8 أبريل، 2024 10:44 م
Search
Close this search box.

أشكالية البعثي هو السني والسني هو البعثي؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد مرور 15 عام على سقوط النظام السابق أثبتت الدلائل فشل التجربة السياسية الجديدة بالعراق!، لأنها أعتمدت مبدأ المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية والسياسية كألية للحكم، وقد خلفت هذه السياسة اللاوطنية واللاأنسانية التي أعتمدتها كل الأحزاب المشاركة في الحكم كل هذا الخراب ليس على مستوى البنى التحتية للبلاد فقط بل على مستوى دمار الأنسان والمجتمع بشكل عام. حيث لا زالت الأحزاب السياسية المتصارعة والتي قادت البلاد من بعد سقوط النظام السابق تدور في فلك الطائفية والتخندق المذهبي، رغم أدعاءات قادة تلك الأحزاب أمام وسائل الأعلام بأنهم يرفضون الطائفية والمحاصصة، ألا أنهم متمسكون بها لأنها السبيل الوحيد لبقائهم وأستمرارهم في الحكم!، بعد أن أستطاعوا ونجحوا في تقسيم الشعب الى معسكرين طائفيين شاء الشعب أم أبى ذلك ونشروا فيهم كل بذور الفرقة والأختلاف. ندخل الى صلب المقال: فقد أوخذ الكثير من العراقيين من (أهل السنة)، بجريرة ما أقترفه رئيس النظام السابق من ذنوب بحق الشعب العراقي رغم أنه وزع ظلمه بالتساوي على عموم الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب!.ولكن من بعد سقوط النظام السابق ألتصقت تهمة غريبة بأهل السنة ألا وهي: بأن أهل السنة هم بعثيون وأن لم ينتموا، وهم بعثيوا الهوى وصداميوا الروح والتفكير؟!، حتى تحولت هذه التهمة وصارت من الأمور المسلم بها وأصبحت كواقع حال لا مفر منه ومن تغييره!. وللعودة الى الوراء نرى أن هذا المفهوم بدأ يترسخ في عقول ونفوس العراقيين منذ أستلام (الرئيس السابق صدام حسين) مقاليد الحكم في العراق عام 1979 ،عندما بدأ وبشكل واضح بتقريب أهالي المحافظات السنية( الأنبار- صلاح الدين- الموصل- ديالى)، حيث جعل المناصب العليا في الجيش والأجهزة الأمنية والخاصة والمخابراتية وكافة منتسبيها بيدهم وصارت حكراعليهم!،عدا أستثناءات بسيطة في هذا الجهاز الأمني وتلك المؤسسة المخابراتية ليست ذا أهمية وتكاد لا تذكر ولا تعرف.وأزداد هذا المفهوم وترسخ أكثر حتى أصبح سمة من سمات المجتمع العراقي يعرفها ويشعر بها حتى البسطاء والصغار من الناس! بعد أنتفاضة عام 1991 (خروج الجيش العراقي منكسرا من الكويت)،عندما تمردت كافة محافظات العراق بأنتفاظة جماهيرية رهيبة كادت أن تطيح بالنظام السابق لولا التدخل السعودي والأمريكي والحسابات الدولية والأقليمية حينها التي صبت لمصلحة النظام السابق!، أستثناء من المحافظات السنية الآنفة الذكر والتي أطلق عليها بعد القضاء على الأنتفاضة بالمحافظات البيضاء. ومن المفارقات الغريبة التي لابد من ذكرها هي أن محافظات الجنوب والوسط التي أنتفضت و عانت الأمرين من قسوة وظلم النظام السابق بعد أنتفاضة عام 1991 قاتلت الأمريكان ببسالة وشرف وببطولة نادرة أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وخاصة مدينة (أم قصر في البصرة) مما أجبر الأمريكان أن يغيروا من خطتهم العسكرية وتقدموا صوب العاصمة بغداد وأسقطوها وبالوقت الذي كانت فيه مدينة أم قصر تقاتل بعناد وببطولة قل نظيرها!. في حين لم تطلق المحافظات البيضاء والتي كانت السند القوي للنظام السابق وسده المنيع وحصنه الأمين أطلاقة واحدة على الأمريكان ورفعت راياتها البيضاء أستسلاما للأمريكان!. ومن المفارقات الأخرى التي ربما لا يعرفها الكثير من العراقيين هو أن القيادات المؤسسة لحزب البعث وخلاياه التنظيمية ورعيله الأول كانوا من جنوب ووسط العراق !