في فجر يوم 2 / مايو /2011 ، قتل أسامه بن محمد بن عوض بن لادن المولود في الرياض للعام 1957 من والدته حميدة العطاس ، من قبل قوة من الكومندوس السيلز والتابعة للبحرية الأمريكية في العملية المعروفة بـــ عملية جيرانيمو ، ورغم ما أثير حول طبيعة العملية وما أحدثه مقال الصحفي الأمريكي سيمور هيرش من ضجة في المجتمع الأمريكي بعد أن نشر مقالا له في أحد الصحف البريطانية يفند من خلاله القصة الأمريكية التي ترتكز على تتبع الناقل لرسائله والمدعو أحمد الكويتي فأن هيرش قد أوضح في مقاله إن بن لادن كان سجينا لدى السلطات الباكستانية في مجمع أبوت أباد وأن أحد الجنرالات الباكستانيين والذي كان يعمل لدى المخابرات الأميركية هو من وشى بمكان بن لادن وأن المخابرات الأمريكية إفتعلت قصة تتبع ناقل الرسائل ،
المهم أن هذا الإشكال ورغم نفي البيت الأبيض له يبين في كل الأحوال عدم مصداقية بقدر أو بآخر أي من الروايتين يدعم ذلك عدم تصديق الكثيرين من أن جثة بن لادن قد ألقيت في البحر مقابل الرأي الذي يرى أن جثة بن لادن لازالت في حوزة الإستخبارات العسكرية الأمريكية ، وقد تكون هناك رواية ثالثة أو رابعة سنستمع اليها بعد أمد من الزمن ،
وكنتيجة لمقتل بن لادن حدثت بعض العمليات الإرهابية في بعض الدول الأوربية هنا وهناك وكانت على مستوى التفجيرات المحدودة أو تنفيذ إغتيالات لأفراد من الأجهزة الأمنية أو وضع عبوة جوار سكة قطار وكلها تشير الى أن تلك الأعمال كانت أعمالا فردية وتفتقر الى التخطيط المنظم والمدروس وسياقات العمليات الإرهابية والتي هدفها حصد أكثر مايمكن من الأرواح البريئة الهدف منه إثارة الخوف والرعب في نفوس المجتمع الغربي ، ولربما يقودنا ذلك الى أجوبة عديدة بدون طرح أسئلة لهذه الإجابات كون تنظيم القاعدة بعد مقتل بن لادن غير تنظيم القاعدة بعد بن لادن ، فالتنظيم عبر مسمياته في العراق أو في سوريا أو في اليمن أو في المغرب العربي تجاوز ستراتيجية العمليات الإرهابية الكبيرى كونه إنشغل باحتلال أراض
في الدول العربية المذكورة من أجل تحقيقه هدفه المعلن لقيام مايسميه التنظيم بدولة الخلافة وسمحت لهذا التنظيم ظروف عدة منها داخلية في الدول المعنية ومنها خارجية لها علاقة بالجيوبولتك وإعادة توزيع المنطقة من جديد سمحت له تلك الظروف كي يسيطر على أجزاء واسعة ويطبق نظامه الشريعة السياسية ويستخدم أقسى أساليب العنف ضد المسلمين أنفسهم الذين لم ينصاعوا لبيعته أو تحت طائلة عدم تطبيق الواجبات الدينية ، فكيف به مع القوميات والمذاهب الأخرى ، إضافة الى شيوع إسلوب المفخخات والعبوات الناسفة ضد التجمعات البشرية التي لاحول لها ولاقوة ،وهنا وجد المجتمع الدولي وتحديدا الغرب إن داعش بوجوده ضمن تلك الرقع الجغرافية من الشرق الأوسط وتحديدا الوطن العربي سيبعد عن أوربا الى حين العمليات الإرهابية عن أراضية وأعتقدت أوربا كذلك بأن إطالة الصراع سيخدم الأهداف والنوايا القريبة والبعيدة للحكومات الأوربية فغذت بعض الحكومات عبر وسطائها الآلة الحربية لداعش من خلال إرسال أسلحة متطورة أو عبر تحويل أموال أو عبر بيع البترول ومشتقاته من المناطق التي سيطر عليها أو السماح للمقاتلين ومساعدتهم بإجتياز الحدود للإلتحاق بالتنظيم ، هذه الحال أو بالأحرى
