23 ديسمبر، 2024 5:27 م

في اغلب الاحيان وعند مراجعتي لبعض الدوائر الحكومية لقضية او معاملة شخصية  , اصدم دائما بتلك الدوائر التي انتابتها مخالب التاريخ الاسود , جدران متسخة واثاث تعود صناعته الى منتصف القرن الماضي , وعلى الرغم من ان الميزانية العامة لكل سنة تنشر الاموال الهائلة بين الوزارات  وكانها تحاول تأسيسها من جديد ! ولكن بدون تحقيق نتائج معينة طبعا  ولاعلم  هل الخلل بلمؤسسات ام بالاموال نفسها ؟ التي تعطى بدون حساب من وزارة التخطيط المغيبة بالواقع   , فالمبالغ التي ترحل الى الوزارات المعنية منذ عشرة اعوام ولحد الان لم تضيف مبنى او  مستشفى او مدرسة جديدة تذكر الى يومنا هذا ! فلابد ان توزع الاموال حسب الحاجة وليس بنظام الحصص  النقدية كما يسري الان مع الاسف  , وعلى الرغم من انطواء عقد من السنوات  على التغيير في العراق لكننا لانسمع غير ارقام الاموال الضخمة التي يتحدث بها مسؤولي العصر في العراق بانها سوف تذهب الى ذلك المشروع او ذاك الاخر دون الحصول على نتائج حقيقية بكل تأكيد فمسؤول العراق اليوم لابد ان يمتلك ماكنة اعلامية قبل ان يضع يده في أي عمل وظيفي  .. ان مؤسسات الدولة اليوم ينقصها الكثير من الاحتياجات وهي مسألة يعرفها الجميع على الرغم من سريان تلك الاموال اليها ! ونحن اليوم ليس بمحط تذكير للسادة المسؤولين الاعزاء  بواجبات مقاعدهم الذهبية فهم يعرفون جيدا مايدور في اروقة مؤسساتهم ودوائرهم من صفقات ومقاولات !! . ولكن العجيب في الامر بهيكلية الموظف الحكومي نفسها وهو الاداة والوسيلة لتحقيق متطالبات العمل الوظيفي  الذي  لم يتقدم هو الاخر أية خطوة ايجابية الى الامام تميزه عن الموظف في القطاع الخاص كونه موظف يمثل الدولة العراقية للقرن الواحد والعشرين !! ..قبل ايام زرت احدى الدوائر الحيوية !! لانجاز معاملة خاصة بي ,  وكنت قد وصلت الى مبنى تلك المؤسسة بحدود الساعة الثامنة صباحا تحسبا لوجود طوابير المواطنين التي تصف امام بوابة تلك الدائرة  قاصدين الخدمة التي  تقدمها للمواطن العراقي  يوميا !! وبالفعل دخلت الى داخل تلك الدائرة بحركة سحرية مع حرس الدائرة نفسها !! دخلتها  ولم اجد فيها احدا  فسائلت احد المارين : اين الموظفين ؟ فقال : لااعلم يمكن اليوم عطلة !! ضحكت قليلا مع ذالك المار وتوجهت لاحد الغرف حيث رافقتني روائح لاطيب الاكلات الشعبية  وتحديدا الباقلاء بلدهن الحر !!!!  فوصلت الى مصدر تلك الروائح فشاهدت تلك الصورة لموظفي الدائرة الذين اجتمعوا ليتناولوا وجبة الافطار ! فتذكرت احد الاعمال العراقية الكوميدية للفنان الكبير محمد حسين عبد الرحيم ” ايام الاجازة” فهم  يتناولون معا دون الاحساس والتذكر بقدسية مكان عملهم الوظيفي و انهم في مرفق حكومي !! خرجت من تلك الغرفة بعد ان اعتذرت لهم على اسلوبي الغير لائق حينها و اقتحامي لغلوتهم الوظيفية ساعة الصباح ! وبعد ان خرج احد الموظفين من غرفة الافطار توجهت له وطالبته بضرورة اكمال حاجيات الناس لكونها حالة من اعظم الحالات التي وصفتها الاديان السماوية جميعا وهي ان تخلص امر اخيك المسلم كما تخلص لنفسك وان تحلل رزقك ورزق اهلك معا  ناهيك عن واجبات الوظيفة التي تلزمك قانونيا بتنفيذ متطلباتها  ! اجابني الموظف الكسول والذي ظهرت عليه معالم التعب والتعجب وعدم الحصول على كميات النوم الكافية بهدوء ..( يمعود هي خربانة واشطب يومك) ان الذي سمعته من ذلك الموظف بكل تأكيد لاينطبق على جميع الموظفين لان هنالك شريحة تستحق منا التقدير والثناء ..غادرت تلك الدائرة اليائسة بعد ان اتممت معاملتي والتي قررت عدم ذكر اسم الدائرة كونها واحدة من الدوائر الكثيرة التي تعاني من هذه الحالة ةوهي حالة عامة وليست خاصة , وكذلك ان القائمين اليوم على زمام الامور في البلاد هم من الشخصيات التي من الخطأ تسميتهم بل(سياسين) كون السياسي هو من يعمل قصار جهده لتحقيق مكاسب لبلده فقط دون ان يفكر باي جهة اخرى على حساب وطنه الام , وهذه الحالة لايمتلكها معظم من يتصدرون الشاشات اليوم في العراق .. فهم شاركوا بتساع  ثقافة ( اشطب يومك) ان هذه الثقافة تحول الانسان الى حيوان بل انزل منه تلك  درجة “اجلكم الله” , ان مسؤولي اليوم هم من عمموا على شرائح الشعب هذه الثقافة فمصطلحات كثيرة انتشرت في الشارع بسبب خلافاتهم الغير منطقية  منها ( اني شعليه  , قابل فلوس الي خلفونه” باشارة الى المال العام”  , زين لتسوي شر ميجيك) هكذا حلت ارض علي والحسين (عليهم السلام) ؟ هل تخلينا عن صفات العمل الدؤوب ؟ الى هذه الدرجة وصلنا  , هل تخلصنا من صورتنا الاولى عربيا وقبلنا مساوتنا بشعب الصومال مع احترامنا الشديد للاخير ؟ ياعراقيون رحم الله امرء اذا عمل عملا فاتقنه  انها كلمات سيد الكائنات رسولنا الاعظم (ص)  , لابد ان نعمل ونتكاثف عراقيين مخلصين لهذه الارض التي انجبتنا ولانسير مع اصوات يئست ونامت في بقاع الظلمات .. لابد ان يكافئ المجتهد ويحاسب المقصر للحصول على امن وقوة وسلام في جميع القطاعات في العراق , لابد ان  تعود الصناعة لتجد دورها الحقيقي في العراق .. ونحن يادولة رئيس الوزراء نطالبكم اليوم بتشغيل جميع المعامل العراقية التابعة للصناعة والمعادن وايقاف استيراد البضائع الغير ضرورية للبلاد  ..لنصنع ونبني ونحافظ على بلدنا العراق من شرور الدول التي تحاول المساس بطيبة اهلنا ونبعهم الاصيل , لابد ان تعمل جميع الهيئات ذات العلاقة بطاقاتها القصوى لحث العمل والعمال في العراق وخلق روح الحرص والابداع والتخلص من روح الاتكال التي انتابت  اغلب موظفي القطاع الحكومي في العراق مع الاسف الشديد .