أفرد التاريخ لنا هذا البحث وبين كل ملامح هذه الفوارق التي تمت بين هؤلاء الأصحاب وهم ( أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأصحاب الحسين عليه السلام ، وأصحاب المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ) !!!
وبلمحة سريعة والوقوف على زمان ونوعية ظروف كل منهم ستجد الفارق الذي تتمتع به أحد المجاميع الثلاث ، وكيف تلك البرهنة على أفضيلة أحدهم مع جل الأحترام والقداسة للباقين !!!
لكن القضية في خوض غمار الأستعداد المتناهي للتضحية مما أستوجب مقولة الأمام الحسين عليه السلام فيهم قاطع على كل متشكك في نوعية رجاله والأستشهاديين الذين نذروا أرواحهم وأهليهم للحسين رمز الطاعة والنافذة العظيمة على الله سبحانه وتعالى !
ولجمالية البحث الصغير وليدور معي فكر القارئ اللبيب سأخفي تلك المقولة التي تقطع طريق مثل هذا البحث !!!
فأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، علو مقامهم السامي ، طبعا من غير أمير المؤمنين عليه السﻻم فهو ذات نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،،،
وانما الكلام بمن يصدق أنه من أصحاب الخاتم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، فهؤلاء كانوا ولو بنسبة معينة ما أنهم يتطلعون للبقاء بالحياة أحياء يتمتعون بنعيم الدنيا مركزا كان أو غنائم يحصلون عليها مع قتالهم بجانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،،،
وتلك النسبة تكفي ولو كانت 1%1000000 فهي تخرجهم من الأثنين الباقيات ، مع الأحتفاظ لهم بذاك الجهاد العظيم الذي ورث لبعظهم الجنان !
وهذا ذاته ينطبق على أصحاب الأمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ، فهم أيضا لبعضهم تطلعات مشروعة لتلك الدولة الموعودة والتي ستكثر فيها الولاة والقادة والأداريين والتنفيذيين فهي دولة تقود العالم الكبير والرحب !!!
وقد تشكل الحياة أو طول العمر لبعضهم أمنية كبيرة !!!
ولكن ،،،
أختلف الحال مع أصحاب الحسين عليه السلام ،،،
فهؤلاء تقدموا للموت المحقق والمحتم ، تحدوهم أمنية الشهادة والشهادة فقط ، وقد تكون الحياة لبعضهم لو بقي على قيد الحياة بعد شهادة سيده الحسين عليه السلام ، كمن أدخل النار والعياذ بالله تعالى!!!
لنوع العشق الحقيقي ومعرفة الأمام حق معرفته ، بحيث تحولت الحياة عندهم بعده خطيئة كبرى يجب تفاديها بتقطيع أوصالهم وأجسادهم أمام ناظري الحسين عليه السلام ،،،
ولهذا عند شهادة البعض الذي أدركه الحسين عليه السلام يقول هل وفيت يأبن رسول الله ؟؟؟!!!
وهي كلمة تحمل المعاني الخطرة والجسام .
ومن هنا طفح القوم بمثل هذه الكلمات الأبدية والخالده خلود الحياة !!!
وتلك شهادة الحسين عليه السلام المعصوم وبصمة رضاه وأعجابه بهم !!!
فبعد أن” أثني على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القران، وفقهتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين.
أما بعد: فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيتٍ أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعاً خيراً، إلا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، ألا وإني قد أذنت لكم. فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل غشيكم فاتخذوه جملاً ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبونني، ولو أصابوني للهوا عن طلب غيري.. “
فقال له إخوته، وأبناؤه و بنو أخيه، و ابنا عبد الله بن جعفر [ وكان أول المتكلمين أبو الفضل العباس عليه السلام ]:
” لم نفعل؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً “
ثم قال الإمام عليه السلام لبني عقيل:
” حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم “
قالوا:
” فما يقول الناس؟. يقولون إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معه بسهم، ولم نطعن معه برمح، ولم نضرب معه بسيف، ولا ندري ما صنعوا، لا والله لا نفعل، ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك “
ثم قام الأصحاب واحداً بعد الآخر كل يظهر مدى ولائه واستعداده للتضحية بحياته بين يديه، نذكر منها:
– موقف مسلم بن عوسجة: (… أنحنُ نخلي عنك ولما نعذر إلى الله في أداء حقك، أما والله حتى أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة في يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك).
سعد بن عبد الله الحنفي: (… والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وآله فيك، والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حياً ثم أذر يفعل بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقى حِمامي دونك).
زهير بن القين:(… والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا ألف قتلة وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك).
محمد بن بشير الحضرمي:(… وقيل له أن ابنه قد أُسر بثغر الري. فقال: ” عند الله احتسبه ونفسي، ما كنتُ أحبُّ أن يؤسر وأن أبقى بعده).
فسمع الإمام الحسين عليه السلام قوله، فقال:
” رحمك الله. أنتَ في حل من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك “
فأجابه: أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك..
وهكذا كل واحد منهم يُبدي بذل مهجته في سبيل الإمام عليه السلام فدعا لهم عليه السلام وقال لهم:
” ارفعوا رؤوسكم.. فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم في الجنة “
من هنا قال أبي عبد الله الحسين عليه السلام ( أن أصحابي خير الأصحاب ) !!!
الكلمة التي خلفت مدرسة لن ولن تخلقها ألا مدرسة المعصوم !!!