تقول الرواية: “إذا برزوا الشهداء حفتهم الملائكة بأجنحتها، ويدعون الله تعالى لهم بالنصر والتثبيت، ونادى منادياً الجنة تحت ضلال السيوف، فتكون الطعنة على الشهيد اهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف، وإذا زال الشهيد من ظهر جواده بضربةٍ؛ لم يصل الى الأرض حتى يبعث الله بزوجته من الحور العين”.
هكذا هي الشهادة واولائك هم الشهداء، كثير من الروايات تبشرنا بمنزلة الشهادة، لكن لا ينبري لنيلها الا ذو حظ عظيم، لذلك أصبحت الشهادة قدس مقدس، ومن يتشرف بنيلها ذهبت معه لغة الافول، فيبقى اسمه منقوشاً من نور، لن تناله حرائق الفاشلين ولا ازيز رصاص المجرمين.
الشهيد صالح البخاتي القائد الذي انحدر من صحراء العمارة، يتيماً كيتم جده سيد الكائنات، تكفله عمه، حتى أمسى لا يعرف معنى الخوف، سكن الصحاري مناهضاً للسياسات الفاسدة، وتجشم عناء مقارعة العفالقة، لطالما تغنى بأزيز الرصاص، شرب من طهارة الاهوار ماءها، وسرت فطرة المعدان بعروقه، حقا كان يعرف معنى الإصلاح حق معرفة.
بطل استسقى شجاعة جده، وراح يتدرب عليها حتى نال لقب سيد الوغى بجدارة، كان يطحن البعثيين برشاشته طحن الرحى، جهاده زج له الحب في قلب شهيد المحراب، استقطب من اجداده العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، لم يطالب بخدمة جهادية لأنه يعلم ان مناصبهم لا تعوض مواقف جهاده، لذلك كان لله متضرعاً طالباً للشهادة.
لم تستسيغ له رائحة الدواعش النتنة، وتقدم الركب لطردها، وقف مدافعا عن مرقد عمته، لم يرضى لها السبا مرة أخرى، وهو يردد عباراتها “كد كيدك وأسعى سعيك فوالله لن تمحو ذكرنا”.
استباح الإرهاب ارضنا، وكان اول المتصدين له، اسد يتقدم قطيعه، لم تأخذه في الله لومة لائم، لبس قلبه على لامة حربه، تخطى ربوع جرف الصخر، عسكر على تخوم تكريت، تربع في قلب الرمادي، اذاق ايتام البعث وبقيته ضربات طالما تعلمها من اجداده وقادته.رصاصة حاقدة اصابته وسط رمضان المبارك، وهو يستطلع قواطعه ليبدأ الهجوم، سقط أسداً وسط قطيع من الجرذان، كانت وصيته مفعمة بإبتسامة الشهادة التي انتظرها كثيراً، وكانت دماءه سبباً في تحرير رأس الافعى.خلاصة القول:
يا صالحاً أ وهل اتوك فجأةً؟ ………………. أسدٌ انتَ وهمٌ الجرانِ
أ تجمعوا عليك حين غفلة؟ ……………….. أم ان حربك كانت لهم برهانِ
سلام.