المقدمه:
سأحاول تقديم مقدمه فكريه سريعه لتأصيل الديمقراطيه اليونانيه تاريخيآ..فبلاد الاغريق تمتلك عراقه عالميه في أرساء انماط تاريخيه لمعالم الديمقراطيه والطبيعه المؤسساتيه لنظام الحكم. فالديمقراطيه الاثينيه نشأت وتكرست في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد. فالديمقراطيه الاثينيه قامت على منظومه من المبادئ تتحدد أهمها
(بالمساواة السياسيه والمساواة الاجتماعيه وحكومة الشعب والاطار الدستوري للحكم) وكان المجلس الشعبي في اثينا يشكل أعلى جهاز للسلطه وكان يجتمع مرتين او ثلاثه في الشهر ويتكون من المواطنين الاحرار(الرجال فقط) والذين لا تقل اعمارهم عن الثلاثين سنه.وكان الاقتراع سريآ..وكان (مجلس الخمسمائه ومحكمة المحلفين)اهم اجهزة المجلس الشعبي الاثيني. وهذا المجلس عرقل محاولات الارستقراطيين لتغيير دستور البلاد..وجدير بالاشاره ان على المرشحين لمجلس الخمسمائه الذي هو بمثابة الجهاز التمثيلي للدوله أن يجتازوا اختبارآ بالوعي السياسي وهذا الاختبار سمي(داكيماسيو)اما قرارات محكمة المحلفين فكانت تتحدد على اسس نتائج التصويت حيث كان القضاة المسمون (جلياستي) يقومون برمي الاحجار في وعاء (صندوق الاقتراع) وكانت قرارات محكمة المحلفين غير قابله للاستئناف وهذه القرارات لمحكمة المحلفين اصبحت فيما بعد قواعد قانونيه ملزمه؟ وللعلم ان هذه المحكمه كجهاز ذو صفات ديمقراطيه وكانت الاداة القضائيه للنضال ضد الارستقراطيين حيث كانت الصفه الجماهيريه للمحاكمات وسيلة لتوطيد الشرعيه ونظام في دولة اثينا..
ويمكننا القول في خاتمة هذه المقدمه ان دولة اثينا كان دولة ضمن دائرة التركيبه العبوديه النموذجيه عاشت على حساب الاستغلال القاسي للعبيد وانصاف الاحرار الا انه مع ذلك كان نظامها السياسي ذا طبيعة ديمقراطيه قياسآ لبلدان العالم القديم..!!
مقاربات قانونيه:
عمومآ دعونا الان نعود بمقاربه قانونيه حداثيه عن الانتخابات النيابيه المبكره والتي جرت في
21/5/2023 وكان التنافس محتدم بين الاحزاب السياسيه على مقاعد البرلمان( ال 300) وذلك بين 36 حزبآ سياسيآ. وكان حق الاقتراع مكفول ديمقراطيآ لما يقارب 9.8 مليون ناخب.
وللعلم هذه كانت اول انتخابات نيابيه منذ 1990 لم يستخدم فيها ((نظام مكافأة الفائز الأعلى )) وقد يتساءل البعض عن طبيعة نظام المكافأه للفائزالاعلى حيث كان هذا النظام يمنح(مكافأة 50 مقعد نيابي للفائز باعلى المقاعد البرلمانيه) وذلك من اجل التصدي لمحاولات الاحزاب والكتل النيابيه الاخرى لفرض شروطها السياسيه التعجيزيه على الفائز بأعلى المقاعد النيابيه ولاعطائه ايضآ الضوء الاخضر لتشكيل الحكومه دون الحاجه للخضوع لاملاءات الاحزاب الاخرى..؟ وكان قانون الانتخابات اليوناني السابق يسمح لكل حزب يحصل بالانتخابات على 5%من اصوات المقترعين بدخول عتبة مجلس النواب اليوناني ولكن بعد اجراء التعديل لقانون الانتخابات الجديد اصبح يحق لكل حزب حصل مانسبته 3% من دخول البرلمان. وقانون الانتخابات اليوناني الجديد الغى منح المكافأة الانتخابيه والتي كانت تتحد بمنح 50 مقعد نيابي في الدوره الاولى واصبح الفائز بالانتخابات البرلمانيه في الدورة الأولى هو الحزب الذي يحصل على الاغلبيه المطلقه بالانتخابات اي 50+1.. واذا لم يحصل على الاغلبيه المطلقه هذه فيجب ان تجري دوره ثانيه للانتخابات اليونانيه والتي ستجري
بتأريخ28/6/2023 والملاحظ انه اي حزب سيحصل على اغلبية البسيطه من الاصوات ولم يتمكن من الحصول على الاغلبيه المطلقه فهنا في هذه الدوره الثانيه سيتم تطبيق( نظام المكافأه للفائز الاعلى) باضافة 50 مقعد نيابي للسماح له بتشكيل الحكومه وذلك حتى لا تدخل البلاد في فراغ دستوري..؟ وهكذا نجد ان تعديلات قانون الانتخابات اليوناني نقل نظام المكافأه للفائز الاعلى من الدوره الاولى للانتخابات الي الدوره الثانيه بديلآ عن الدوره الاولى.. كما ان هذا التعديل لقانون الانتخابات سمح للاحزاب التي تحصل على 3% من الاصوات من دخول البرلمان. والتي كانت سابقآ 5% قبل التعديل الجديد لقانون الانتخابات. كما يجب ان نعلم ان الدوره الانتخابيه تجري كل 04 سنوات..
وأخير يمكننا القاء نظره سريعه على النتائج النهائيه للانتخابات والتي جرت في21/5/2023 والتي ستعاد فيها الانتخابات يوم28/6/2023 وهي كانت كالتالي :
1- حزب الديمقراطيه الجديده( المحافظ)
برئاسة رئيس الوزراء الحالي كيرياكوس ميتسوتاكيس حصل على الاغلبيه 40.8%
2-حزب سيريزا من اليسار الشعبوي حصل20%.. وهي اقل نسبه عن الانتخابات السابقه.
3-حزب باسوك الاشتراكي حصل على نسبة 11.5%..وهو رقم اعلى من الانتخابات السابقه.
4-الحزب الشيوعي اليوناني حصل على 7.23وهو أعلى من الانتخابات السابقه حيث كان لديه 15 نائب بمجلس النواب وفي هذه الانتخابات حصل على26 نائب اي مايعادل زيادة 11 نائب مايقارب 450 الف صوت انتخابي..
ونحن جميعآ بأنتظار ماتتمخض عنه الدوره الثانيه للانتخابات النيابيه القادمه باليونان..؟
ملاحظه هامه:
المقدمه لهذا البحث كان مقتطفات من كتابي
(الوجيز في تأريخ الدوله والقانون)