، من أمثال حازم جواد وفؤاد الركابي هؤلاء من محافظة (الناصرية)، علي صالح السعدي ، كردي فيلي من محافظة ديالى، نعيم حداد من محافظة (العمارة)،محسن الشيخ راضي من محافظة (النجف) وهو أحد جلادي قصر النهاية عام 1963! ، أضافة الى عبد الحسين مشهدي وسعدون حمادي وغيرهم الكثير وهؤلاء كلهم من الشيعة!، لأن حزب البعث هو في الحقيقة حزب علماني حاله حال الحزب الشيوعي فيه السني والشيعي والمسيحي والمندائي. نعود بالقول، لقد كان بالأمكان أزالة مفهوم أن (كل سني هو بعثي وكل بعثي هو سني) من عقول العراقيين من بعد سقوط النظام السابق، هذا المفهوم الخطير! الذي لازال يهدد وحدة النسيج الأجتماعي العراقي بعد أن أحدث شرخا كبيرا فيها، ولربما قد يؤدي هذا المفهوم الى ماهو أبعد من ذلك، فقد يؤدي الى تقسيم العراق!. لقد كان بالأمكان أزالة هذا المفهوم لولا القرارات المقصودة والسيئة التي أقدم عليها الحاكم المدني السابق للعراق السيء الذكر(بول بريمر)، عندما أصدر قرار حل الجيش العراقي، وقانون أجتثاث البعث (المسائلة والعدالة) المثير للجدل والذي أحدث ولازال فوضى سياسية وأدارية كبيرة رغم تغير تسميته!،حيث أرتكبت الكثير من الأخطاء تحت ظل هذا القانون وأسيء تطبيقه بالشكل الصحيح والعادل؟!. هذه القرارت وغيرها خلقت فجوة كبيرة بين العراقيين وفرقتهم وأحدثت خللا كبيرا في النسيج والبناء الأجتماعي للعراق وبنفس الوقت ألقت بظلالها وتبعياتها الخطيرة على العملية السياسية المتعثرة بالعراق أصلا، وعلى أعادة أعادة بناء العراق عسكريا ومدنيا( دوائر الدولة ومؤوسساتها المدنية) بالشكل والمفهوم الوطني الصحيح.فوسط الهياج الجماهيري الرهيب والفرح الغامر بسقوط النظام السابق حينها، أرتكبت الكثير من الأخطاء في لحظات هستيرية غاب عنها صوت العقل والرؤيا البعيدة ومصلحة الوطن، وكانت هناك قرارات اللحظة التي لا تخلوا من الأنتقام من كل شيء ومن أي شيء!،بسبب ما تركه رئيس النظام السابق على العراق وشعبه من آلام كثيرة فقد أدمى قلوب العراقيين جميعا بسياسته الرعناء والهوجاء والتي أدت الى نفور أقرب المقربين أليه!( أقرب المقربين له هو من اوشى به لدى الأمريكان ودلهم على مكان أختبائه مقابل هديه 25 مليون دولار ويسكن الان في أمريكا وهو من (بيت المسلط)، وهذه الحقيقة يعرفها اهل تكريت حق المعرفة واليقين!. نعود الى صلب الموضوع لنرى كيف ترسخ مفهوم (السني هو البعثي) في العقل الجمعي لدى الكثير من العراقيين، فقد رأى الكثير من العراقيين أن محاكمة رئيس النظام السابق وأعدامه على خلفية قضية (محاولة أغتياله) من قبل اهالي الدجيل عام 1982 والتي تم أعدام قرابة 148 شخص ممن أتهموا بمحاولة الأغتيال وكذلك رأى ذلك الكثير من المفكرين والمحللين السياسيين خطأ كبيرا؟!، لكونها أرسلت رسالة ليس للعراقيين فحسب بل للعالم أجمع بأن أعدام صدام كان طائفيا أكثر من كونه دكتاتورا قاسيا!. وحينها ذكر المفكر المعروف حسن العلوي متأسفا (بأنهم أعدموا صدام السني ولم يعدموا صدام الدكتاتور!). فقد أخذت الأمور بعد ذلك منحا طائفيا وأجتماعيا ومذهبيا خطيرا لازلنا نعاني منه لحد الآن!. لأنه حتى الذين كانوا يمقتون صدام ويكرهونه كره العمى من أهل السنة!، وجدوا في أمر أعدامه أنه أنتقام مذهبي وطائفي أكثر من كونه أستحقاق لشخص دمر البلاد وسفك دماء الكثير من العراقيين بحروبه. أقول هنا ومن باب الأفتراض الذي لربما يصل الى حد الخيال!، لو توفر لحكام العراق الجدد الذين قادوا العراق من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق، بعدا أجتماعيا وعقلانيا بعيدا عن روح الثأر والأنتقام، لا يخلوا من فن ودهاء سياسي!