18 ديسمبر، 2024 11:14 م

أسواق النفط صامدة — فهل تتعرقل إمدادات النفط العراقي؟

أسواق النفط صامدة — فهل تتعرقل إمدادات النفط العراقي؟

رغم استمرار الصراع في الشرق الأوسط واضطراب سفن الحاويات في البحر الأحمر، وتعطل بعض إمدادات النفط في الولايات المتحدة، بعدما كانت أي إشارة لاضطرابات في الماضي تدفع الأسعار للارتفاع, وتقول المحللة الاقتصادية إيرينا سلاف في تقرير نشره موقع أويل برايس الأميركي إن الحرب بين إسرائيل وحماس تتوسع الآن وتتجنب الناقلات وسفن الحاويات البحر الأحمر، لكن أسعار النفط لم تتحرّك حتى مع تعطّل الإمدادات الفعلية في الولايات المتحدة, وعلى الرغم من أن “أوبك” تتوقع نمو الطلب على النفط بقوة هذا العام ليصل إلى 1.85 مليون برميل يوميًا، ومع ذلك فإن السوق تتجاهل ذلك وتنظر إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الصين لتُصاب بخيبة أمل, ورغم ذلك الانخفاض في الإنتاج، إلا أنه لم يكن له أي تأثير على أسعار النفط العالمية على الإطلاق، لأن الجميع يتوقع عودة الإنتاج إلى المسار الصحيح بمجرد انتهاء موجة البرد الأخيرة,, ولا تزال أسعار النفط ترتفع حتى مع قيام سفن الحاويات والناقلات بالتحول نحو مسارات أطول حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح بدلاً من البحر الأحمر وقناة السويس

تسببت الهجمات العسكرية على السفن التجارية في البحر الأحمر، بانخفاض أحجام البضائع المنقولة عبره، لتتراجع على إثرها التجارة العالمية 1.3% في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على أساس شهري,, وبحسب بيانات صادرة عن معهد “كيل” للاقتصاد العالمي الألماني، يتم نقل نحو 200 ألف حاوية عبر البحر الأحمر يومياً في الوقت الحالي، مقارنة بـ500 ألف حاوية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي,, ووفقاً لمدير مركز أبحاث السياسة التجارية التابع للمعهد جوليان هينز، أدت تحويلات الرحلات بسبب الهجمات إلى استغراق الرحلات بين مراكز الإنتاج في آسيا والمستهلكين في أوروبا مدة أطول بنحو 20 يوماً
وأضاف: ينعكس ذلك أيضاً في انخفاض أرقام التجارة بالنسبة لألمانيا والاتحاد الأوروبي إذ أن البضائع المنقولة لا تزال في البحر ولم يتم تفريغها في الموانئ كما هو مخطط لها, وترسل شركات الشحن العالميةسفنها إلى طرق أطول وأكثر تكلفة حول طريق رأس الرجاء الصالح، تجنباً للهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر,, وأجبرت هجمات الحوثيين في اليمن على سفن في البحر الأحمر العديد من الشركات على تحويل مسار الإبحار بعيداً عن البحر الأحمر والمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا مما زاد من وقت الرحلات وتكاليفها,وتستهدف الهجمات التي يشنها الحوثيون، والتي يقولون إنها دعماً للفلسطينيين، طريقاً يمثل نحو 15 في المئة من حركة الشحن العالمية ويعمل كقناة حيوية بين أوروبا وآسيا,, يؤثر تصدير النفط عبر السفن على الاقتصاد العراقي كونه يعتمد على النفط في عملية تمويل النفقات العامة للحكومة،، وينوّه مختصون إلى أنه في حال ساءت أو صعبت عملية نقل النفط عبر السفن سوف يؤثر ذلك على الصادرات النفطية بالسلب، ما يؤدي إلى حصول نقص بالعوائد الدولارية من النفط، وسينعكس ذلك على الموازنة العامة ويرتفع عجزها أكثر

يتركز الميزان التجاري النفطي للعراق بالأساس مع دول آسيا وبنسبة تزيد على 75% من صادرات البلاد النفطية، ومازالت خطوط التصدير للعراق وعموم دول منطقة الخليج التي ترتبط تجارتها النفطية مع آسيا وبنسبة 90% من صادراتها النفطية مستقرة التدفق إلى منطقة شرقي وجنوبي آسيا، وفق المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح, ويضيف صالح في تصريح صحفي، أن “تلك التدفقات تقابلها في الوقت نفسه تدفقات استيرادية مازالت مستقرة هي الأخرى أيضاً حتى اللحظة، وهي تدفقات تجارية تعد بالغالب خارج مناطق التهديد البحرية الحالية العالية الخطورة,, ويتابع، إلا أن ذلك لا يمنع من التأثر النسبي في تقلب تكاليف التأمين والشحن البحري التي شهدت ارتفاعات قياسية مباشرة وغير مباشرة ارتبطت بالتوترات الأمنية الحاصلة في باب المندب بسبب الحرب على غزة,,ويوضح، أن العراق يتمتع بمرونة تجارية عالية لكونه محاطا بمجموعة إقليمية واسعة الاطلالات على مناطق التواصل التجاري البحري المتنوع مع دول الجوار,, ويكمل، “وأن مخزونات البلاد الضرورية من المواد الغذائية والسلع الضرورية والمعمرة هي في وضع مثالي مطمئن في بلادنا، وإن إمكانيات البلاد في تمويل التجارة الخارجية تغطي قرابة 15 شهراً استيرادياً، ما يعبر عن قوة وكفاءة الاحتياطيات الأجنبية للعراق، وهو مرتكز التحوط الستراتيجيالذي يعزز مكانة بلادنا من أية مخاطر تجارية محتملة بسبب أوضاع الجغرافيا السياسية واحتمالاتها

