إن أقسى التجارب التي تمرُ على الأنسان, هي التي يكتوي بنارها, ويضوق مرارتها, وقد تكون أفضلها, لأن مرارة الألم تبقى, فتردع عن العودة الى مثلها, او أعادة تجربتها.
عاشت أمتنا الأسلامية, تجارب مريرةٌ, راح ضحيتها ملايين من البشر, ومن أبرز تجاربها هي الرضوخ الى الطغاة, والحروب الأهليةوالفتن المذهبية, ورغم غزارت تلك التجارب وما كلفتهٌ, من أرواح وأموال وأحقاد, الا أن المختصين والساسة ومراكز البحوث لم توليها ذالك الأهتمام, الذي يتناسب مع فضاعة حجمها, فتركت تمر مرور الكرام, دون تحليلها والأستفادة منها.
هناك عشرات من التجارب والشواهد التي مرت على الشعب العراقي, وخلفت أثارعظيمة فتجربة النظام البعثي, في العراق على مدى 35 عاما وماخلفة, من خراب ودمار وقتل وتهجير, لازالت أثارها السلبية باقية الى يومنا هذا, فالمغامرات التي خاضها النظام, من حروب طائشة أودت بحياة مئات الالاف من غير المعاقيين وأثارها النفسيةعليهم, الخراب شمل كل مرافق الحياة, وهي من أشد الفتراة قساوة, في حياة العراقيين.
هذه التجربة الفريدة من نوعها في المنطقة والعالم, تعتبر من اهم التجارب المفيدة للعراقيين, لأخذ العبرة والتجربة منها وعدم تكرارها تحت اي ظرف من الظروف ومهما كانت الأسباب, لهذا نجد أن أغلب الساسة العقلاء وعامة الشعب العراقي, يتحصر الماً
عند الحديث عن تلك التجارب المريرة, ويحبس أنفاسة خوفا من تكرارها, في ظل صيحات بعض الأصوات غير المسؤولة, التي تطالب بأعادة النظام الرئاسي, والغاء النظام البرلماني, وتكريس السلطة بيد شخص الرئيس المفترض, واعلان حالة الطوارئ, فلازالت مرارة الحكم الصدامي ولوعتة, في قلوب العراقيين ليأتينا بعض المراهقين ومن لاعلم لهم بعالم السياسة, ويطالبون بعودة هذا النظام.
العالم يتحول الى النظام اللامركزي ونقل الصلاحيات, الى الاقاليم والمحافظات,ونحن نريد العودة الى حكم العسكر
ومركزية ميقتة التي أذاقت الويلات هذا الشعب المظلوم, أن تلك العقود المظلمة في حكم البعث الصدامي قد تتكرر اليوم في العراق, في ظل تلك الدعوات, التي تطالب بعودة النظام الرئاسي, ففي العراق الأرضية مهيأة لنشوء الدكتاتوريات الجديدة.
إن أخذنا العبرة من التجارب الفاشلة للنظام الرئاسي, في العراق وليبيا وتونس ومصر واليمن والتي تعاني اليوم شعوبهم, من آثارها وزرعهم الفتنة بين أبناء الوطن الواحد, لذلك تلك النيران التي أكتوا بها الشعب العراقي, لابد من أخذ العبرة منها من خلال العمل على توعية عامة الناس على مخاطر مثل هكذا دعوات, ومخاطر أعادة تجرباتها مرة أخرى, وتنبيهم من خطر دكتاتوريات جديدة لاطاقة للعراقيين على حملها, وأعادة تجربة أربعة عقود من الطغيان, بلباس وشكل جديد بأسم الديمقراطية الرئاسية.