7 أبريل، 2024 1:19 ص
Search
Close this search box.

أسلوب تدوير النفايات في العراق ، متخلف وخطير

Facebook
Twitter
LinkedIn
أفرزت التكنولوجيا الحديثة ، والتي دخلت كل البيوت ، مخلّفات خطيرة جدا ينبغي التعامل معها بإسلوب مهني وعلمي أسوة بكل دول العالم للحفاظ على الأرواح وللحد من التلوث البيئي ، على عكسنا ، فلدينا وزارة للصحة والبيئة ، وحقيقة أعتقد أن مفردة (بيئة) هذه ، قد أقحمت جُزافا إلى عنوان تلك الوزارة  وسط هذا التسمم البيئي القياسي أرضا وهواءا وتربة ، هذا الذي يعاني منه البلد ، فما أن يحل المساء ، حتى تمتلئ أجواء مدننا بروائح حرق هذه النفايات ، لأنه الأسلوب الأبسط والأكثر تخلفا للتخلّص من النفايات حتى لو كان مدمّرا للبيئة والصحة العامة .
 
هنالك فرق كبير بين التخلص من النفايات ، بطمرها أو حرقها في البلدان المتخلفة كالعراق ، وبين إتباع  سياسة (إعادة التدوير Recycling) للتخلص من عبء النفايات الكبير ، بتفكيكها إلى مواد أولية يُعاد تصنيعها مرة ثانية ، خصوصا وإن إعادة التدوير لدينا (إن وجد) ، يتم يدويا وبظروف غير صحية على الإطلاق لإستخلاص النحاس والألمنيوم والبلاستيك فقط ، وليس على صعيد رسمي ، لكن بمبادرة شخصية من قبل طبقة تجّار النفايات .
في كل بلاد العالم ، يتم فرز النفايات إلى أربع فئات ، إبتداءً من المنزل لما يتمتع به مواطن تلك الدول من وعي ومسؤولية (على عكسنا) ، لهذا تُخصص أربع حاويات للقمامة قرب المنازل وهي كالآتي:
 
1-    المخلفات العضوية والورق ، كمخلفات البقالة وبقايا الأغذية والجرائد والكتب والمجلات ، ويتم استخلاص الورق منها ومعالجته للحصول على مواد أولية لمعامل الورق ، ويتم طمر الباقي في ميادين نائية خاصة ، وتغطيتها بطبقة سميكة من التراب لحبس غاز الميثان القابل للإشتعال ، والناتج من تحلل المواد العضوية ، والإستفادة منه كوقود ، بغرز أنابيب ناقلة لهذا الغاز تخترق طبقة التراب المغلّفة .
2-    الأجهزة الإلكترونية العاطلة أو القديمة وهواتف الموبايل (بعد نزع بطارياتها) والبلاستيك مثل قوارير المياه ، وهذه يتم فرزها آليا وإستخلاص النحاس والذهب (بكميات ضئيلة) والبلاستيك ، والإستفادة من العناصر الغير تالفة منها .
3-    المخلفات المعدنية والزجاج ، كالأسلاك والقطع المعدنية وكِسَر الزجاج والأواني والمصابيح كمصابيح النيون والمصابيح الإقتصادية التي تحتوي على الزئبق السام ، ويتم فرزها آليا أيضا ، وتستخلص منها مواد خام ثمينة ، كالألنيوم والنحاس والحديد ، والحصول على مسحوق الزجاج كمادة أولية لمعامل الزجاج .
4-    البطاريات ، وهذه من أهم خطوات إعادة التدوير ، وهي برغم خطورتها الصحية والبيئية ، نجدها غائبة لدينا تماما ، فجميع البطاريات وعلى مختلف أنواعها تُلزم شركاتها المنتجة بوضع علامة إعادة التدوير على شكل ثلاثة أسهم تُرسم شكل مثلث ، ووفق قانون دولي مُشدّد ، وهذا لم يأتِ من فراغ ، فالبطاريات على العموم مخازن للطاقة وتحتوي على مواد سامة وخطرة وقابلة للإشتعال ، كالرصاص السام والملوّث وحامض الكبريتيك الحارق (التيزاب) الموجود في بطاريات السيارات (وحمدا لله وجدت من يشتريها من قبل الدوّار) ، ولا نعلم بمصيرها ومآلها بعد ذلك من خطوات إعادة التدوير ، كذلك فلز الكادميوم الموجود في البطاريات القابلة للشحن ، وهو فلز ثقيل سام جدا ، ولكن الأهم بطاريات (الليثيوم) الموجودة بكثرة في جميع المنازل ، والموجودة في أجهزة الموبايل ، وهي بطاريات مفرغة من الهواء ومختومة بإحكام (Air Tight) ، على شكل أكياس أو عُلب معدنية ، ومجرد العبث بها أو ثقبها ، يؤدي إلى إشتعالها كالبارود ، لأن فلز الليثيوم يتفاعل مع الهواء بشدة ، بالإضافة إلى خطورة إندلاق سائل (الإلكترولايت Electrolyte) السام إلى الخارج وربما إستنشاقه ، بل إن سوء خزنها أو شحنها بالطرق التقليدية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة كما حصل لزميل لنا في نادي الطائرات المسيرة ، عندما ترك بطارية ليثيوم خاصة بهذه الطائرات في سيارته في المرآب فانفجرت وأحرقت سيارته بالكامل ! .
من ناحيتي ، أنظر إلى عامل النظافة على أنه أرقى منزلة وأنظف وأكثر فائدة لنا بكثير من أي سياسي (!) ، وكنت أنبهه من باب تبرئة الذمة ، من أن لدي بطارية ليثيوم ليعزلها عن باقي النفايات ، فكان يزمّ شفته إستغرابا ، ثم يرمي بها إلى جوف سيارة جمع النفايات ، وليحدث بعدها ما يحدث ! ، فمتى نمتلك الوعي والمسؤولية والحرص والقوانين للتخلص من نفاياتنا مع مراعاة أعلى المعايير العالمية في التعامل معها ؟ ، متى يأتِ يوم لا نرى فيه إمرأة تعض بنواجذها على عباءتها ليلا ، وهي تكبّ نفاياتها على جانب الشارع ؟ ، لكني أعترف ، أن الأحرى بنا ، إعادة تدوير سياسيينا ، ليأتِ بدلهم من هم على قدر المسؤولية ، قبل إعادة تدوير نفاياتنا ! .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب