22 ديسمبر، 2024 3:11 م

أسعار النفط والذهب …. إلى أين ؟

أسعار النفط والذهب …. إلى أين ؟

الدولار: هو العملة المتعارف عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لتسعير معظم السلع العالمية مثل النفط والذهب والفضة والنحاس000الخ فإذا ارتفعت أسعار تلك السلع بسبب العرض والطلب تنخفض القوى الشرائية للدولار, فعلى سبيل المثال لو كان لديك( 200) دولار وكان سعر برميل النفط (100) دولار, يمكنك شراء برميلي نفط بمائتي دولار. ولكن لو ارتفع سعر البرميل إلى مأتي دولار, فانك سوف تشتري برميل نفط واحد فقط, أي أن القوه الشرائية للدولار قد انخفضت إلى النصف, وسعر برميل النفط ارتفع إلى النصف, وبذلك يضعف الدولار إمام الذهب وبقية السلع الأخرى المطلوب شرائها.وصار الدولار مكشوف جدا ومعرضا للتلف بحيث لا يستطيع الحفاظ على قيمته الدولية ,فمعدلات التضخم المرتفعة ومقادير العجز في ميزان المدفوعات في الولايات المتحدة قضت على الثقة بالدولار ,بالإضافة إلى الكميات الكبير منه خارج أمريكا في أيادي خاصة وليس في أيدي المصارف المركزية لذلك أصبح الدولار معرضا لحركات المضاربة والتزوير .

والنفط : سوف ينضب مع مرور الزمن ومناجم الذهب آيلة للنفاذ لان الكميات الموجودة منها لا تكفي لتلبية الحاجة ,لذلك سيزداد سعره مقابل الدولار رغم الانخفاض الأخير مع مرور الوقت,لآن الدولار تزداد طباعة المزيد منه يوميا لتسديد الحاجة لشراء النفط والذهب وبقية السلع الأخرى,لهذا السبب تبقي أمريكا على الدولار عملة عالمية – لتسعير النفط وباقي السلع ,لكي تتمكن من شراء ما تحتاجه بمجرد طباعة المزيد من الدولارات وتدفع بها للدول المصدرة للنفط.

و الذهب : يخضع سعره في السوق العالمية للارتفاع والانخفاض لأسباب كثيرة,منها الإحداث السياسية والاقتصادية , مثل التضخم وعمليات المضاربة من قبل المستثمرين وكذلك كثرة المشتريات منه كأجراء احترازي من سلبيات التضخم , وللذهب أهمية خاصة بالنسبة لمعظم البلدان بوصفه موجودات نقدية , ولأنه وسيلة دفع تتمتع بقبول عالمي , ومادام الذهب مقبول عالميا فبإمكان إي بلد إن يحصل على إي نوع من العملة عن طريق تصدير الذهب ,وبالتالي ارتباط العملة بالذهب يجعل منها عملة دولية,لان الذهب سلعة عالمية وبالتالي قابلية تحويل العملة إلى ذهب ,مع وجود علاقة بين كمية النقود المتداولة وكمية الذهب الذي تملكه السلطة النقدية.

فالذهب وغيره من المعادن الثمينة لا علاقة له بمخاطر العملة في مجال الاستثمار وخاصة بعد الأزمة( الأمريكية- الإيرانية) حول- مضيق هرمز- الذي يمر من خلاله ثلث صادرات النفط العالمية المنقولة بحراً من حقول نفطية في( السعودية وإيران والعراق والكويت والإمارات وقطر) عبر هذا الممر الملاحي الضيق , التي سوف تؤدي عند غلق المضيق إلى ارتفاع سعر برميل النفط إلى أكثر من (100) دولار,رغم انخفاض أسعاره مؤخرا إلى النصف ,ما دفع أعضاء منظمة الأوبك يعون

المخاطر السياسية الكامنة وراء الاحتفاظ بالدولار, في أعقاب سياسات تجميد الموجودات والحصار والتهديدات العسكرية والحظر النفطي.

ودول الخليج العربي اليوم هم المشترون الرئيسيون للذهب في العالم,خاصة بعد أزمة الديون في منطقة اليورو , التي دفعت ببعض الدول لبيع أصولها العقارية لتسيير أمور الدولة على الرغم من التدخلات الأوربية بتقديم قروض ماليه لعدد من دول المنطقة,تجاوزت في بعضها(100)مليار دولار,كذلك عدم الثقة بالدولار الذي تنخفض قيمته وترتفع طبقا للظروف والإحداث الدولية,على الرغم من عمليات البناء والاستثمار والحاجة لهذه الأموال والأموال المهاجرة في مجالات البناء الداخلي ,تزامنا مع الأوضاع العالمية وما يسجله خام النفط والذهب في التداولات ,تدفع المستثمرين على وجه العموم و الأموال المهاجرة الخليجية للبحث عن أسواق أكثر أمنا ,لاستثمار تلك الأموال في مشاريع اقل مخاطره .

وهكذا ذهب الكثيرون نحو الذهب مستثمرين فيه فوائضهم النفطية عبر حساباتهم المصرفية في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا, ولم يقتصر ذلك على الدول والحكام بل أمتد ذلك إلى الطبقات الميسورة.لكون ارتفاع سعر الذهب أو انخفاضه يعني انخفاض أو ارتفاع القوه الشرائية للدولار على مدار الشهور والسنيين مقارنة بالأمس أو الغد ,أذن ارتفاع أسعار الذهب المستمر هو مؤشر حقيقي وصادق على فقدان الثقة بالدولار وتوجه المستثمرين إلى الذهب وبيعهم الدولار ,فعندما يزيد الذهب إمام الدولار ,تقل ثقة الناس بهي مما يدفعهم لبيعه وشراء الذهب كبديل عنه. وما لحظناه مؤخرا من قيام احد أغنياء الهند عندما قام بشراء قميص من الذهب بمبلغ( 250 ) ألف دولار لغرض التباهي بهي إضافة إلى قيمته المادية , ويستمد الذهب دعما على نطاق واسع من ضعف الدولار وهناك تكهنات بان يدفع ضعف النمو العالمي البنوك المركزية لاتخاذ المزيد من إجراءات التحفيز .

وأمريكا بالإضافة لكونها المستورد الأول للنفط في العالم(12 – 14) مليون برميل يوميا.تعتبر المالك الأكبر للذهب في العالم, والمستفيد الأول من تزايد شراء الذهب المباع بالدولار,مما جعل قيمة الدولار ثابتة خلال فترة ارتفاع أسعار الذهب :ففي كل مره ترتفع فيه أسعار الذهب مئة دولار ,تجني الولايات المتحدة(27)مليار دولار كزيادة في قيمة مخزون الذهب.

والصين اليوم احتلت المركز الأول في أنتاج الذهب ليبلغ إنتاجها (360 طن) لتصل قيمة التعاملات إلى (298)مليار يورو في مدينة شنغهاي , والصين أيضاهي المستهلك الأول للذهب في العالم أما جنوب أفريقيا فهي المنتج الثاني للذهب في العالم ,ثم تصنف استراليا كأكبر رابع منتج للذهب في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ,حيث تنتج225)) طن من الذهب سنويا.

كذلك الهند من أكثر البلدان شراءَ للذهب فمن بين( 9 ) اونسات ذهب تباع في السوق العالمية هناك أونس واحد منه من حصة الهند كما تقدر حصة البنوك المركزية في العالم من سبائك الذهب الرسمي بنحو( 30) إلف طن متري وهي تمثل جانبا من الاحتياطي النقدي لبلدانها , وان الاحتياطي الرسمي الأمريكي من الذهب وهو الأعلى في العالم حيث يبلغ أكثر من( 8000) طن متري ومن ثم ألمانيا وهي تمتلك(3400) طن متري والصين بحدود( 600) طن متري والعراق(30) طن , علما إن الطن المتري يساوي ( 000 1 ) كغم بينما الطن الأمريكي إلى الطن المتري يساوي( 907) كغم .

من هنا نستنتج العلاقة المباشرة بين سعر برميل النفط وسعر الذهب,فإذا كان سعر برميل النفط(100)دولار مثلا وسعر الاونسة (الأوقية) من الذهب(1723) دولار, فأن سعر التبادل يصبح(17) برميل نفط للاؤنسة الو احده تقريبا , أذن هناك علاقة مباشره بين أسعار النفط وأسعار الذهب. لآن الارتفاع في أسعار النفط يسبب ارتفاع في أسعار الذهب.وهذا ما لا ترضاه الدول الكبرى ,فتقوم بطرح كميات كبيره من النفط في الأسواق العالمية بأسعار قليلة مما يؤدي إلى خفض أسعارالنفوط العالمية ومنها النفط العراقي , كما إن استخدام الدول الكبرى طرقا غير تقليدية في

استخراج النفط أدى إلى ارتفاع الفائض المستخرج والمطروح في السوق العالمية,مما سبب خفض في أسعار النفط وصل مؤخرا إلى ( 40 ) دولار للبرميل الواحد .

بينما كان هناك أكثر من خمسين دولار , لا يمكن استيعابها في الاقتصاد المحلي للدول المنتجة للنفط تشكل فائضا يؤدي إلى تراكم مبلغ( 500) مليون دولار كفائض يومي . أي نحو(180) مليار دولار في السنة , بحيث لا يمكن الاحتفاظ بالفوائد كعملات وبالدولار مما يضطرهم إلى تغيير ما موجود من الدولار إلى عملات أخرى , أو استبدال تلك الفوائض بالذهب,وهو ما يطلق عليه:استبدال مورد نافع بمورد غير نافع.والذهب كلما يزيد سعره كلما تزيد قدرة مستوردي النفط على خلق سيوله نقدية ليسددوا مبالغ النفط الذي يستوردونه .وفي العراق نرى إن هناك توجها على ادخار الدولار من قبل المواطنين لغرض الاحتفاظ بالثروة نتيجة استقرار سعره في الوقت الحاضر , بالإضافة إلى وجود خطط وأفكار مستقبليه لدى إدارة النقد العراقي تنص على أيجاد وسائل أخرى للادخار كإصدار مسكوكة ذهبيه أو سندات بقيمة الدولار يمكن للمصارف بيعها للمواطنين بدلا من الاعتماد على الدولار كقوة تداول نقدية في السوق المحلية .

واخيرآ نقول:الاستثمار بالنفط والذهب ملاذ أمن من الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم الآن,وواحدة منها (أزمة اليورو)أو أزمة الديون , وهي ألازمه الآسوء منذ الحرب العالمية الثانية.باعتبار اليورو ثاني أهم عمله بعد الدولار الأمريكي على مستوى النظام النقدي العالمي,لاعتماده كعمله موحده ل ( 17) دوله أوربيه في الوقت الحاضر,مما يتطلب التحرك السريع والحاسم للخروج بالاقتصاد العالمي من هذه المرحلة ألحرجه التي تمر بها أوربا وعلى مستوى العالم ,لأن الفشل في اتخاذ إجراءات حاسمه في أوربا والولايات المتحدة قد يهز الاقتصاد العالمي بأسره,ويبعد الدول النامية عن مسارها,لكون أنظمة الحكم مختلفة ,لكن اقتصادياتها ونظمها المالية مترابطة بشكل وثيق.مع تأثر الدول الصغيرة بالتقلبات التي تحدث في الدول الكبرى.

وستزداد حاجة العالم إلى الغاز والنفط وستصبح على الأرجح ثلاثة أضعاف ما هي عليه في الوقت الحاضر ,أما رؤوس الأموال التي تحتاج إليها صناعة النفط في الفترة القادمة فتزداد أيضا بعد دخول دول أخرى مجال الاستثمار النفطي خارج بلدانها مثل الصين وتركيا وماليزيا, ويقتضي تزايد تلك الحاجة مضاعفة في الإنتاج بحيث يصبح معدل أنتاج النفط أكثر من (100) مليون برميل يوميا , الذي تهاوت أسعاره مؤخراً دون الخمسين دولار ,بسبب النفط الصخري الذي لا يمكن أنتاجه عند ( 80 – 70 ) دولار أو (90) دولار وإنما تحتاج ما يزيد على (100) دولار لإنتاجه وبيعه وتحقيق دخل منه, ولا يخفى إن النسبة الكبرى من أنتاج النفط ستأتي من منطقة الشرق الأوسط , كونها الأكثر تضررا من ذلك الانخفاض.