أستهلال :
شاهدت لقاء د . يوسف زيدان مع الأعلامي المصري وائل الأبراشي في 15 أبريل 2020 ، ببرنامج ” التاسعة ” ، وقبل أن أبين الغاية من هذه الأضاءة ، أرى أن أسرد نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية ، ( الدكتور زيدان من مواليد 1958 سوهاج – مصر ، أستاذ جامعي ، كاتب و فيلسوف ، متخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه ، له عدة مؤلفات وأبحاث علمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي ، عمل مديراً لمركز المخطوطات بالإسكندرية في مكتبة الإسكندري ، له مؤلفات تقترب من الستين وأبحاث تزيد عن الثمانين ، يعتبر د . زيدان أحد أهم الباحثين والمفكرين والروائيين المصريين بأعماله التاريخية والفهرسية والروائية ، عاش في الإسكندرية ودرس فيها الفلسفة وحصل على الماجستير والدكتوراه والأستاذية في الفلسفة الإسلامية / نقل بتصرف من موقعيwww.arageek.com والمرسال ) . الموضوع : سأسرد ” بعضا ” مما دار في اللقاء أعلاه ، دون أي أضافة أو تعليق ، ومن ثم سأبين قراءتي الخاصة حوله ، حيث ذكر في حديثه من أن الجهاد موجود أيضا في المسيحية ، وسرد آية قال أنها موجودة في العهد الجديد / الأناجيل ! ، وحتى نكون منطقيين سوف أسرد أهم ما دار في اللقاء وذلك حتى نعرف السياق الذي ورد فيه موضوع الجهاد في المسيحية ، قال : ( أن شعب مصر 10 % منهم متخلفين – أي 10 ملايين نسمة ! ، هناك مدن لدول تحتاج أن تولع فيها / أي تحرقها ، لا توجد مؤسسات في الأسلام / ويقصد الأزهر ودار الأفتاء والوقف – وكذلك الحال في المسيحية ، في زمن الوباء يجب الرجوع للأطباء وليس لشيوخ الدين ، قلقه من وصاية شيوخ الدين علينا وقال : ” يجب عدم ركوب شيوخ الدين لعقولنا ! ” ، كقراءة الدعاء قبل ممارسة الجنس مع الزوجة ودعاء الدخول للغرف .. ! ، وبين أن ” رجال الدين ودوا الناس في داهية ” ) ، وحول رأيه في العمليات الأرهابية قال : ( يجب أن لا أقول عمليات أرهابية بل عمليات أجرامية ، لأن في حال ذلك نعطيها المرجعية الأسلامية ، وأستشهد ببعض النصوص منها : ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ .. / 10 سورة الانفال ” وحديثي الرسول : ” وجعل رزقي تحت ظل رمحي ” ، ” لقد جئتكم بالذبح ” .. ، وتكلم عن ” الجهاد .. ” بأسهاب ، وقال أنه موجود حتى في المسيحية ، وبين عن وجود آية في العهد الجديد / الأناجيل – تنص ” جاهد في سبيل يسوع ، كما يجاهد الجندي الصالح في سبيل وطنه ” ، ثم أنتقد مما قاله شيوخ الأسلام من أن : ” الصيام يقوي المناعة “..) . القراءة : أولا – كان د . زيدان غير موفقا بوصفه للشعب المصري بأن 10 % منهم متخلفين ! ، وكان الأحرى به مثلا أن يقول ” أنهن أميين أو ضعيفي الوعي والأدراك ” وهو العالم بذلك ! ، كما أنه لم يعطي سببا واحدا لهذا التخلف ! ، ألم تكن سيطرة المفاهيم الدينية الأسلامية على العقلية الأجتماعية قد جهلت وسطحت هذه الطبقة من المجتمع المصري ، وجعلته حتى يرفض ويكفر المشاركين لهم في الوطن / الاقباط ! . كذلك ليس من الأنسانية أن يقول ” بحرق مدن لتخلفها ! ” ، بل أن يضع أسسا لكيفية النهوض بها وليس بمحوها من الوجود ! . ثانيا – كان مصيبا حول تحكم رجال الدين الأسلامي على عقلية المسلمين في مصر ! ، فشيوخ الأسلام ساهموا في تجهيل العقلية المجتمعية المصرية بفتاوى مقرفة ، حيث أصبح رجال الدين يتسللون في دقائق الأمور الحياتية للفرد المسلم . وكان مصيبا أيضا في رأيه بعدم تأييده بوجود مؤسسات أسلامية / الأزهر ومجلس الأفتاء والوقف ، وذلك لدور هذه المؤسسات السلبي على المجتمع ! ، ولكنه شمل بذلك أيضا دور المؤسسة الدينية في المسيحية ، وهذا غير صحيح وذلك لأن الدور المؤسساتي للمسيحية هو دور رمزي وغير مؤثر ، بما في ذلك الفاتيكان ، ولكن كان هذا الدور قويا ومؤثرا في القرون الوسطى ، عندما كانت للكنيسة دورا دينيا وسياسيا ! . الجهاد في المسيحية : هذا المحور هو المهم بل الأهم في هذا المقال ! ، وذلك لأن الدكتور يوسف زيدان أعطى معلومات ليست خاطئة ، بل معلومات ، أراها نوعا من التزوير والتحريف في كتاب يعد مقدسا أسلاميا ، ألا هو الأنجيل ” نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3)سورة آل عمران ” ، وقال في سياق كلامه عن المنظمات الأرهابية / والتي سماها المنظمات الأجرامية ! ، قال الجهاد موجود في المسيحية أيضا ، وأردف قائلا ، أفتحوا الأناجيل هناك آية تنص على الجهاد : ” جاهد في سبيل يسوع ، كما يجاهد الجندي الصالح في سبيل وطنه ” ولكنه لم يذكر في أي أنجيل ! .. ولكن في الأنجيل لا توجد أي آية تشير الى الجهاد بمفهومه المتداول / والذي سأوضحه لاحقا ، فهل من المعقول مفكر بهذا القدر من المستوى الفكري والدراسي أن يختلق أية حسب هواه !! / وشخصيا أنا سردت سيرته الذاتية وذلك حتى أبين أن هكذا أخطاء لا يقع بها شخص بهذا الحجم من الثقافة والفكر ، كذلك من الممكن لأي شخص أن يتصفح الأنجيل ، وعندما لم يعثرعلى هكذا آية فبماذا سينعت الدكتور زيدان ! ، وفي موقع / دعوة للجميع ، يوضح النوع المتميز والخاص للجهاد في المسيحية ( ولقد ربط الكتاب المقدس الجهاد في المسيحية بالإيمان وحياة القداسة والطهارة والحب لكل الناس حتى الأعداء . إن الجهاد في المسيحية معناه الجهاد ضد الخطيئة . لا يوجد في المسيحية أي نوع آخر من الجهاد سوى الجهاد ضد الأثم وضد شهوات الجسد والكراهية والبغض والحقد والحسد والزنى والذم في الآخرين والقتل والأضطهاد . إنه الجهاد الذي يصل بالانسان إلى حياة الألتصاق بالله والحب والنقاء والصفاء والسلام الكامل الداخلي مع الله والناس ) ، ويقول المسيح حول الجهد في المسيرة الحياتية بأنجيل ( لوقا 13: 24) : “ ابْذِلُوا الْجَهْدَ لِلدُّخُولِ مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَسْعَوْنَ إِلَى الدُّخُولِ ، فَلاَ يَتَمَكَّنُونَ” ، ويقول أثناء محاكمته في إنجيل يوحنا 8: 35-36)1 ) “فَقَالَ بِيلاَطُسُ : “ وَهَلْ أَنَا يَهُودِيٌّ ؟ إِنَّ أُمَّتَكَ وَرُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ سَلَّمُوكَ إِلَيَّ . مَاذَا فَعَلْتَ؟” أَجَابَ يَسُوعُ : “ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ . وَلَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ ، لَكَانَ حُرَّاسِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ . أَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هُنَا”. ، وهنا يؤكد المسيح ان مملكته ليست دنيوية بل سماوية ، أي بمعنى ” لا جنود ولا قوم ولا أتباع يجاهدون في سبيله لتخليصه من الصلب ! ” ، أما تلامذته ورسله فهم مبشرون برسالته والتي تقوم على أساس : المحبة ، حيث يقول المسيح بهذا الشأن في إنجيل يوحنا 13: 34) وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ : أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا . كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) ، وفيما بعد في رسائل تلامذة المسيح بعد صعوده للسماء ، لم يكن هناك أي نوع أو أيحاء من الجهاد الدموي ، وهذا ما ذكره بطرس في رسالته الثانية3: 14) ) “ فَبَيْنَمَا تَنْتَظِرُونَ إِتْمَامَ هَذَا الْوَعْدِ ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ ، اجْتَهِدُوا أَنْ يَجِدَكُمُ الرَّبُّ فِي سَلاَمٍ ، خَالِينَ مِنَ الدَّنَسِ وَالْعَيْبِ ”. وبطرس نفسه كان قد قطع أذن ” ملخس ” أثناء تسليم المسيح للحراس .. ، ولكن المسيح لم يوافق على هذا وأعادها ، وهذا ما نص عليه في أنجيل لوقا 22:47-5 : فَلَمَّا رَأَى الذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ ، قَالُوا : يَا رَبُّ ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ ؟ وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ اليُمْنَى . فَقَالَ يَسُوعُ : دَعُوا إِلَى هذَا ! وَلَمَسَ أُذْنَهُ َأَبْرَأَهَا ” . الجهاد في الأسلام : بينما الجهاد في الأسلام ، هو سيف ودماء وصراع وقتل وسبي ! ، وسوف أعرض بعض التفاصيل عن الجهاد من أجل أن يلاحظ القارئ الفرق بين الجهاد في المسيحية – والذي هو أيمان وعطاء ومحبة ، بينما في الأسلام – هو معركة دموية من أجل الغنائم والسبايا – منافع دنيوية ! ، ومن موقع / الأسلام سؤال والجواب ، أنقل التالي بأختصار” لفظ ( الجهاد ) ورد في القرآن في واحد وأربعين موضعاً ، ورد في سبعة وعشرين موضعاً بصيغة الفعل ، من ذلك قوله ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين / سورة التوبة 73 ) ، وورد بصيغة الاسم في أربعة عشر موضعاً ، من ذلك قوله ( أن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي / الممتحنة :1 ) ” ، والجهاد في القرآن ورد على ثلاثة معان: الأول – بمعنى الجهاد بالقول ، من ذلك قوله ( وجاهدهم به جهادا كبيرا / سورة الفرقان 52 ) ، الثاني – الجهاد بالقوة ، من ذلك قوله ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما / سورة النساء 95 ) ، الثالث – الجهاد بالعمل الصالح ، من ذلك قوله ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه / سورة العنكبوت 6 ) . الختام : كان من المفروض بالدكتور يوسف زيدان أن لا يرتكب هذه الخطأ العقائدي غير المبرر بحق المسيحية ، والذي أحتسب عليه كفيلسوف ومفكر له وزنه في الساحة الفكرية ، وكان عليه / لو فرضنا جدلا قبول الجهاد كنص في المسيحية ، أن يبين على أقل تقدير الفرق بين الجهاد في المسيحية والأسلام ، خاصة لأن هذا الأمر سيجرنا الى أنواع أخرى من الجهاد ك ” جهاد النكاح ” لأمتاع المقاتلين ، وأول ما ظهر في سوريا ( دعوة النساء الى التوجه الى الاراضي السورية من اجل ممارسة النكاح لأمتاع المقاتلين في سوريا ضد نظام بشار الاسد لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من اجل تشجيعهم على القتال ضد نظام الاسد / نقل من موقع / أهل القرآن ) ، وكذلك لم يتكلم عن السبايا الذي يحدث من جراء الجهاد ( بعد أن أذنَ الله بالجهاد للمسلمين وفرض عليهم قتال من يعاديهم بالسيف ، كان لا بدَّ أن ينتج عن الغزوات التي دارت بين المسلمين والمشركين أسرى وغنائم وغير ذلك ، ومن هنا جاءَ مصطلح السبي والذي يعني الأسر ، والسبي من السباء ، فيُقال سبى العدو سبيًا أي أسره ، ويكون السبي غالبًا للنساء والولدان ، فالرجال في غالب الحال يموتون أثناء القتال ولا يصبحون إماء عند أسرهم ، بينما النساء يصبحن سبايا أي إماء . نقل من موقع / سطور ) ، فهل في معارك المسيحيين في الغرب سبايا ! . أخيرا أرى أنه بالرغم من ان د . زيدان معروف بأنتقاده للمؤسسة الدينية الأسلامية ، ولكنه دوما ما يحشر بأدخال المسيحية بما ليس من عقائدها ! ، أي أنه يسوق أفكاره عن طريق زج الأخرين بطروحاته ، من أجل أرضاء شيوخ المسلمين ، وهو بهذا يحيد عن الدقة الأكاديمية . والذي يجعله متمكنا من طروحاته ، أنه يمثل أحد رجال السلطة في مصر ، فقد جاء في موقع / فهرس ، التالي ” أُشتهر يوسف زيدان عن طريق الإعلام المصري ، حيث يُعتبر من الشخصيات البارزة التي يتناوب الإعلام على عقد لقاءات صحفية لمُناقشته في الجانب السياسي وكذلك الأدبي في الوسط المصري ، وزادت شهرته بعد تسلم الرئيس السيسي زمام الأمور في جمهورية مصر العربية . ” ، أضافة الى ذلك لا يجابهه أي أحد ، وذلك بسبب الهوان والضعف التي تمر به المؤسسة الدينية للأقباط في مصر ، متمثلة بالبابا تواضروس ! .