أستميحُـكَ عُـذْراً يا أبي ….
ويا أخي ….. ويا عمّي ….
ويا أبناء عمومتي وعشيرتي ومدينتي
أستميحُـكُـم عُـذْراً …….
يا من قدّمْـتُم أعزّ وأغلى ما تملكون ، فأنتم من خلق الله لكم الحياة ولم يخلق الموت لكم …..
أستميحُـكُـم عُـذْراً ، أَنْ أُخاطب رِفاقَـكُم بالأمس ، بــ (( أصحاب السعادة والسيادة )) ، فأنا أُخاطبهم منذ أكثر من عشرة أعوام ، ناسِـياً مواقعهم نتيجة جهلي بـفَـنّ التصنيف في عالم الدّجلِ والشّـعْـوذة .
أستميحُـكُـم عُـذْراً ، أن أُخاطبهم بقوْلٍ ناعمٍ هذه المرة ، مُبَـجّـلٍ بالألْـقابِ الجليلة !!!!!!!
لأنني لم أتذكّرْ وطيلة الأعوام السابقة قولَ الله تعالى (( وفضّلَ اللهُ المجاهدين على القاعدينَ أجْـراً عظيماً)) .أستميحُـكَ عُـذْراً يا أبتي …..
لأنّـي تقاعَـسْـتُ وقَـعَـدْتُ بجوارِ أمي يَـوْمَ رحلْـتَ ، لِـئَـلّا يمتـدّ إلى طَـرْفِها مَـثْـلـَبَةٌ من كِلاب النظام السابق ، ولم أسلُـكْ طريق الجهاد ، يوم قرّرَ رِفاقك سلوكَهُ ، ومضَـوا مع الـمُعارِضين للنظام من بلدٍ الى بلد ، لِيُـناضِلوا بأسمائِـكُـم ، ويُـكَمِّـلوا مابدأْتموه …..
أستميحُـكَ عُـذْراً يا أخي …..
فرِفاقُـكَ يضعونَني كُلّ يوم في مَـواضِع الخجَـل أمام الآخرين ، ويُـطالِبونَني بـشدّة أن أطلبَ منهم ما أشاء ، لأنّ ذِكْـرَكُـم لا يُـفارق ألْسِـنتهُم ، ويقولون أنّـهُم بمناصبِهِم مدينونَ لكم ولدمائِكم الزكيّة ….!!!!
فبالأمس ، جمعَتْ الصدفة بيننا وبين أثنينِ من رفاقِك ، في أحدى المطارات ، وأنا أدفع بالكرسيّ المتحرك الذي يُـقلّ والدتي أثناء مرافقتي لها للسفر خارج البلاد لغرض العلاج ، وحاسبوني حساباً شديداً ، عن تقصيري وعدم تبليغي إياهم عن
حالة الوالدة ، وعاتبوني على قيامي بعلاجها خارج الوطن ، وأن البلد بجهودهم أصبحت زاخرة بأفخم المستشفيات وأفضل الأطباء ، رغم أنهم مواظبون في زياراتهم الدورية لأمهات الشهداء ، والسؤال عنهم وتقديم الهدايا لهم .
وأني لأحـسدُكَ يا أخي على هكذا رفاق ، لأهتمامهم البالغ ، حتى أنهم يمنعون المصوّر الذي يرافقهم عن نشر أية صور فوتوغرافية أثناء الزيارة بحجة أنهم يعتبرون (( أم الشهيد )) …….. بمثابة والدتهم !!!!!!
وأني لأحسـدكَ يا أبي على رفاقك …
فهم يواصلون الليل بالنهار من أجل بناء وطننا ، ووضعوا نصب أعينهم تعويضنا عن ما عشناه من معاناة وحرمان ، وهم من كثرة أعتزازهم بكم ، لا تفارق صوركم مكاتبهم ، مثلما لا يفارق العلم العراقي صورهم ، وبدلة الحشد الشعبي …. أجسادهم !!!!!!!وبدأوا بأطلاق أسمائكم على المشاريع العملاقة التي أنجزوها ، ومن كثرة أعداد المشاريع التي أنجزوها ، أستنفذوا كل الأسماء والرموز المعاصرة ، ولجأوا الى أطلاق أسماء شخصيات من التأريخ القديم !!!!!
كم أنا حزينٌ يا أبتي على رحيلك وحرمانك من رؤية أنجازات رفاقك ، فمدينتنا التي مسحها النظام السابق من على الخارطة والأرض ، قد أُعيدَ بناؤها بأفضل ما يكون ، وأملاكنا وأراضينا التي صادرها النظام قد أُعيدتْ إلينا مع التعويض الكامل للفترة السابقة ، وكانت تلك أولى أنجازات رفاقك !!!!
ولم يكلّفونا أية عناء ، لأنهم أوكلوا لنا المحامين ، وأوصلوا إلينا مبالغ التعويض لغاية الدار !!!!!!!
وألغَـوْا جميع القوانين والقرارات التي أصدرها النظام السابق من أجل الأسستحواذ ومصادرة أراضينا بعنوان (( النفع العام )) ، لكي لا يتكرر الظلم مرة أخرى ، لأنهم والحمدلله وبفضلهم أصبحنا اليوم نعيش قدسية الملكية الخاصة !!!!!!!
هل تصدِّق يا أبي !!!!!!
أننا في كل يوم ندعوا من الله أن يطيل من أعمارنا لأجل الدعاء لرفاقك فقط …!!!!!!
لأنهم سخّـروا من أنفسهم لأجل خدمة أبناء البلد وخصوصاً من ذوي الشهداء . هل تصدِّق أنهم بلغوا من درجات نكران الذات شرّعوا لنا القوانين التي تمكننا من الحصول على الشهادات وأكمال دراستنا التي حُـرِمنا منها في زمن النظام السابق !!! ووفّـروا لنا أفضل المقاعد الدراسية في أحسن الجامعات مجاناً متجاهلين أنفسهم رغم أنهم أيضاً حُـرموا من الدراسة والشهادة !!!!!
بل أنهم فتحوا لنا أبواب التعيين في الوزارات ، حتى صرنا نحسّ بالأحراج أمام أبناء بلدتنا بشمولنا بهذا ألكم الهائل من الأمتيازات !!!!!
وينتقدونني بشدة ، لأَنِّي أطالبهم دوماً بالتعامل بأنصاف مع ذوي المنتفعين من النظام السابق ، أذ ليس من المعقول أن يغدقوا علينا بهذه الأمتيازات ، ويحرمون المنتفعين من النظام السابق من حقوقهم وكلنا يعلم أن شظف العيش والسعي وراء الرزق كان هدفهم الوحيد من وراء دعمهم للنظام السابق ليس إلا !!!!!
أما المجرمون ممن تلطّـخَـتْ أيديهم بدماء العراقيين ، فقد تم الأقتصاص منهم بأنصاف ، وتمت ملاحقة الآخرين الهاربين من العدالة في جميع عواصم العالم بما فيها
( عمان ) !!!!! وليس بأستطاعة أحدهم من الوصول صوب حدودنا المحميَة !!!!!
أليس من حقي أن أحسـدك يا أبي على رفاقك ؟؟؟؟؟؟