23 ديسمبر، 2024 7:33 ص

أشبال صدام بذرة ارهاب غرسها الطاغية

أشبال صدام بذرة ارهاب غرسها الطاغية

ترنم مطرب العراق الاول محمد الكبنجي، بصدر بيت مرهف الغزل، قال الشاعر فيه: “جارت علينا التي نهفو لها ما لها؟” في نوع من تساؤل شفيف.. يذيب الصخر وجدا.
يحضرني هذا البيت الشعري، بكل تدفق احساس الكبنجي، جمالا ساحرا، وانا ارى الارهابيين، يتفوقون على الخطط الامنية الساذجة، التي لا تفلح في تعطيل الانفجارات، قدر ما تهيء لها اكبر عدد من السيارات المحتشدة، زحاما تكتظ به السيطرات، وبدلا من سيارة او سيارتين، تمران لحظة الانفجار، يقع وسط عشرات السيارات المتوقفة بين يدي شرطي لاه بالموبايل او ينبش بـ… خشمه.
التأمل بقسوة خطط الارهاب المحكمة، والرصينة في تنفيذها، يدرك ان وراءها رجال دقيقو التخطيط ملتزمو التنفيذ مثل الساعة! وما هؤلاء الا بذرة اشبال صدام التي تلقت تدريبات اولية، في الطفولة ابان الدراسة الابتدائية؛ فنشأوا عبئا على انفسهم والمجتمع.
من دخل معسكرات (اشبال صدام) تخرج فيها مجرما عنيف الفعل وردة الفعل.. يتلذذ بالقسوة على الآخرين، ولا يتوانى عن الدخول في مشادات ومشاكل جراء ما لقيه من عنف واذلال وتنكيل، استمرأ بعدها فن القتل والتذ بارعاب من حوله.
لكنهم بالنتيجة ابناء العراق الذين دمر بهم الطاغية، مستقبل البلد.. صاروا الاداة التي وظفها الارهاب العالمي داخل العراق باعتبارهم مستخدمين محليين، تلقوا تدريبا عاليا في الخارج، استند الى معسكرات (اشبال صدام) باعتباره تأسيسا اوليا وتمهيد هواة للتدريب المحترف.
جاروا على وطن ذهب بهم الى مصيرهم، من خلال عقوقهم له، بتراتبية انتظمت رهطا في مخططات المستقبل الذي اختطه الطاغية المقبور صدام حسين، للعراق قدرا.
فهو يؤمن بتجييش الشباب كي يحموا كرسيه الشخصي من الفرس واليهود! ولا قلق لديه سواهم، كأن الله لم يخلق سوى صدام في الدنيا، ليتألب ضده الفرس من جهة واليهود الذين لا يشغلهم اقتصاد بلدهم وليس لديهم خطط تنمية ولا مشكلات من اي نوع في الحياة، انما (حاطين صدام ومحتارين بيه).
تلك وساوس تصورها له نشأته الفئوية المنحازة باتجاه دائم الشك بالآخرين؛ فراح يصب عقده ضد الفرس واليهود، داعيا بهمجية بشعة الى ابادة الشيعة وبني صهيون، ومحو دولتي ايران واسرائيل، اللتين اتخذهما الجهلة سبة، في حين تمثلان كلاهما قمة حضارية متفردة بمواصفات فائقة تنبع من اريحية نفس الفرد وتصب في المجتمع والدولة ذات القانون الامثل التي اختزلت قرونا من الزمن وفتتت عقدا ما زال العرب يرزحون تحت قشورها تلهيهم عن بناء ذواتهم، وتؤدي بهم الى التفريط بما وهبهم الله من ثروات.
حين عرف الطاغية المقبور صدام حسين، انه متجه للاعدام، بعث رسالة لجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، ينصحه بفرض قانون الخدمة الالزامية على الشباب السعودي؛ كي يدافعوا عن الملك شخصيا ازاء العدوان الصفوي الزاحف اليه.
انه مهووس بتجييش الشباب وعسكرة المجتمع؛ كي يطمئن الخوف الجبان الذي يغلف بطانة روحه من الداخل.. مذعورا لذا يقسو على من تطالهم يداه؛ لعله يثبت لنفسه والآخرين انه قوي ملوحا بالقسوة يخيف بها الجميع لانه على قناعة بوجود عدو مطلق يتربص به.
فكانت معسكرات (اشبال صدام) التي عرضت جيلا من الاطفال لقسوة فراق اهلهم شهرا كاملا خلال العطلة الصفية، يعانون فيه مرارة الـ (هوم سك) ويتلقون تدريبات عنيفة تسحق براءتهم.
نمت هذه البذرة عبئا على المجتمع، تتمظهر فيه باشكال عدة، اوقعها ضررا الارهابيون الآن؛ فهم… جاروا عليه، ولكن ما زالوا ابناء العراق الذين يهفو اليهم، عله ينقذهم من التورط بجرائم ضد وطنهم، انقاذهم وانتشالهم من الجريمة، المهمة الاولى التي تسبق فكرة معاقبتهم، بحيث نجنب انفسنا الحاق الاذى بضحايا صدام، الذين تشربوا الجريمة وتشبعو بالعنف منه.. ساقها لهم ارضاعا، قبل ان يبلغوا الفطام.