وقع في يدي ديوان الشاعر” سعد ياسين يوسف ” وهو إستعارة من الشاعر” صادق العلي ” الذي عاد تواً من العراق بعد زيارة قصيرة إلى أهله في العراق ، وهو من القطع المتوسط ويقع في 141 صفحة ،وقد شدتني لوحة الفنان التشكيلي الصديق الذي تعرفنا عليه في الاردن أيام محنة الوطن ، وهو المبدع البروفسور ” صبيح كلش ” في واجهة الديوان وهي كما يبدو دراسة تأملية للفنان من خلال التمعن في قراءة القصيدة التي يكتبها الشاعر ،اخذتني القصيدة التي يكتبها ” يوسف ” عبر صراع درامي في شخوصه الواقعية وكذلك الرمزية التي تتصارع في داخله عبر اليات عديدة وكأننا في مأزق أو لنقل في مأزق حقيقي أزاء حالات عديدة وليس حالة واحدة أو ثيمة ذات منحى واضح وأنما مع عدة ثيم مما جعلنا في عرض بصري على خشبة مسرح الحياة الذي تعكز عليه الشاعر ،وكأن ” كلش ” الذي تمرغ في هذه القصائد ليعطي لنا صورة فيها الكثير من هذا الجفاف بالرغم من بعض الأحلام التي تلامس الشاعر الذي لم ينتكس من هول ما مر به من منغصات وأزمات في وطنه الأم ،وكلنا نعلم أن الفنان ” كلش ” ناقد تشكيلي ومربي كبير في مجاله فضلا ً ، ولهذا نجد الألوان الذابلة والصفراء طاغية على لوحة الغلاف ،وكأنه يقول لنا هذا مايحدث في الوطن منذُ أيامه الأولى إلى يومنا هذا ، ففي قصيدة ” شجرة النزول ” يقول
ربي أختر لي أرضاً
أنتثرُ فيها من رحمي
قبائل خُضرة
يعلو فرعي ثانية نحوك
وأذيبُ الملح اكوُرهُ
رطباً ص85
هذه الأشتغالات في قصائده تحافظ على مقوماتها في التخييل والتصوير وكذلك الإيقاع ،والذي يغوص في قصائد الشاعر يكتشف المتن الحكائي الذي بنى شاعرنا القاعدة الأساسية للمعظم هذه التجاذبات التي تعكز عليها ويدخلنا في متاهات الوطن الكثيرة والتي لا تعد ولا تحصى ، عبر نصوصه الموجودة في ديوانه الصادر عن دار ” مركز ميزوبوتاميا الثقافي ” والتي بنى عليها أفكاره ورؤاه كي يرتقي بها نحو فضاء جمالي كي يحقق أقصى درجة من الإبداع في النسيج الشعري والبناء الذي يستمد منه طاقاته الدلالية والشعورية والفكرية ، ونتيجة لمعايشة الواقع المتعب والمر الذي بدأ يصهل في جوانياته الداخلية مما أستمد أرضيته الملائمة لتطور نصوصه وهو الحريص كل الحرص لكونه مبدعاً في إختيار مفرادته لإدراكه حساسية إرتباطه بالنص ،والكل يعرف ماقيمة العنوان الذي يختاره أي مؤلف لمطبوعه ،ويعدُ العنوان واحداً من أهم الوسائل الجمالية والدلالية في بناء النص من جهة ،فكان عنوان مجموعته “أشجار خريف مو حش ” وحدة دلالية مختزلة تمارس أقصى درجات الاقتصاد في التكوين اللغوي ،وتبعث بإيحاءات عدة هذا البوح الكامن بأسرار النصوص ،
من هالات عيون الرهبة
من حلمات الرطب التموزي
أبوحُ بحزن يمامات الصمتِ
النابت ِفي ذاكرتي
شظايا حروبٍ مرت
فوق خرائط ِ جسدي ص77
والذي يدخل في جوانيات هذه النصوص الشعرية يجد الكثير الكثير من الضوء وسط هذه العتمة التي تعتري هذا الشاعر ، عموالمه المتخيلة من الحوادث التي مرت به وكذلك الشخصيات وعلاقتها المتبادلة ، والزمان وتقنياته ، والمكان وأنواعه الذي يلاحق الشاعر في غربته التي جاءت قسرية من خلال الضغوط التي حاصرته ، الذي يقول عنه الشاعر القروي الكبير ” عيسى حسن الياسري ” أن تجربة د. الشاعر سعد ياسين يوسف الشعرية بالتجربة الخلاقة ، وهذا الديوان يضم 30 نصاً شعرياً مع ترجمة شعرية وباللغة الانكليزية لقصيدة ” اشجار خريف موحش ” وهو الحاصل على جائزة ليوم الشعر العالمي التي أقيمت في بلغراد من بين 250 شاعراً
ما حطتِ الفراشة
أوغلت بروعة ِ الرحيق
تنهضُ في ً
في الورد ِ
قيامة ُ الجسد ِ ص 75
وسبق أن صدر للشاعر ” قصائد حب للأميرة عام 1994 ، شجر بعمر الارض 2002 عن دار الشؤون الثقافية – بغداد ، شجرة الأنبياء 2012 عن دار الينابيع – دمشق .