23 ديسمبر، 2024 6:39 ص

فتحت عيني على شعاع شمس يوم جديد. يوم السبت يعرفه أهالي القرية بيوم صاخب يفتح أحضانه للباعة المتجولين. يتجمعون كعادتهم عند صخرة المجنون. إسمها ارتبط منذ سنين بإسم أحد الدراويش الصالحين. كل يحاول الترويج لتجارته كالعطارين، بائعي الأواني الفخارية، الفواكه، الخضروات، الطيور و الدواجن…

استوقفتني تلك المرأة ككل أسبوع تحاول عرض مفاتنها و هي تنزل عن دابتها تضع خلخالا و رداء لونه أحمر صاخب. جاءت متأخرة كعادتها. سارعت لتضع بضاعتها فوجدت الرجال يلتفون حولها كالذباب. اقتربت من ذلك الجمع بخطوات واثقة. هي بائعة للحليب و لبن البقر. سمعت شيخا طاعنا في السن يكرر كلمات غريبة اليوم:

– لبن مغشوش.. إنها إمرأة منافقة و مخادعة..

لم ينتبه لكلامه أحد و انطلقت أسارير تلك المرأة بضحكة خبيثة. شعرت بجفاف في حلقي. جملها السافرة فتحت شهية الرجال لشراء ذلك الحليب و اللبن المغشوش ككل مرة. نظر إلي ذلك الشيخ و ألقى بجملته في أذني بحسرة:

– أتعلم بني.. هي عقرب احترفت المشي السريع المتقن لتزرع أشواك الفتنة في آخر الزمان.. رجال هذه القرية أكثر شرها و أقل أدبا و أخلاقا.

تركته و التفت اليها فوجدت كلماتها عارية عن كل استحياء حيث قالت لأحدهم:

– يا زين.. أنت لا تشبه الرجال في أي شيء..

للحظة تخيلتها حجرا طائشا هوى على أهالي قريتنا تناسى عظمة الله الذي أخبرنا بما في صدور المنافقين و المنافقات الذين يأمنون مكره الذي يحدث بقدراته ما لا يكون في الحسبان.