وتهدد التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط مع مواصلة حركة الحوثي اليمنية مهاجمة ناقلات النفط في منطقة البحر الأحمر، الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على النفط في عملية تمويل النفقات العامة، في وقت تحوّل العراق الى بيئة طاردة للاستثمار رغم الحاجة الماسة إليه لتحريك العجلة الاقتصادية جراء التصعيد بين الفصائل المسلحة والولايات المتحدة الأميركية وإيران داخل البلاد، وفق مختصين, وتجاوز حجم الإيرادات العراقية في الموازنة الاتحادية خلال 11 شهراً 121 تريليون دينار، بحسب ما كشفته وزارة المالية، مؤكدة ارتفاع مساهمة النفط في الموازنة إلى 93 بالمائة, وكان وزير النفط العراقي، حيان عبدالغني، قد أكد ، أن صادرات العراق من النفط، لم تتأثر بالهجمات الأخيرة على سفن في البحر الأحمر, وذكر عبدالغني في تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ، أن نحو 90 بالمئةمن صادرات العراق النفطية تذهب إلى آسيا وبالتالي لا تحتاج إلى المرور عبر البحر الأحمر

يقول مختصون، إن “الوضع الأمني الذي يشهده العراق من تصعيد بين الفصائل المسلحة والولايات المتحدة الأميركية وإيران داخل العراق، يؤثر سلباً على الاقتصاد ويحوله الى بيئة نافرة لرؤوس الأموال الأجنبية وحتى الوطنية,, جذب الاستثمار يتطلب وجود استقرار أمني، لكن هذا التصعيد يؤدي إلى تريث المستثمرين بالدخول إلى العراق أو العزوف بشكل نهائي عن الاستثمار في وقت البلاد بحاجة ماسة لجذب المستثمرين الأجانب لتحريك العجلة الاقتصادية, ويؤكدون ، إن “الوضع الأمني الذي يشهده العراق من تصعيد بين الفصائل المسلحة والولايات المتحدة الأميركية وإيران داخل العراق، يؤثر سلباً على الاقتصاد ويحوله الى بيئة نافرة لرؤوس الأموال الأجنبية وحتى الوطنية,, جذب الاستثمار يتطلب وجود استقرار أمني، لكن هذا التصعيد يؤدي إلى تريث المستثمرين بالدخول إلى العراق أو العزوف بشكل نهائي عن الاستثمار في وقت البلاد بحاجة ماسة لجذب المستثمرين الأجانب لتحريك العجلة الاقتصادية

الاقتصاد العراقي يتأثر مباشرة بارتدادات أي أزمة عالمية؛ مثلما حدث في أزمتي الاقتصاد العالمي عامي 2008 و2020، إذ عانى الاقتصاد الوطني قلة السيولة النقدية لدفع رواتب موظفي القطاع العام، والوفاء بالالتزامات الاجتماعية، وتسديد الديون الداخلية والخارجية للبلاد,, وفي الوقت نفسه، تبلغ احتياطات العراق النفطية المثبتة 153 مليار برميل، في حين تشير توقعات حكومية لإمكانية بلوغها 500 مليار برميل خلال السنوات المقبلة مع الاستكشافات الجديدة,, ومن الصعب إجراء تحولات هيكلية بإيجاد مصادر تمويل بديلة وسريعة في اقتصاد أحادي ضعيف التنوع ما لم يتم اللجوء إلى الاقتراض لسد فجوة المصروفات المستدامة، ذلك يتم بتوسيع الدين العام على أمل أن تتحسن موارد الموازنة بالتدريج، فضلا عن أن إعادة هيكلة المصروفات وتقليصها ليس بالأمر الهين؛ لكونها مرتبطة بالتزامات وتشريعات وضعت بالسابق، ويصعب تعديلها فورا لما قد تحمله من آثار اجتماعية واقتصادية غير مرغوبة,, لاسيما انالرواتب تشكل أكثر من 60 تريليون دينار (50 مليار دولار) سنويا “الموظفون والمتقاعدون والرعاية الاجتماعية”، وهذا يعتبر رقما كبيرا، هل هناك حلول لتقليل هذا ,, وأوضح عضو اللجنة المالية النيابية في العراق، جمال كوجر، قبل ايام ، أن انخفاض النفط إلى 70 دولارًا للبرميل الواحد، لن يؤثر ذلك على رواتب الموظفين بالدولة، حيث إن ذلك جاء بعد اجتماع تم بين مجلس الوزراء والجهات المعنية في دولة العراق، للنظر في هذا الملف الذي أصبح أكثر أهمية، والحفاظ على دعم المواطنين وخاصة الرواتب والزيادات التي تتم لهم من وقت إلى أخر .