الفترة الزمنية التي نتحدث عنها الآن شبيه كل الشبه بالفترة التي سبقت أحداث 11 سبتمبر لأن بن لادن والذي يؤمن بفكرة عالمية التنظيم أراد ومن خلال مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية أن يخرج القاعدة من مقاتلين في ظلام الكهوف ونقل هذا التنظيم الى نور المواجهات الكبرى كي يعزز ريادته أولا في قيادة التنظيم وثانيا كي يجبر الدول الأقل شأنا من الولايات المتحدة أن لاتكون طرفا في أي مواجهة تقدم عليها القاعدة في أي بقعة من العالم ،حدثت أحداث أيلول وبحدوثها أنهت الولايات المتحدة فكرة الشراكة العسكرية أو التعاون العسكري بين دولتين لإقتسام مناطق النفوذ ، وقد هيأت 11 أيلول مناخات قبول فكرة الطرف الأحادي من قبل الدول الأوربية والتي قبل ذلك أي الدول الأوربية بدأت تتشكل كقوة عالمية مؤثرة في الصراعات الدولية وصوتا لايقل عن صوت الولايات المتحدة في مؤسسات الأمم المتحدة بعد إنحسار الدور الروسي عالميا وإقليمياً .ولسنا هنا بصدد لماذا 11 أيلول ومن صنعه وبالتالي يقودنا ذلك الى السؤال البديهي ومن صنع القاعدة وبن لادن ولابد من التذكير أن الأحداث العالمية لابد أن تثار عليها مجموعة من الشكوك وكما أسلفت فبمثل الشكوك التي
أثارها سيمون هيرش حول حقيقة العملية التي أدت الى مقتل بن لابد أثيرت الشكوك حول من كان يخطط كي تكون هناك 11 أيلول ، وهو سؤال مطلق جعل الرئيس الأمريكي جورج بوش حينها لايجد له إجابه واحدة غير مقولته الشهيرة (من إن كل من ليس معنا فهو ضدنا )،وقد وجد الساسة الأمريكان في مقولة جورج بوش فرصة للإنقضاض على العدو المفترض قبل أحداث 11 أيلول وأسموا هذا العدو بــ ( محور الشر )، فأسقطوا النظام في العراق وهددوا إيران بل إقترح البعض من أصحاب القرار القيام بضربات صاروخية تأديبية ضد مواقع إيرانية مختارة ،في حين رأى البعض أن ليس بالإمكان شن الحرب على دولتين إسلاميتين في آن واحد فتم تحييد إيران وفق ما أعلن في ذلك الوقت من أن إيران لن تكون ضمن الأهداف وهو ماجعل إيران أن تقف موقفها المعروف في المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة والعراق ضمن أسباب متعددة منها المنظور وغير المنظور حالها حال معظم دول العالم والدول العربية ،وكانت القوى المتطرفة سواء في العراق أو دولا أخرى قد وجدت فرصتها للإفلات من القيد التي كانت الحكومات
السابقة تقيدها به وهو ماساعد على نمو هذه الحركات الإرهابية وتكوينها أيدلوجيا وعسكريا ،
وتأتي مرة أخرى ظروف متشابهة كتلك الني ذكرناها ولكن بحقائق معكوسة ومن هذه الحقائق أن تنظيم القاعدة يعيش أسوأ حالاته الآن سواء في العراق أو سوريا بعد الإنتصارات الكبيرة التي يحققها المقاتلون العراقيون بمختلف تشكيلاتهم وكذا التطور الإيجابي في الساحة السورية لصالح الجيش السوري ، ومن هنا فأن القاعدة وهي تتجه الى الشللية العسكرية فأنها تريد الخروج من كهف الهزيمة الى نور النصر وقطعا هذا ومن غير الممكن أن يتحقق لهم في الساحة العراقية وحتى على الساحة السورية في الوقت الحاضر ، لذا كان تفكير القاعدة من أن لابد من إعادة القدرة العسكرية لمقاتليها ورفع معنوياتهم من خلال عمليات شبيهة بما حدث في 11 أيلول ، ولعل التفجيرات الإجرامية التي قامت بها القاعدة في باريس
ونيران تلك التفجيرات التي شممنا بها رائحة 11 سبتمبر جديد ربما سيكون في أمريكا أو بريطانيا أو المانيا أو غيرها من الدول الأوربية وستسارع في تنفيذه لأنها تعلم بأن وقتها بات قصيراً ،،لإعتقادهم إن
ذلك هو الحل المناسب لإيقاف هزيمتهم النهائية ولو الى بعد حين ،