من يمعن النظر في واقع سوقنا العراقية ، يتكهن بأن هناك يدا خفية تسعى الى القضاء على ثرواتنا وتدمير اقتصادنا وشل حركة تقدمنا ،وإبقائنا بلدا مستهلكا ، لنفايات صناعة دول الجوار ، بعدما غابت صناعتنا الوطنية وبقيت معظم مصانعنا كما هي عليه من خراب طالها أثناء وبعد أحداث 2003 من سرقة ودمار . وعجزت زراعتنا عن سد الحاجة المحلية حتى بتنا نستورد الفواكه والخضر في الوقت الذي يعد بلدنا من البلدان الزراعية . فصناعتنا شبه معطلة وزراعتنا قاصرة عن سد حاجة السوق المحلية ومليارات الدولارات تهدر على الاستيراد ، بينما فيما مضى كانت هناك رقابة على الاستيراد فلا نستورد ما لا يلزمنا أو يضر بمنتوجنا الوطني ، لما لدينا من صناعة تنمو لتسد حاجة البلد ، وزراعة كانت تحقق اكتفاءنا الذاتي . أما الآن فقد بتنا نستورد ما نحتاجه وما لا نحتاجه من بضائع وسلع ما انزل الله بها من سلطان بطرا وجحودا للنعمة التي من الله بها علينا، بضائع لا تعد ولا تحصى ، مختلفة ومتنوعة تضج بها أسواقنا من مناشئ بائسة ،معدات وأجهزة سريعة العطب أو غير كفوءة وقد تأتي عاطلة من المنشأ لا يلتفت إليها مواطن البلد المصدر.. ومواد غذائية منتهية الصلاحية ، ومصانعنا مهملة لا احد يعيد إليها الحياة ويدير عجلتها من جديد وفلاحنا ترك أرضه وانحدر يتاجر بالسيارات والأراضي ، والقطاع الخاص مصاب بالشلل لضعف الإمكانيات وغياب الدعم الحكومي .وعلى ضوء الواقع الحالي فلنتخيل صورة المستقبل الذي عماده الحاضر الكسيح وما الذي تكون عليه حياة أجيالنا اللاحقة وآبار النفط تحلب بشكل جنوني . وكيف اذا نضبت ثروتنا الأحادية المصدر، إذا لم نعززها ببنى صناعية وزراعية عملاقة تفيض عن حاجتنا وتتعداها إلى التصدير كما تفعل البلدان النفطية تحسبا للمستقبل . ومتى تنتبه حكومتنا الى ما يخبئه الغد من مصير كالح ينتظرنا إذا ما ظلت بنانا التحتية وصناعتنا وزراعتنا مشلولتين ولم تسعى إلى بعث الحياة فيهما . ومتى تعيد النظر في سياسة السوق المفتوحة والإسراف في الاستيراد الذي يغتال ثرواتنا ، فتسن القوانين وتضع اللوائح والأنظمة التي تحدد بموجبها حجم سوقنا وأنواع البضائع المسموح باستيرادها ومناشئها . وتفعّل مصانعنا وتضع الخطط المحكمة لازدهار زراعتنا بما يسد حاجتنا ويتعداه إلى التصدير. ولا تترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب للعبث بمقدراتنا واقتصادنا الذي هو قوام حاضرنا وركيزة مستقبلنا .