، وتم محاكمة صدام حسين وأعدامه بتهمة ( أعدام العقيد الركن الطيار محمد مظلوم الدليمي)، وهو من أهالي محافظة الأنبار، حيث قتله صدام شر قتله بتثقيب جسمه بالدريل! وأرسل جثته الى أهله في الأنبار!. أقول لو حدث ذلك لكانت تلك أكبر رسالة سلام ومحبة ولأصبح أهل الأنبار المعروفين بطيبتهم ونخوتهم طوع أمر كل الحكومات التي قادت البلاد من بعد السقوط. ونفس الشيء يمكن قوله لو تم محاكمة صدام وأعدامه على خلفية أعدامه (اللواء الطبيب راجي عباس التكريتي)، حيث تقول رواية العراقيين بأنه قتل بطريقة بشعة أيضا حيث صار طعما لكلاب تم تجويعها لأكثر من أسبوع!، لكان حكام العراق الجدد قد كسبوا ود الكثير من أهالي تكريت ورضاهم وأمنوا جانبهم!، لا سيما وأن هذه المحافظة هي معقل الرئيس السابق وأهله وعشيرته، ولربما خففت الكثير من كره أهاليها وأبنائها الواضح لحكام العراق الجدد!. وأيضا يمكن أن نقول، لو تمت محاكمة صدام وأعدامه على خلفية أعدامه( الفريق الركن وليد محمود سيرت) وهو من أهالي الموصل، لكانت الكثير من الأمور قد تغيرت ولربما لم تسقط الموصل بيد داعش ولدافع عنها أهلها دفاعا باسلا!. ما ذكرناه هو من باب الأفتراض كما ذكرت آنفا، ولو كانت الحكومة قد أقدمت على ذلك، لكنا قد قبرنا الطائفية في مهدها وأغلقنا الأبواب بوجه كل من يريد أثارتها!. ولكانت رسالة سلام ومحبة ووئام من الحكام الجدد للعراق الى أهالي هذه المحافظات وكأنها تقول لهم: ( بأننا حرصنا أن نأخذ حقوق ضحاياكم أولا قبل أن نفكر نحن الشيعة قادة العراق الآن بأخذ حقوقنا، حيث ذقنا الأمرين من جور وظلم النظام السابق لنا)!. كما كان على الحكومة أيضا أن تفكر بأعادة الأعتبار للبعثيين الذين أعدمهم صدام حسين وخاصة ضحايا (مجزرة قاعة الخلد) الذين تم أعدامهم عام 1979 بعد تسلمه زمام الحكم بالعراق،وهم مجموعة (عبد الخالق السامرائي وعدنان الحمداني ومحمد عايش ومرتضى الحديثي والباقين معهم)، لكون هؤلاء وغيرهم الكثير من البعثيين الشرفاء كانوا غير راضين على سياسته التي أدت الى خراب العراق وضعفه ومن ثم أحتلاله.أن مثل هذه الأجراءات لو قدر لها تتحقق لأزالة مفهوم أن كل سني وهو بعثي وبالعكس!، وكذلك لقبرت أية فتنة طائفية أو عنصرية أو شوفينية، ولكانت قد ألقمت حجرا لكل دول الجوار التي تتربص الشر بالعراق، ومنعت تدخلهم بالشأن العراقي منذ 15 سنة ولحد الآن ،ولكنا قد حافظنا على النسيج الأجتماعي والمذهبي للعراق. وفي هذا الصدد نذكر ما قاله (الشيخ عبد الرحمن الفهداوي) أحد شيوخ الأنبار الى وسائل الأعلام تعليقا على مظاهرات أهالي المحافظات الجنوبية(( نحن نتقاسم همومنا وحزننا مع أهلنا في الجنوب، فأوضاعنا ليست أحسن من البصرة وذي قار، بل هي لربما أسوء، فمنازلنا مدمرة وبنانا التحتية والخدمية غير متوفرة بسبب العمليات العسكرية ضد الأرهابيين، ولكننا لا نستطيع المشاركة في التظاهرات لأننا سنواجه تهما جاهزة وهي ،أرهابيين، بعثيين، يريدون أسقاط النظام!))الى هنا أنتهى ما قاله الشيخ الفهداوي. ولكن ومع الأسف جرت الأمور من بعد سقوط النظام السابق بعيدا عن العقل والروح الوطنية وبعيدة كل البعد عما يريده الشعب، وما تظاهرات العراقيين بعموم المحافظات وأنتفاظتهم، منذ قرابة الأسبوعين ألا دليل على فشل سياسة الحكومات والأحزاب السياسية التي قادت البلاد من بعد سقوط النظام السابق ولحد الان وعلى كافة الصعد ، والله المستعان على ما يفعلون.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب