18 ديسمبر، 2024 2:57 م

أصحاب المعاطف البيضاء

أصحاب المعاطف البيضاء

انه شخص تلقى تعليما عاليا واستسلم لرسالة ( الشر من مجموعة الموت ) هذا ما قاله وزير الشؤون الخارجية والهجرة الأسترالي بيتر دوتون بعد أن بث تنظيم داعش الإرهابي شريطا دعائيا للضمان الصحي لطبيب استرالي ، وأنها لمفارقة كبيرة أن ينضم طبيب إلى تنظيم إرهابي . وقد نتج عن ذلك قلق شديد في الأوساط الأسترالية لما قد يحدث مستقبلا من تداعيات الأمنية في البلاد باعتبار أن طبيبا ذات مستوى تعليمي جيد والمتلقي تدريب طبيا في مدينة اديلايد قد انضوى تحت التنظيم ؟ فكيف بمن لم يحصل على تعليم وافي أو متوسط التعليم فضلا عمن يشعر بالغبن أو الظلم فإنه سريع السقوط في أحضان هذا التنظيم ، فطارق كاملة (29 عاما ) الطبيب الذي ظهر في الشريط والملقب أبو يوسف قد دعى الأطباء الآخرين الإلتحاق به والعمل لحساب التنظيم .واللافت في الشريط أن أبو يوسف كان يتجول في وحدة حديثي الولادة وهو يحمل طفل رضيع ولم يظهر مثلا وهو وسط مجموعة من جرحى التنظيم بل ظهر على الصيغة التي ذكرناها وذلك لاضفاء صبغة انسانية وكذلك هذا جزء من ادبيات الدعاية التي يمارسها لالتقاط بعض المتطوعين وكذلك ظهر طبيب اخر وهو ابو مقاتل الهندي . إذن أصبح التنظيم المتوحش يحمل في طياته أجناس مثقفة من أطباء وممثلين وفنانين مثل مغني الراب الألماني دوز دوغ المكنى أبو طلحة الألماني الذي هجر سماع الموسيقى وبات يغفو على صوت الرصاص وأما سالي جونز والتي أصبحت لاحقاً سكينة حسين هي أخرى انضمت أخيرا إلى التنظيم ، وعبد الماجد عبد الباري مغني الراب مصري الأصل بريطاني الجنسية والمعروف في سورية بالجني هو كذلك مضى على سبيل داعش ، لماذا انضم هولاء يا ترى؟. هذا ما يشغل بال الكثيرين منا والجواب كما أسلفت في مقالة سابقة (الغربان المهاجرة) اما ( البحث عن تجربة مشوقة جديدة ) في الجزء الآخر من العالم او انتقال نفسي متعدد ؟ والأخير هو من الاسباب الرئيسة على أكبر الظنون ، فقد يكون هذا الطبيب أو هذا المغني أو تلك ، يشعرون بالفراغ النفسي أو يريدون بهذا الإنضمام أن يحققوا ذاتهم فلو كدح الطبيب ليلا ونهارا لما حاز الشهرة التي عليها هو الآن ولا يمكن ان يكون الدافع الانساني لأن الجماعة الارهابية التي تستخدم قطع الرؤوس والاوصال سبيلا لترويع الناس لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحمل أسباب الإنسانية؟ فهذا مضحك ! أن أعتقد هذا الطبيب بهذا الاعتقاد وانا هنا لا أدعي

بتاتا أن هذا هو السبب الوحيد في الأمر ولكنه لا يقبل إلا أن يكون سببا رئيسا ، قد يلتحق البعض لاهداف اعتقادية بحتة ؟ قد يكون كذلك ولكن مما يعزز هذه الرؤية اكثر قصة ذات صلة في ما يحدث الآن وهو اختفاء أربع فتيات وستة شبان ، طلاب يدرسون الطب في جامعة مأمون حميدة في السودان والذي ثبت لاحقاً سفرهم إلى سوريا عبر تركيا للإنضمام إلى صفوف داعش والعمل على ما يبدو في مستشفيات الجماعة وكلهم يحملون الجنسية البريطانية والبارز في هذه القضية وهو ما اصبوا إليه بإن الأمر هو (نفسي) أو(تحقيق ذات ) .أن (اباء الطلاب المختفين يحمل بعضهم درجات عليا ويعمل بعضهم أساتذة جامعات وفي مهن مرموقة في السودان وفي الخليج العربي وبريطانيا ومن بينهم أبناء أكبر أطباء السودانيين وأكثرهم شهره) وهم : تسنيم سليمان حسين مدير مستشفى سوبا الجامعي ، لينا مأمون أبو شيبة ، هشام محمد فضل الله ، الأشقاء أحمد وندي سامي سعد عمر . طبعا هذا الكلام من مصادر سودانية . فما هو الداعي اذن لمجموعة من الشباب المترف أن يترك الحياة الرغيدة ويركب موجة الموت المحقق . إن تفارق كل أنواع الرفاهية وتركلها بقدمك وتسير نحو حتفك ؟ أتريد ان تعالج اخوتك في (الجهاد) ؟!؟!؟! مثلا ، لا أعتقد ذلك . إن تبحث عن المال هو أيضا بعيد عما تريد فقد يستطيع أن يطلب احدهم من ابيه الميسور الحال بعض المال فتسهل القضية ، ولكن الأمر يتعدى ذلك ، خاصة إذا علمنا أن هولاء الاباء قد فعلوا المستحيل لكي يثنوا أبناءهم المغرر بهم عن فكرة الإلتحاق بتنظيم الإرهابي من خلال التنسيق مع بعض الجهات المجاورة للجمهورية السورية ومنعهم من السفر ولكن جهودهم باءت بالفشل فهم الآن يحملون المبضع ؟! لكي يستخرجون الرصاص فيصبحوا بعد ذلك سببا في بقاء إرهابي على قيد الحياة لكي يمارس القتل من جديد أو يذبحون به ضحية ؟ كما حدث لطبيب في الموصل فقد ذكرت مصادر أن طبيبا أجنبيا يعمل لدى الجماعة الإرهابية والتي استولت على الموصل وعلى أجزاء أخرى من العراق قد قطع رأس طبيب عراقي رفض مداواة جرحى التنظيم أو هشم رأسه بالرصاص فلا فرق بين الأمرين.