23 ديسمبر، 2024 8:19 ص

أسس وسمات نظرية غوبلز في الدعاية وإستهداف الخصوم

أسس وسمات نظرية غوبلز في الدعاية وإستهداف الخصوم

هناك خطأ شائع ، وهو خطأ مقصود ، إستخدمته آلة حرب الحلفاء الدعائية في الحربين العالمية الأولى والثانية في مواجهة الزعيم الألماني (أدولف هتلر) وتوجهات وزير دعايته غوبلز ، بإطلاقهم تسمية ( إكذب إكذب حتى يصدقك الناس) لوصف التوجهات الدعائية لنظريات (غوبلز) وزير الدعاية الألماني أنذاك في المواجهة الشرسة مع الحلفاء ، وكان هدف توجهاتهم هذه هو تشويه سمعة هتلر ووزير دعايته ، إضافة الى تسقيط وتسفيه خطر تلك الدعاية على جيوش الحلفاء وشعوبها وأثرت على معنويات الرأي العام الأوربي بشكل كبير ، في الحرب الضروس التي استعرت أوارها بين هتلر والحلفاء ، وادت الى خسائر باهضة في وقتها، لكن التمعن في تحليل مضامين تلك التوجهات ودلالاتها يكشف لنا أن الحقيقة هي ليست كذلك كليا ، أي بصريح العبارة أن (غوبلز) لم يستخدم هذا المبدأ على هذه الشاكلة والوصف الذي يطلق على دعايته كما يروج عنه الحلفاء ، وهو ، أي (غوبلز) لم يعلن في أي يوم من الأيام أن دعايته تقوم على مبدأ (إكذب إكذب حتى يصدقك الناس) بل هي سمات (إسقاطية) إستخدمها الحلفاء في إستهداف الدعاية الألمانية في محاولة للتقليل من آثارها المدمرة على شعوب الحلفاء وعلى جيوشهم المترامية على القارة الأوربية ، وفي تشويه توجهات تلك الدعاية ووصفها بأقسى الألفاظ سلبية واكثرها تحطيما للسمعة وللتوجهات!!

ولنوضح بشكل يقترب من المنطق والعقلانية ، كوننا باحثين عن الحقيقة بشكل علمي أساليب توجهات الدعاية وبخاصة دعاية غوبلز وتوجهات الدعاية الألمانية في تلك الحقبة الزمنية التي تكاد تكون من أشرس الحروب وأشدها فتكا وتأثيرا على عقول البشر، يوم كان سلاح الدعاية فيها لايقل أهمية عن سلاح الطيران والمدفعية في إشاعة الخوف والرعب لدى جيوش وشعوب الدول التي ناصبت هتلر ودولته العداء!!
وسأتناول في هذا الإستعراض، أهم السمات والأساليب التي إتخذتها دعاية غوبلز في توجهاتها الدعائية ضد الحلفاء ، وهو إستعراض ربما يكون فريد من نوعه في تناول مفاهيم غوبلز وأساليبه في الدعاية والحرب النفسية وان لم يكن الاول فقد سبقني باحثون الى تناول الموضوع بالطريقة نفسها وان كانت بدرجة تختلف كثيرا عما اتناوله في هذا الجانب ، وعلى الشكل التالي:

1. كانت النقطة الأساسية التي تنطلق منها دعاية غوبلز هو إعتماد مبدأ (التكرار) في بث التوجهات الدعائية والاخبار والتقارير والتعليمات التي يراد إيصالها الى شعبه أو توجيهها الى الرأي العام في داخل دول الحلفاء في حربهم ضده ، وقد وصف الحلفاء هذا المبدأ على أن غوبلز يستخدم نظرية (إكذب إكذب حتى يصدقك الناس ) على طول الخط، وبنوا نظريتهم ضده على هذا الأساس ، بالرغم من أن هتلر ووزير دعايته غوبلز لايسيران ضمن هذا الاتجاه ولا تحت عنوان هذا الوصف، بل ان (التكرار) في التوجهات الدعائية مبدأ إستخدمه كل الرسالات السماوية واستخدمه الانبياء والرسل وزعماء الامبراطوريات وحتى على مستوى الحروب بين القبائل في الجزيرة العربية وفي اليونان وبلاد فارس ، وركز عليه الدين الاسلامي في توجهاته وبخاصة في المساجد والوعظ الدينية وفي خطب الجمعة ، وهو تكرار مضامين ماورد في القران الكريم من آيات وسور وحكم ومواعظ ودلالات في القران على عامة المسلمين لكي يكون بمقدورهم هضم الرسالة الاسلامية ومضامينها وفهمها، حتى لاتتعرض للنسيان، وفي الصلاة نستخدم (سورة الحمد) في كل وقفة من وقفاتنا عند الصلاة وفي كل الركعات طوال اليوم ، وفيها (حكمة آلهية) بكل تأكيد لاغراض تركيس مبدأ 0 ألألوهية والتوحيد) ااه رب السموات والارض .
2. بل وتم إستخدم مبدأ (التكرار) من جميع كل القوى والاحزاب والشخصيات ذات الطبيعة الثورية منذ فجر الخليقة واستمر الى عصرنا هذا ، وعد (التكرار) مبدأ أساسيا في ايصال الافكار والعقائد وما يراد ايصاله من تعليمات ومضامين دعائية الى الجمهور والاتباع، وما يزال هذا المبدا يستخدم على نطاق واسع في الفضائيات والاذاعات والصحف ووسلائل الاتصال بمختلف مسمياتها وان كان بدرجة أقل، من أكثر الدول التي تؤكد على مبدأ ( التكرار) في التوجهات الدعائية وبخاصة الصين التي تعد ربما الدولة الأولى في العصر الحديث الذي اعتمدت هذا المبدأ في إيصال نظريات الحزب الشيوعي الصيني وفي تركيزها لعقود في اذهان الرأي العام الصيني وشعوبه وهي تفوق على المليار نسمة، بالرغم من أن هذا المبدأ خف إستخدامه ولم يكن بتلك الدرجة من الحدة التي تستخدمها أساليب الدعاية الحديثة في توجهاتها وحملاتها الدعائية لاستهداف الخصوم او حتى ايصال رسائلها الى الرأي العام داخل شعوبها، كما إستخدم ضد الاسرى بهدف ارغامهم على تقبل فكرة العدو التي يريد غرسها في أذهانهم عن بلدهم وعن حكومته، وما جرى للاسرى العراقيين في الحرب مع ايران وحتى في الحرب الامريكية على العراق وفي حروب في دول أخرى في المنطقة وخارجها مثال على إستخدام مبدأ ( التكرار) على نطاق واسع !!

3. من المعروف أيضا أن مبدأ (التكرار) يستخدم على نطاق واسع في مؤسسات ودوائر التربية التعليم بكل مراحلها في أغلب دول العالم، من اجل غرس المفاهيم والمصطلحات وترجمة أحاديث المجتمع وأفكاره ورؤاه الى لغة مكتوبة، وهو يشمل كل المراحل الدراسية لكل المرحلة الأولى من التربية والتعليم في السنوات الأساسية ، حيث يستخدم مبدأ (التكرار) وبكثرة وبطرق مختلفة لكن المضامين واحدة أحيانا ، لايصال الافكار والمضامين اللغوية والفكرية التي تعتمدها أسس التربية المختلفة في ايصال افكارها الى تلاميذها وطلبتها، ولولا (التكرار) ما كان بالأساس غرس المفاهيم والتوجهات الفكرية والعلمية واللغوية وغرس الطباع والسلوك الايجابي ضمن مختلف اوساط المجتمع وناشئته واجياله ،ضمن مناهجه ومدارسه واوساطه التربوية المختلفة .. كما إستخدم علماء النفس (التكرار) على نطاق واسع في تجاربهم في محاولات ترسيخ الافكار والنظريات وقياس أسس وتوجهات التربية والتعليم ، وعدوه مبدأ أساسيا في ترسيخ مايراد إيصاله من رؤى وتوجهات وإفكار الى الاجيال والناشئة ولمختلف الاعمار.

