23 ديسمبر، 2024 7:19 م

أشياء عن جمال عبد الناصر‏

أشياء عن جمال عبد الناصر‏

منذ وفاة الرسول “ص” ولغاية الآن لمْ تُنجب الأمة العربية والأسلامية إنساناً وقائداً إستقطبَ جماهير الأقطار العربية + القوى الثورية خارج الوطن العربي مثل الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” , وانه من خلال استقراء اوضاع هذه الأمه فلا يبدو ظهور او انبثاق قائدٍ آخر في المدى المنظور – على الأقل – , وكان محسوسا وملموسا على الصعيد العربي والعالمي أنّ دينامية العروبة تتدفّق عبر هذا الرجل – الرمز – , وقد كُتِبَت مجلّداتٌ ومؤلّفاتٌ , ونوقِشَتْ اطاريحٌ كثار في الماجستير , والدكتوراه ” وبعدةِ لغاتٍ ” حول عبد الناصر , لكنها لم توفهِ حقّه فهو اكبر واوسع من ذلك بكثير .. ذلك الضابط الشاب برتبة مقدّم ركن , والذي كان استاذاً في كلية الأركان المصريه ومتخصّصاً في تدريس مادة ” الستراتيجية ” فقد كان رجلاً ستراتيجياً بحقٍّ وحقيقْ وبأعترافات الأعداء قبل الأصدقاء , في عام 23 يوليو تموز 1952 وحين فجّر الثورة ضد نظام الملك فاروق , إحتلَّ مبنى رئاسة الأركان المصرية ” بعدَ نصفِ ساعةٍ من اندلاع الثورة , اتصل رئيس اركان الجيش المصري بزمن فاروق فرفعَ عبد الناصر سمّاعة الهاتف , سألهُ رئيس الأركان :  مَنْ انت ؟ قال انا جمال عبد الناصر , فردّ : انا اعرفك وكُنتَ تلميذا عندي في الكليةالعسكرية , وما جلبكَ هنا في مكتبي .!؟ اجابه عبد الناصر بهدوءٍ وأدب : من الأفضل لك ان تلازم مسكنك , واقفلَ سمّاعة الهاتف ” .. ومنذ ذلك اليوم تخلّى     عن البزّه العسكرية وتفرّغ للسياسةِ والأقتصاد , بنى السدّ العالي الذي كان ظاهرةً اقتصادية ومعمارية كبرى آنذاك وبهرَ بها العالم , وكان اول رئيسٍ عربي يطبّق الاشتراكية والتي على إثرها شيّد المئات من المصانع الضخمة وأوجد نهضةً زراعيةً واسعة النطاق , وأمّمَ قناة السويس التي هي الشريان الحيوي العالمي فهاجمت القوات الفرنسية والبريطانية والأسرائيلية مصر من البحر والجو واحتلّت اجزاءً من شمال مصر وسيناء , وسُمّيَ ذلك بالعدوان الثلاثي الشهير , واُعلنت المقاومة الشعبية في بور سعيد ومدن القنال , ولعبت الدبلوماسية المصرية والإعلام دورا بارزا ممّا ادى الى تدخّل امريكا وتهديد الأتحاد السوفيتي بضرب القوات المحتلة بالصواريخ العابرة للقارات , فاضطرّوا للتقهقر والأنسحاب وبرز عبد الناصر إثرها زعيما عالميا .. حين كان عبد الناصر يلقي أيّاً من خطاباته كانت الجماهير العربية في اقطار الوطن العربي تلتف حول اجهزة الراديو للأصغاء لخطاباته المؤثرة التي تؤجج المشاعر والعواطف العربية , وبالتأثّر بطروحات عبد الناصر القومية تفجّرت عدة ثورات في عدد من القطار العربية كالعراق وسوريا واليمن واتّهمهُ الغرب بأنه يحرّك هذه الثورات من مكتبه .! إننا إذ نذكر ونشير الى هذا البعض القليل عن عبد الناصر , فمُؤداه الى انّ اجيالاً منَ العرب وُلِدَتْ بعد وفاته ولمْ تُعاصر الأحداث الساخنه للمنطقة العربية في زمنه , ونذكرُ ذلك ايضا كتخليدٍ لهذا البطل القومي , إذ ومنذُ فارق الحياة ومن بعد حرب تشرين اكتوبر 1973 التي كان جمال عبد الناصر يخطط لتفاصيلها , كانت قد إبتدأ الإنهيار العربي متلوّثا بزيارة السادات لأسرائيل وعقده اتفاقية كامب ديفيد السيئة الصيت والتي افرزت الى التطبيع , وافتُتِحت سفاراتٌ اسرائيلية في بعض البلدان العربية ليرفرف عَلَمُ اسرائيل خفّاقا في السماء العربية . ويبدو انه كلما امتدّت سنوات افتقادنا وفراقنا لعبد الناصر فأنّ الوضع العربي يزدادُ سوءً , وها نحن نشهد اليوم حالة الإقتتال العربي – العربي , والتآمر العربي – العربي , ولتبلغ الأمور ذروتها في الإقتتال المذهبي .! , والى ذلك وبعيدا عنه فمن المؤسف انّ الحزب الناصري الذي تأسس في لبنان في سبعينات القرن الماضي , وكذلك التنظيم الناصري في مصر , لمْ يستطيعا كلاهما إعادة الحياة الى الحركة الثورية والدينامية القومية بين الشباب العربي كما كانت بزمن عبد الناصر ولمْ يستطيعا اكمال المسيرة …. وإذ كان للرئيس ناصر دورا محوريا في الشؤون العربية في المجال القومي , فلقد تجاوز ذلك الدور الى الصعيد الدولي وكان احد ثلاثي قادة حركة الأنحياز ” تيتو , غاندي , عبد الناصر ” , وكان الغرب متيقّنا انه سيقود المواجهه مع اسرائيل لاحقا وانه السبب الرئيسي في نهضة حركة القومية العربية فضلاً عن تأثيراته في حركات التحرر العالمية ….. إنّ اكثر ما يلفت النظر واشد ما يدعو للتأمّل عن   مدى الحنكة السياسية والدراية والحكمة التي تحلّى بها جمال عبد الناصر : ففي     عام 1968 كان هنالك نوع من التمرد السياسي في تشيكوسلوفاكيا ” العضو في المعسكر الاشتراكي ” وكان التمرد مدعوما من الولايات المتحدة والغرب لأختراق الاتحاد السوفيتي وحلف وارشو مما تسبب في اهتزاز الموقف الستراتيجي للسوفيت , فعقد القادة السوفيت النيّه للقيام بأنزال عسكري ” مظلّي بالدبابات ” بصورة مباغته تُفاجئ بها الغرب الى حد الذهول , واكمل السوفيت استعداداتهم الفنية لذلك , لكنهم قبل الهجوم الجوي بساعاتٍ ارسلو برقية سريّه بالشيفرة الى عبد الناصر يستشيروه عن مدى صحة وحكمة وسلامة موقفهم وتحرّكهم , وخلال دقيقه واحدة ردّ عليهم ناصر بالأيجاب , وقبل يزوغ الفجر التالي كانت آلاف الدبابات الروسية قد غطّت براغ والاراضي التشيكية مما اذهل العالم برمّته , ومن هنا تتأتى الأهمية الستراتيجيه للرئيس ناصر …. وفي ذكرى ولادته في 16 كانون الثاني 1918 , فالدعوة موجّهةٌ لكلّ ابناء العروبة لقراءة سورة الفاتحة على روحه الطاهرة –    على الأقل

[email protected]