شهد البرلمان العراقي الاسبوع الماضي عددا من القضايا الساخنة, منها التصويت بالاغلبية المطلقة على عدم قناعته باجابات وزير الدفاع, تلاها تقديم 63 عضوا في البرلمان مذكرة يطالبون فيها سحب الثقة منه ( والعدد بازدياد اذ وصل الى ٨٧ موقع لغاية الان ) والذي من المقرر ان يطرح للتصويت خلال الايام المقبلة . بعد هذا قدم رئيس الوزراء حيدر العبادي اسماء ستة وزراء جدد لملء الفراغ في تشكيلته الوزارية التي تضم 8 وزارات شاغرة (بلا وزير), وحصل خمسة من المقدمة اسماءهم على ثقة البرلمان فيما رفض السادس. قضية مهمة اخرى تم طرحها وهي قانون العفو العام الذي وصل الى مرحلة التصويت الا ان بعض الاراء المتباينة حول بعض فقراته ادت الى تأجيل حسمه الى الاسبوع القادم.
قانون المساءلة والعدالة ادرج اكثر من مرة في جدول اعمال الجلسات الا انه جرى تأجيله بسبب كثرة فقرات جدول الاعمال، اضافة الى ذلك ادراج قضية حريق مستشفى اليرموك الى جدول اعمال البرلمان حيث حضرت الاطراف المسؤولة شهد خلالها البرلمان سجالا كبيرا بين وزارة الصحة ومحافظة بغداد. استعرضت بسرعة هذه القضايا الساخنة من اجل ان يكون القارئ على بينة بتسلسل الاحداث, واذا ربطناها بعد ذلك بالاحداث السابقة, وباستغراب رئيس الوزراء حيدر العبادي من سرعة انتهاء القضاء من ملف رئيس البرلمان سليم الجبوري, نتوصل الى:
أولا: ان تصويت البرلمان على عدم القناعة باجوبة العبيدي كانت ضربة موجعة من البرلمان للعبادي, وبسحب الثقة من (العبيدي) لاحقا يكون بذلك قد استطاع البرلمان احراق لهذه الورقة التي يلعب بها العبادي. ثانيا: ان رفض المرشح لوزير التجارة الذي تقدم به العبادي كان بمثابة رسالة قصيرة الى العبادي بان البرلمان لن يسمح له بفرض ارادته, وما يبتغيه, وان البرلمان ليس المكان الذي ينفذ من خلاله رغباته.اما فيما يخص قانون العفو العام فقد طفت الخلافات بين دولة القانون والتيار الصدري, اذ يستفيد التيار من هذا القانون فيما يخص اعضائه الذين اعتقلوا وحكموا قبل اعلان انسحاب الجيش الامريكي من العراق, فيما توصل السنة والشيعة الى اتفاق بخصوص هذا القانون ولم يعد هنالك خلافات بينهم حوله، اذ ان هذا الاتفاق يصب في فائدة الطرفين، حيث ان لدى السنة اناس كثيرين معتقلين ومحكومين بتهم الارهاب او العلاقة بالارهاب سوف يستفيدون منه, ولدى الشيعة ايضا اناس متهمين بالفساد, وسيستفيد المحكومين بالفساد والاستحواذ على المال العام, او المتورطين مع الفاسدين من فقرات هذا القانون ايضا. وكان انسحاب دولة القانون من القاعة هو لاجل كسر النصاب وللحيلولة دون تمرير القانون هو احراج اخر للعبادي امام التيار الصدري.على اثر ذلك كله ظهر العبادي فجأة ليعرب عن استغرابه؟ وتعجبه! من سرعة انتهاء المحكمة من ملف رئيس البرلمان سليم الجبوري، وبذلك يكون رئيس الوزراء قد انتهك الدستور واقدم على التدخل في عمل السلطة القضائية من خلال القائه بظلال شكه على قراراتها.
هنا اعتقد ان المحكمة فعلت مثلما الجبوري عندما بادر بذكاء وسرعة بديهة, عندما اسرع في الذهاب والمثول امامها, وهي كذلك تعاملت بذكاء وسرعة واتخذت قرارها, ولم تفسح مجالا للتدخلات السياسية في هذا الملف, لذا اصيب العبادي والذين شاركوه الهدف ذاته بالهستيريا.
كنت قد اشرت في مقالي الذي حمل عنوان (دقيقة صمت حدادا على روح الوطن) الاسبوع الماضي الى مخاطر التشكيك بالمؤسسة القضائية وقراراتها في العراق من قبل بعض اجهزة الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي, ومن اجل قطع الطريق على هؤلاء طالبت ان لا تقبل الاطراف المسؤولة التقليل من حرمة القضاء والتشكيك بقراراته, ولم تكن مطلبتي تلك من اجل تقديس هذه المؤسسة, بل كان حرصا منا على العبور بالبلاد من هذا الوضع المضطرب الذي اشرت اليه في مقالي السابق, واعتقد ان عدم احترام القضاء والتشكيك بقراراته سوف يقود الى المزيد من الاضطراب, ويدفع البلاد الى الانهيار.
كنت انتظر من المؤسسة القضائية ان تدخل على الخط بجرأة وان تحافظ على استقلاليتها, وان لا تقع تحت تأثير أصوات قارعي طبول العبادي, الذي كان موقفه (العبادي) عبارة عن ردة فعل بسبب مواقف البرلمان الاسبوع الماضي, والتي يمكن ان تحول البرلمان الى جزء من هذه الحملة التي اثيرت.
اعتقد هنا ان العبادي انهى استقلالية القضاء, وهنا اعرب عن استغرابي من عدم رد القضاء.. على استغراب العبادي؟!!.