كما أشرت في مقالي السابق ( ليس المستهدف الطوائف الأسلاميه فحسب بل الموروث الأسلامي ككل), أن (التنويريين او المجددين) طالما ينعتوا أنفسهم بالباحثين المتخصصين في التأريخ الأسلامي, وأنهم خاضوا غمارالبحث العلمي, بعدها توصلوا الى نتائج علميه (رصينه) لا تقبل النقاش, لذا على المتلقي أعتماد طروحاتهم كونها حصيلةأبحاث ورحلات معمقه في غياهب الكتب والمراجع التاريخيهبحياديه وأنصاف!! وأنطلى هكذا أدعاء على الكثير من المتلقين الذين انبهروا بالطروحات الصادمه وأعتمدوها دون تمحيص كحقائق دامغه لا يشق لها غبار . ويبدو ان(التنويريين) بنوا منشوراتهم على فكره مفادها أن القارئ البسيط او الكسول يصدق كلما يقرأ ويسمع, خصوصا عندماتأتي المعلومه من كاتب او مدون يدعي التخصص بتأريخ الأديان السماويه. والناس لها الظاهر. فلا أحد يكلف نفسه عناء التدقيق والتمحيص بما يخالف الثوابت المعروفه. حيثأصبح ما ينشر على وسائل الأعلام المرئي والمقروء يتلقفهالمتلقي كحقائق لا تقبل النقاش. وهذا المنحى شجع بدوره(المشعوذين) الى الأستمرار في لعبة التشكيك بكل الثوابت الأسلاميه, أبتداءا بشخصية الرسول الأعظم وكتاب الله المنزل والطقوس التي جبل عليها المسلمين منذ البعثه والى يومنا هذا. ويذهب بعض (المشعوذين) بعيدا في مسعاه نافيا وجود شخصية الرسول بالمطلق, والأخر يحاول جاهدا وصف كل مايرتبط بالأسلام بالخرافات والأساطير. ولست هنا لأدافع عن الأسلام وكتابه ونبيه وطقوسه من ناحيه عقائديه صرفه فقط, بلهدف هذه المقاله الدفاع عن اصول البحث العلمي الذي يدعيه (المتنورين) وللأسف يجهلونه, لكنهم يسخرونه لغايات شتى, منها طلب الشهره أوخداع وتضليل المتلقي وبالتالي خدمة غايات وأجندات سياسيه ليست عقائديه. وأدرج هنا بعضا من الملاحظات المتعلقه بأصول البحث العلمي التى يجهلها أو يتجاهلها من يسمون انفسهم (بالمجددين او التنويريين) :
و خلافا للأصول البحثيه المعروفه, يلاحظ أن ( المتنور) العربي يسخر كل امكانياته الى ( لي ) الحقائق الوارده في اغلب المصادر الرصينه وتطويعها بطريقة ما لكي تتماشى مع طروحاته المعده مسبقا, أي استخدام بعضا من المصادرالضعيفه كديكور لدعم صحة طروحاته. أما ما يخالف هواهفيتم تجاهله عن عمد. لذا نراه انتقائيا في اختيار مصادر معلوماته. يبرز ما يحب ويخفي مايكره. والتناقض واضح في تناول الرموز الاسلاميه. فتارة تراه يمجد ويمتدح شخصية ما, وتارة يخرج نفس الشخصيه من ملة الأسلام. وعند التدقيق اكثر نجد أن (المتنور) العربي يخشى ذكر البينات المخالفه لأرائه وتطلعاته ويركز فقط على البينات الداعمه لما يريد اثباته, وهذا المنحى يمثل خروج صارخ على مبادىء وأصول البحث العلمي. فالأولى والأصح الأعتراف بوجود بينات مخالفهثم تفنيدها علميا ومنطقيا لكي يعزز موضوعية مخرجاتهوطروحاته. وخلافه توصم الأفكار الشاذه بالهرطقه والتحريض لشيء يكرهه الكاتب مسبقا ليس ألا. وشيء اخر يتوجب ذكره هو أن (المتنورين) العرب يركزو على مهاجمة كل صغيره وكبيره لها علاقه ما بالدين الأسلامي وتفنيدها , أعتمادا في اغلب الأحيان على أحاديث وحوادث ضعيفه لم تثبت صحتها عند غالبية المؤرخين, وفي المقابل يتجنب الخوض بكل ما له صله بالأديان الأخرى. والأسلام ليس الدين الوحيد الذييؤمن به البشر. فهناك اليهوديه والمسيحيه والبوذيه والهندوسيه والزرادشتيه وغيرها المئات. والسؤال الذي يفرض نفسه هنابقوة “لماذا يتم تجاهل مواطن الخلاف والضعف والتناقضات عند الأديان الأخرى والتركيز فقط على دين العربومعتقداتهم“؟؟. هل هو الخوف من المؤمنين بالأديان الأخرى أم الأنحياز الواضح ضد الدين الأسلامي والتشكيك بكل ما يمت لهذا الدين بصله. وسؤال اخر يطرح نفسه, لم لا يقلد(المتنورين) العرب ,من شلة رشيد ايلال وهاله الوردي وابراهيم عيسى ومحمد المسيح وغيرهم, قدوتهم وأسلافهم من التنويريين الأوربيين الذين ركزو هجومهم على الكنيسه الكاثوليكيه ورجالها فقط دون المساس بالثوابت. الأولى بهؤلاء التريكز على الممارسات الخاطئه لبعض المحسوبين على الدين دون المساس بقدسية الدين وكتابه ونبيه الأمين. أم أن تسفيه وتحريف تأريخ وأصول وتعاليم الدين الحنيفاصبحت تجاره رائجه يحضى من يمتهنها بالشهرة والمال والحصانه. وأمر أخر على الكاتب (المتنور) ان يدركه هو ان التأريخ اليوناني والبيزنطي أعتمد الشعر والأساطير والملاحم المليئه بالمبالغات والتهويل كمصدر من مصادر المعلومه, فلم لا يتخذ (المتنور) من الشعر العربي الذي دون كل شاردة ووارده من حياة العرب قبل الأسلام وبعده كمصدر من مصادر المعلومات. فهل يجوز ان نعتمد كل ما دونه البيزنطينينوالرومان كمصادر يعتد بها وفي نفس الوقت نسلط ضلال الشك والريبه حول صدقية أغلب المصادر العربيهوالأسلاميه؟؟؟. هذا أجحاف ولا يمت للبحث العلمي بصله.
ومن أجل مقارعة طروحات المشكيكين, على المثقفين والدعاة الواعين من مختلف الطوائف والمذاهب الأسلاميه التنبه الى خطورة الحمله التشكيكيه والتسقيطيه للأسلام كدين سماوي, ومقاومتها بالحجة والمنطق والبينات المقنعه, لا بالصراخ وكيل الشتائم. والأهم من هذا وذاك, يتوجب على المسلمين جميعا أيقاف حملة التراشق الطائفي والمذهبي فيمابينهم, والأبتعاد عن كل ما يفرقهم ويبدد قواهم, والتركيز علىما يوحدهم ويصون معتقداتهم. فأن هدمت الثوابت لا سامح الله لن تقوم للمسلمين قائمه. والله من وراء القصد.