهتف به أبو نائلة ، فقام لينزل إليهم ، فقالت له امرأته ـ وكان حديث العهد بها‏ :‏ أين تخرج هذه الساعة ‏؟‏ أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم‏ .‏ قال كعب‏ :‏ إنما هو أخي محمد بن مسلمة ، ورضيعي أبو نائلة ، إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب ، ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه .. وأدوا مهمة قتله ).‏

الخاتمة : في ختام هذا البحث المختصر ، أرى أن حقبتي الأسلام والجاهلية ، هما أمتداد تأريخي وأجتماعي لا يمكن العزل بينهما ، وليس من المنطق أن تدعى حقبة قبل الأسلام بالجاهلية ، بل أرى أن تدعى ” حقبة ما قبل الدعوة المحمدية ” ! ، أما الفارق الذي ميز الحقبة الأسلامية عن ما سبقها ، وأصبح سمة لها ، هو أقتران مبدأ الغزو وفتح الأمصار في الحقبة المحمدية بمبدأ عقائدي ، ألا هو الجهاد ، فقد سكبت النصوص القرآنية سكبا التي تحث على هذا النهج ، ويوجد عشرات النصوص ، منها الآية التالية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ / 35 سورة المائدة ) ، هنا أقترن الغزو – الفعل الحربي العدائي بقرينة دينية ، لا يمكن للمسلم الأنفلات أو الأنسلاخ منه ! ، من جانب أخر ، أن آيات الجهاد هي التي جندت الكم البشري لأغراض سياسية وتوسعية وعدوانية ، وتمخض عنها السبي والجزية ، ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 / سورة التوبة ) ، وبالنتيجة ساعدت على تكوين المنظمات الأرهابية الأسلامية كالقاعدة وداعش .