4. كما نجح خبراء علم النفس والاجيال التربوية في إستخدام مبدأ (التكرار) على نطاق واسع في الدراسات ذات الطبيعة الاجتماعية والنفسية ، ويعد العلم الروسي ( بافلوف) خير مثال على إستخدام التكرار في التعليم ، وفي غرس انماط سلوك لدى من يستهدفهم في تجاربه العلمية ، بعد إن جربها على حيوانات ونجح في الكثير من تجاربه في كيفية ممارسة التكرار في تعليم البشر، ومنه صاغ نظريات التعلم وسبل فرض الافكار والرؤى على بني البشر للاستفادة من تجاربه في معرفة السلوك الانساني وتطويعه لصالح الداعية !!

5. وبالنسبة لغوبلز فقد سعى وزير الدعاية الألماني لايصال توجهات الرايخ الأيدلوجية ونظرياته التي وردت ضمن كتاب كفاحي وعدها أسس ومباديء لكل الألمان ينبغي أن يهضموها جيدا ، كونها الوحيدة من وجهة نظره من ترسخ مفهوم القوة والهيمنة لألمانيا على دول الحلفاء ، وإن بمقدور الشعب الألماني ان يسحق كل الدول التي ناصبت بلاده العداء، وإيصال الرأي العام الألماني الى نتيجة مؤداها أن التوسع الألماني كان له مبرراته وهو في مصلحة بلدهم لدرأ الشر عنهم ، وانهم من وجهة نظر هتلر الشعب الذي يتفوق على كل الشعوب حسب نظريات هتلر وله الحق ان تكون له السيادة على كل دول العالم وان ما من قوة كبرى تريد ايقاف الشعب الألماني عن تحقيق هذا الحلم، ولهذا وقفت كل دول الحلفاء ووضعت كل طاقاتها وخططها الجهنمية من اجل تركيع هتلر والمانيا الدولة التي أرعبت العالم بسطوتها وقدراتها الجبارة والتي كانت الدول تهابها وتضع لها الف حساب!!

6. إعتمد الزعيم الالماني هتلر على نظريته في الهيمنة على نظريات كبار رجال الفكر الستراتيجي ومن أصحاب النظريات الجيبولتيكية ومنهم ماهان المفكر الجيبولتيكي الأمريكي ، الذي أرسى نظرية المجال الجيبولتيكي، أن يكون القتال خارج حدود الدولة لابعاد تأثيرتها على الداخل ، واراد إستخدام المجال الجيبولتيكي الى أوسع مدى ، ووضع له المبررات والأسس والركائز ، على ان من يمسك بقلب المانيا ، يكون بمقدوره ان يبسط جناحيه على كل دول أوربا والعالم الغربي ويخضعه لارادته، بالقوة الغاشمة وبالإكراه ومن خلال إستخدام القدرات العسكرية الجبارة والأسلحة المتقدمة الى أقصاها في خلق حالة الرعب وفي زرع اليأس والرعب لدى الخصوم من قوة هتلر وبطشه جيشه العرمرم الذي بني على أساس العقيدة الألمانية في التفوق ، لكن إستخدام الحشود الكبرى للدول ولجيوشها وتجييش الحلفاء ضد هتلر وسعيهم لتحطيم قوته بكل الطرق والأساليب المعتادة في الحروب أو حتى الاساليب غير الاخلاقية وغير الشرعية من أجل الوصول الى مبتغاهم في فرض الأمر الواقع وايصاله الى حالة اليأس من الاستمرار في تحقيق الانتصارات، إن لم تتحول الانتصارات في بعض الاحيان الى هزائم، بعدما إستخدم الحلفاء شتى الاساليب القتالية لإبادة الشعب الألماني واستهداف كل قطعاته العسكرية الكبيرة والمنتشرة على مساحات واسعة من أوربا،وشنت ضدها حروبا شعواء باستخدام آلة الدمار الكبرى لاستهداف القوات المسلحة الألمانية اينما وجدت!!

