في الزمان القديم يقال تبلبلت ألآلسن في بابل العراق , واليوم تتبلبل ألآراء في الحرب ضد ألآرهاب , والعراق مركزا لهذا التبلبل , وأن كانت الشام لاتقل أهمية عن ذلك , ولكن يظل العراق يحمل ثقلا تاريخيا , فمحافظة صلاح الدين التي يجري طرد عصابات داعش منها هي تحمل أسم مدينة تاريخية هي تكريت وأول من بنى قلعة تكريت هو سابور بن أردشير أبن بابك , وكان حي من أحياء العرب من النصارى يسكن بادية تكريت فتزوج المرزبان الفارسي أبنة رئيس الحي وأسمها تكريت التي سميت البلدة بأسمها وسكن أهل الحي العربي حول القلعة وبنوا مساكنا لهم , وعن المعارك التي وقعت بتكريت يقول عبيد الله بن الحر :-
فأن تك خيلي يوم تكريت أحجمت .. وقتل فرساني فما كنت وانيا
وماكنت وقافا ولكن مبارزا .. أقاتلهم وحدي فرادى وثانيا
وقال عبيد الله بن قيس الرقيات :-
أتقعد في تكريت لافي عشيرة .. شهود ولا السلطان منك قريب
وقد جعلت أبناؤنا ترتمي بنا .. بقتل بوار والحروب حروب
وأفتتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب سنة 16 هجرية , أرسل اليها سعد بن أبي وقاص جيشا عليه عبد الله بن المعتم فحاربهم حتى فتحها عنوة وفي ذلك يقول :-
ونحن قتلنا يوم تكريت جمعها..فالله جمع يوم ذاك تتابعوا
ونحن أخذنا الحصن والحصن شامخ..وليس لنا فيما هتكنا مشايع
فتاريخ تكريت مشترك بين شتى ألآقوام من عرب وفرس , وكانوا جميعا يخشون تهديد الروم , فلذلك عاشت تكريت على تخوم حروب مستمرة , واليوم عندما يريد العراقيون طرد مجاميع ألآرهاب الداعشي منها , والحرب ضد عصابات داعش أصبحت ذات منحى دوليا حيث تشارك أمريكا , وأستراليا , وبريطانيا وفرنسا وكندا وبعض الدول العربية ولو بطلعات جوية , واليوم يزور وزير دفاع تركيا بغداد ويعرض مساعدة تركية , ولآن حرب العصابات ألآرهابية “داعش ” على العراق تمت بظروف أستثنائية يعيشها العراق من حيث عدم أستكمال بناء قواته العسكرية وألآمنية , ونتيجة لذلك لم يتم أستكمال عدة السلاح والعتاد , ولآن الحرب على ألآرهاب المدعوم من جهات تخفي علاقتها بالدعم لكنها معروفة , لذلك من الواقعية والموضوعية أعلن العراق ترحيبه بالمساعدات لذلك كانت المساعدات ألآيرانية هي السباقة الى الميدان , والسيد مسعود البرزاني أول من أعلن عن المساعدات ألآيرانية , وتجاه هذه المساعدات وجدنا تبلبلا في ألآراء , وهذا التبلبل لايجعل من أصحابه يعيشون عصرهم ولا يتحسسون محنة بلدهم العراق , لذلك رأينا البعض يجعل من المساعدات والمشورات ألآيرانية موضع ريبة وشبهة , ورؤية من هذا النوع هي خزين لتراكم شعور بالنقص تغذيه العنصرية تارة والطائفية تارة أخرى , وهو في كل الحالات تعبير عن هبوط ثقافي وعدم نضج سياسي لايرتقي الى مستوى الحدث الذي يمر به العراق , وملامح هذا التخلف تفضح أصحابها الذين يسكتون عن تواجد ألآخرين عددا وعدة على أرض العراق , بينما نراهم يصبون جام غضبهم على بعض ألآيرانيين الذين يقدمون أنفسهم فداءا للدفاع عن العراق ضد داعش ألآرهابية , وتضحيتهم تحسب لصالح العراق في المقاييس الحربية والعقائدية وألآخلاقية , ومن لايقدر ثمن هذه التضحيات على أرض العراق بحجة التدخل والخوف على الوطن العراقي نقول لهؤلاء لو كنتم صادقين في وطنيتكم العراقية , فلماذا لم نسمع لكم كلمة ولم نر لكم موقفا ضد عصابات داعش التي دنست أرض العراق وأعتدت على ألآعراض ونهبت ألآموال وخربت الممتلكات , ولم نسمع منكم سوى التشفي بالمدافعين عن تراب وكرامة العراق وما قلتموه عن الحشد الشعبي يفضح ماتنطوي عليه نفوسكم , التحريض الذي تمارسوه والذي أصبح دعاية وتشجيعا لداعش يسلب منكم صفة الوطنية , ويجعلكم أغراب تقفون مع الشيشاني وألآفغاني وكل ألآغراب ولم نسمع منكم كلمة عن ثلاثين عائلة تركية هربت من تكريت بأتجاه الموصل عندما بدأت قطعات الجيش العراقي والحشد الشعبي تصل مشارف تكريت لتحريرها , بينما تصبون جام غضبكم على المقاومين ألآيرانيين الذين ساهموا كغيرهم في شرف الحرب ضد داعش , أن ميزان ألآفكار هو المقياس السليم للآنتماء للآوطان وألآوطان في المحن تحتاج أبنائها وأصدقائها , ومن لايفهم ذلك لايحرم العراق من نصرة الخيرين , والحرب على ألآرهاب حرب وطنية بمضمون أسلامي , ومن لايفهم ذلك فليس من ألآثنين بشئ , ولله عاقبة ألآمور.