جرت العادة لدى العرب عند التحدث عن مشاكلهم يلجأون الى الكلام الجاهز السطحي وإلقاء اللوم على العالم الخارجي ونسيان قصورهم الذاتي وعيوبهم .. والإنشغال بالظواهر والنتائج عند الحديث عن فساد الساسة وعمالتهم وتجاهل الأصل وهو المجتمع الذي أنتج كل هؤلاء اللصوص والمجرمين والعملاء ، فالإنسان هو نتاج مجتمعه حسب طبيعة البنية النفسية والإجتماعية والفكرية والأخلاقية التي تشكل فيما يخص السياسة الحصانة الوطنية للأفراد الذين سواء داخل السلطة أو خارجها .
لماذا لانسمع عن وجود لصوص وعملاء بأعداد كالتي موجود في العراق على سبيل المثال في دول : اليابان والسويد والنرويج والدنمارك وفرنسا وبريطانيا وألمانيا أميركا وإسرائيل ؟
الجواب : لأن التماسك الإجتماعي ووجود الحصانة الوطنية داخل نفوس أفراد الشعب اولا ، ثم يأتي دور سلطة القانون ورقابة الأجهزة المختصة لحركة وتصرفات أفراد الشعب .
أين هي الحصانة الوطنية المانعة لأفراد الشعب العراقي عن الفساد والخيانة ؟
أعداد هائلة من اللصوص والمجرمين والعملاء أنتجهم المجتمع العراقي يقومون كل يوم بجرائم التخريب والنهب والسرقة وتدمير الدولة وقتل أبناء شعبهم تنفيذا للأوامر الإيرانية ، عندما يستضيف العراقي في مدينته وبيته الإرهابي الأجنبي من القاعدة وداعش ويتعاون معه لقتل أبناء شعبه ، معنى هذا يوجد إنهيار بالحصانة الوطنية ، وعندما يتعاون العراقي مع الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية وينخرط في ميليشياتها ويقوم بتخريب المزارع والخطف والقتل ، وعندما يقوم السياسي العراقي بتعطيل الصناعة والكهرباء ومصانع المشتقات النفطية ، ويفتح أبواب مزاد العملة للسرقات الإيرانية .. هذا إنهيار شنيع في الحصانة الوطنية .
وعندما نعيش أزمة في إنجاب الساسة الشرفاء الوطنيين ورجال الدولة الحقيقيين .. هذا يعني وجود مشكلة في خصوبة الإنجاب وعقم إجتماعي خطير ، وعندما نشاهد اللصوص والعملاء يعيشون بين صفوف الشعب بحرية دون خوف من عقاب الجماهير .. فهذا يؤشر الى كارثة غياب الردع الإجتماع للسياسي المنحرف وتخلي الشعب عن واجبات الدفاع عن حقوقه الفردية والجماعية وعن الدولة .
حتى مع ضعف الدولة وإنهيارها .. لو كل لص ومجرم وعميل يشعر ان هناك أناس شرفاء من أبناء الشعب منظمين في تجمعات سرية يراقبونه ويلاحقونه وينزلون عقابهم الصارم به ، لما شهد العراق هذه الأعداد الكثيرة من الحرامية والخونة ، ولأصبح لدينا قوى ردع إجتماعي تعوض غياب سلطة الدولة ، فالمشكلة في المصنع المنتج للبشر وهو المجتمع الذي ينتج صناعة بشرية عراقية مشوهة عقليا ونفسيا وسلوكيا و تفتقر للتوازن والحكمة والحصانة القوية امام مغريات مناصب السلطة والمال ، ومعالجة هذه المشكلة الخطيرة لايأتي عن طريق الإنتخابات المزورة ، ولا بواسطة دوائر حكومية بائسة للمراقبة .. بل المعالجة تحتاج الى وقت طويل تبدأ من العائلة والمدرسة والجامعات والثقافة العامة للمجتمع ، لكن هل سيستجيب المجتمع العراقي للإصلاح والتطور بعد ان صُدمنا بالعراقيين ومعهم العرب المهاجرين الى أوروبا وأميركا بفشلهم في عملية التعلم والتلاقح الحضاري والبقاء على تخلفهم رغم توفر فرص التعليم والثقافة والبيئة المتحضرة !