-1-
للبدع والخرافات والخزعبلات أسواق وعشّاق ، يسمحون لانفسهم بتعطيل عقولهم ، واللهاث وراء ما لا يصح الركون اليه بحال من الأحوال ..!!
انهم ضحايا الدجل والتضليل والمتاجرة بالشعارات الدينيّة والادعاءات العريضة التي ما أنزل الله بها من سلطان …
-2-
وهناك مجاميع شيطانية من مُتْقني فنون التحايل والتلاعب بمشاعر الناس ، يستغلون الثغرات وينفذون منها ، ويوقعون في حبائلهم الكثير ممن لايقوى على التمحيص والتدقيق ، والتمييز بين الغث والسمين ..!!
فيضحكون على ذقونهم ويبتزونه ايما ابتزاز …
-3-
ليست الغرابة في اصطياد المشعوذين لزبائنهم …، فهؤلاء يستخدمون من السحر والمكر العجب العجاب ، وانما الغرابة في وقوع من لايترقب منه الوقوع في مستنقع الأباطيل والأضاليل من ذوي الفهم والمعرفة في شباكهم ..!!
-4-
ووجود المشعوذين لايخلو منه زمان معيّن ، ولا بلد من البلدان ..
انهم –للاسف- موجودون في مختلف الأمكنة والأزمنة قديما وحديثا …
-5-
يحدثنا المؤرخ الذهبي (ت 748هجرية) في كتابه (تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والأعلام) ج36 – ص 157 ، عما جرى في سنة 535 هجرية فيقول :
(وفيها ظهر ببغداد رجلٌ قدم اليها وأظهر الزهد والنسك، وقصده الناس من كل جانب ،
فمات ولدٌ لانسان فدفنه قريباً من قبر السبتي ، فذهب ذلك المتزهد فنبشه ودفنه في موضع ، ثم قال للناس :
اعلموا أنني رايتُ عمر بن الخطاب في المنام ومعه علي (رض) فسلما عليّ وقالا :
في هذا الموضع صبي من أولاد علي بن ابي طالب ،ودلهم على المكان ، فحفروه فاذا صبي أمرد، فمن الذي وصل الى قطعة من أكفانه )
بمعنى انّ السعيد من حصل على قطعة من كفن ذلك الصبي
يقول الذهبي :
” وانقلبت بغداد ،
وخرج أرباب الدولة ،
وأُخِذ التراب للبركة ،
وازدحم الخلق ،
وبقوا يقبلون يد المتزهد وهو يبكي ويتخشّع ،
وبقي الناس على هذا أياماً ،
والميت مكشوف يراه الناس ويتمسحون به ،
ثم أَنْتَنَ ،
وجاء الاذكياء وتفقدوا الكفن ، فاذا هو جديد فقالوا :
كيف يمكن ان يكون هذا هكذا من اربعمائة سنة ؟!
ونقبوا على ذلك حتى جاء أبوه فعرفه وقال :
هو والله ولدي ، دفنتُه عند السبتي ، فمضوا معه فرأوا القبر قد نبش ، فاذا ليس فيه ميت .
وسمع المتزهد فهرب ،
ثم وقعوا به وقرروه فأقرّ ….وصفع }
أقول :
ان المسألة لاتحتاج الى ذكاء عال ، فمتى جاز نبش القبور استناداً الى الأحلام وما يُرى في المنام ؟
ومتى كان النسب يثبت بالأحلام ؟
ومتى جاز أن يبقى الميت مكشوفا لأيام ؟
ومتى جاز تمزيق أكفان الموتى ؟
كل ذلك حصل بسبب الانقياد السريع لما أثارته زوبعة المتزهد الكذوب من أجواء، متستراً بالدين، ومستنداً الى ما يحتله الابرار في وجدان الناس.
-6-
واليوم ، ودولة (الخرافة) التي ادعاها “داعش” تمارس من الجرائم ما تبرء منه الاديان كلها ، لا الاسلام العظيم وحده ، ومع ذلك فقد التحق بها من أوربا وحدها ثلاثة ألاف انسان مغفل ، فما بالك بسائر الآخرين ؟
-7-
ألم يسأل هؤلاء الاغبياء :
ما معنى ذبح الانسان بالسكين وكأنه الكبش ؟!!
وما معنى حرقة حيّا ؟
وما معنى استباحة النساء تحت شعار (جهاد النكاح) ؟
وما معنى الاجهاز على مراقد الانبياء والأولياء ؟
وما معنى تبني كل الأفكار المتحجرة التي تعيد انسان الالفية الثالثة الى كهوف القرون الوسطى ؟
أين هذه القسوة من رحمة الاسلام وتعاليمه السمحة ؟
وأين هذا التكلس من رفع الاسلام لقيمة العلم الى درجة الفريضة ، واعتبار مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء ؟
وكيف غاب عنهم انّ الانسان في الاسلام هو المحور الذي من أجله خلق الله السموات والأرض وما فيها ..
وكيف انطلقت عليهم الأكاذيب حتى أصبحوا يتهافتون على ” الأحزمة الناسفة ” للفتك بالأبرياء ؟
وهل الجنات لفرسان الاجرام والعدوان ؟ ام أنها أعدّت للأبرار من بني الانسان ؟