7. لم يكن في تفكير (الفوهرر هتلر) ولا ضمن توجهات وزير دعايته غوبلز أن يكون الإسلوب الشائع في دعايته هو (الكذب) على الطريقة التي أشاعها الحلفاء عن توجهات هتلر ووزير دعايته ، ولم يكن اطلاق تسمية ( إكذب إكذب حتى يصدقك الناس) صحيحا في كل الاحوال، وربما إستخدم غوبلز اساليب الحرب النفسية التي تتضمن في بعض موادها استخدام حالات (تسريب الاخبار) وفن (تلفيق الاخبار) على مسرح العمليات العسكرية في جبهات الحرب ضد الحلفاء ، وهو مبدأ يستخدم في كل الحروب منذ بزغ فجر البشرية ، ومبرر إستخدمه في بعض الاحيان لغرض تضليل الخصوم وإستهداف الرأي العام او الحكومات المعادية ، لكن السياق العام ليس هو إشاعة (الفبركة) ربما على نطاق واسع ، وان تشويه سمعة هتلر ووزير دعايته بمختلف الوسائل والتوجهات الدعائية في إستهداف الخصوم هو من طغى على نطاق واسع، في توجهات الحلفاء الدعائية ، ثم إستخدمته البحوث الاعلامية هي الاخرى ضمن توجهاتها وفق تلك النظرية (إكذب إكذب حتى يصدقك الناس) ، ضمن خطط التسقيط التي بالغت فيها الدعاية الغربية ضد النازية ، بدعم يهودي لاحدود له، وبطريقة مذهلة فاقت حتى اساليب هتلر وحيله الدعائية ، لكن الحقيقة هي ليست كذلك!!

8. كان التركيز في توجهات هتلر ودعايته على الامة الالمانية كقومية خالصة، وكانت المانيا مركز الثقل في الفكر القومي، واستفادت منه حركات سياسية عربية وفي دول المنطقة لإعادة التأكيد على أهمية الأمة والقومية في توحيد الشعب العربي وفي بناء وحدة قومية ، تخدم توجهات بعض القوى السياسية العربية في وقتها بان يجد له موقعا محترما بين المجموعات الدولية، لكن الدوائر الاستعمارية ودول المنطقة هي من وقفت بوجه هذا التوجه وحاربته بكل الوسائل والاساليب لإفشال أية محاولة قومية لاستعادة العرب مكانتهم من جديد، وها هم يعانون التمزق والاحتراب بعد ان وجد الخصوم ان افضل سبيل للقضاء على وحدة العرب بتشيت اوصالهم وإشعال نيران حروب دينية وطائفية بينهم لاتبقي ولا تذر!!

9. لقد إستخدم العراق في حربه ضد إيران في الثمانينات والتي إستمرت ثماني سنوات، بعض الاساليب والتوجهات الايجابية الدعائية التي استخدمها غوبلز في الحرب العالمية الثانية ، قبل ان تنهار المانيا، وكانت فيها نواح ايجابية إسخدمتها توجهات الحرب النفسية العراقية واستطاعت تحقيق نجاحات ملموسة في إقناع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بكثير من مضامينها، أي بالاستفادة من التوجهات الدعائية الايجابية التي تحاول ان ترغم الخصوم على الرضوخ للأمر الواقع، وان تكون للكلمة وقع الصاروخ والمدفع والطائرة في التدمير وفي فرض الرعب ، إن لم تتفوق أسلحة الحرب النفسية على الحروب العسكرية ومعداتها في أحيان كثيرة وحققت نجاحات على نطاق وأسع وفي حروب كثيرة، وفي الحرب الامريكية على العراق ، كانت توجهاتها الى حد ما شبيهة بالاساليب التي إستخدمتها دعاية غوبلز ، وحققت نجاحات في خلق الرعب والخوف لدى الكثير من العراقيين وادى الى انهيار قطاعات عسكرية ولم يكن بمقدورها المواجهة ، بعد ان سرب الامريكان خطط انهيارات مزعومة على الجبهات العراقية وانها سلمت نفسها، وكانت معركة المطار افضل نموذج للحرب النفسية البالغة التعقيد التي استفادت كثيرا من توجهات غوبلز في الدعاية وفي كيفية إرغام القطعات والقوات العسكرية على الإستسلام دون قتال!!

معلومات عامة عن غوبلز وسيرته الشخصية
جوزيف غوبلز وزير الدعاية في حكومة أدولف هتلر من مواليد 29 أكتوبر 1897 وانتحر مع زوجته وأولاده في أول مايو 1945 أبوه المحاسب فردريك جوبلز نشأ في أسرة متوسطة الحال. تطوع بالجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولي 1914-1918 لكن طلبه رفض بسبب قدمه المسطحة “الفلات فوت”. انضم إلي الحزب النازي عند تأسيسه سنة 1922 بعد معاهدة فرساي التي وقعها الحلفاء المنتصرون بثلاث سنوات وبالغوا فيها في إهانة الألمان اعترض علي انضمام ادولف هتلر للحزب واصبح بعد ذلك من أصدقائه وانصاره. عين هتلر مستشارا لألمانيا في نهاية الحرب لكن الحلفاء لم يعترفوا بالقرار.. بعد انتصارهم ودخولهم العاصمة برلين. وجوزيف جوبلز من اشهر الشخصيات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1945 صاحب نظرية الدعاية السياسية والحرب النفسية عبر وسائل الإعلام تحولت بعد الحرب إلي نظرية تدرس في المقررات الدراسية وكليات الإعلام وأقسام الصحافة في أوروبا والعالم. قبل الحرب وجه جوبلز حملاته لإقناع الملايين من الشعب الألماني بمبادئ الحزب النازي للانضمام اليه أو تأييد سياساته وخلال سنوات الحرب ألقي المنشورات من الطائرات مع القذائف والدانات ووجه الحملات من خلال الصحف والاذاعات لضرب الروح المعنوية لجنود الحلفاء وأيضا لشعوبهم لبث الخوف في قلوبهم.. تؤكد هذه المنشورات والحملات علي القوة الهائلة للألمان وتهدد جيوش وشعوب الحلفاء بالويل والثبور وعظائم الأمور.

شغل غوبلز نصب زعيمٍ لمنطقة الحزب النازي في مدينة برلين في عام 1926، وفي العام التالي 1927، أسس صحفيةً أسبوعيةً كان من خلالها يمثل فلسفة الحزب واسماها “The Attack”، وتم انتخابه في البرلمان الألماني في عام 1928، وقام أدولف هتلر بتقليده منصب مدير الدعاية في الحزب، وشغل منصب الوزير العام للدعاية في عام 1933، في حين كان هتلر المستشار.

استخدم منصبه الرسمي ليشرف على محتويات الصحف والمجلات والكتب والموسيقى والمسرحيات والأفلام والراديو والفنون الجميلة في البلاد من أجل ترسيخ فلسفة هتلر وإثارة الكراهية ضد اليهود.

وفي شهر نيسان/ أبريل من نفس العام 1933 وبمبادرةٍ من هتلر ضمن جزءٍ من عمله، قام جوزيف باتخاذ إجراءاتٍ لمقاطعة الشركات اليهودية، وقام بتنظيم حفلٍ في برلين في دار الأوبرا لإتلاف الكتب “غير الألمانية”، و كنتيجةٍ لهذا الحفل، تم تدمير وإحراق عددٍ من الكتب القيّمة التي قام بكتابتها شخصياتٌ بارزة مثل ألبرت آينشتاين وهيلين كيلر وويلز.

أصبح مدير غرفة الثقافة للرايخ في أيلول/ سبتمبر من عام 1933، وقد كانت هذه المؤسسة تُستخدم للسيطرة على الحياة الثقافية في ذلك الوقت في ألمانيا، وكان لها دورٌ في بطالة الفانين اليهود القسرية، بالإضافة لذلك قام قانون الصحافة في الرايخ بإقالة المحررين غير النازيين واليهود من دور النشر الألمانية.
عندما بدأت الحرب العالمية الثانية في عام 1939، قام بإلهام الشعب الألماني ليدعم الحرب، ولهذا الغرض أدار قوة وسائل الإعلام بفعالية، وفي عام 1940 كان إطلاق فيلم “The Eternal Jew” دعايةً للحزب النازي، وأثار الكراهية ضد الجماعات اليهودية، لأنّه صوّر اليهود كعلقاتٍ طفيليةٍ عديمة القيمة.

وقام أيضًا بإنتاج فيلمٍ دعائي آخر للنازية في نفس العام سمي بـ “Jud Suss” حاول فيه إظهار اليهود بشكلٍ سيء، كما قام في عام 1942 بتنظيم معرضٍ لدعم النازية سمي ب “The Soviet Paradise” ، حاول فيه فضح عدم مصداقية اليهود، وقام بمهاجمة هيربرت باوم- وهو زعيم مقاومةٍ يهودي ألماني- من أجل إفشال مسعاه، ومن المثير للدهشة أن نلاحظ أن غوبلز أبقى أخبار الهجوم طيّ الكتمان وواصل سعيه لاستكمال الحملة لأجل الحرب.

في عام 1944 وفي شهر آب/ أغسطس قام بتحريض الألمان وحثّهم على دعم جهود الحرب الألمانية، وأصبح مستشارًا لألمانيا في عام 1945 بعد انتحار هتلر في 30 نيسان/ أبريل من نفس العام.

حياة جوزيف غوبلز الشخصية
تزوج في 19 كانون الأول/ ديسمبر 1931 من (ماغدا ريتشل)، ورُزقا بستة أطفال.

وفاة غوبلز

في 1 أيار/ مايو 1945، أقدم غوبلز على الانتحار مع زوجتة (ماغدا) وأطفاله الستة، وتراوحت أعمار أطفاله بين 4 و11 سنة طلب من زوجته أن تذهب إلى خبيرٍ كيميائي لتحضير عقارٍ منوم يعمل على تنويم الاطفال لساعاتٍ تتراوح بين 10 – 14 ساعة حتى لا يشعر أبناؤه بالسم، وبعد وفاة أبنائه أقدم هو وزوجته على الانتحار خارج المبنى العسكري النازي وفارقا الحياة.

يقال ان غوبلز هو الذي قال: «كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي» وفى رواية أخرى «كلمة ثقافة»، إنه صاحب آلة الدعاية النازية والذي صور أدولف هتلر للألمانيين على أنه المنقذ لهم ولألمانيا وطالما ذكرنا قولته الشهيرة عن المثقفين فإنه يتعين الإشارة إلى أنه بممارساته شكل فصلًا دمويًّا من فصول محاكم التفتيش في التاريخ.

هذا الإستعراض الحيوي والمهم ، ليس مطروقا من قبل على هذه الشاكلة ،على مستوى البحث الاعلامي المتعمق، وهو ربما أول محاولة لإعادة تقييم مرحلة مهمة من أساليب الدعاية التي إستخدمت في الحرب الألمانية في المواجهة ضد الحلفاء، وفيها دروس وعبر كثيرة ، يمكن الإستفادة من بعض توجهاتها، في الحرب النفسية ، التي لو أتقن إستخدامها في خططنا للحرب النفسية على صعيد العراق ، في مواجهة الخصوم والاعداء المحتملين ، لكان بالامكان الاستفادة من توجهاتها بشكل كبير، إن وجدت دولة بمعنى الدولة في العراق تضع لبلدها مكانة تليق بها ، وهي التي لديها السبق في ان لها تأريخا ضاربا في مواجهة حروب شرسة إستهدفت العراق على مر التاريخ، وقد خرج منها العراقيون منتصرين في نهاية المطاف.