23 ديسمبر، 2024 10:25 ص

أستشهاد القرارات الحاسمة

أستشهاد القرارات الحاسمة

أصبحت أنباء القتل فى العراق وسوريا ومصر وبيروت وغيرها من البلاد أنباء وصور طبيعية تنقلها وسائل الإعلام، لمجتمعات فقدت المعنى الحقيقى للقيمة الأخلاقية للحياة الإنسانية وأهمية تجريم الأعتداء بالقتل على حياة الآخرين، وعبارة الله أكبر الدليل على موت الضمير الإنسانى ليحل محله ضمير ومشاعر دينية تبتهج بأخبار القتل وكأن مشاهد قطع الرؤوس وأشلاء القتلى هى مجرد كوميديا إلهية لكنها ليست كوميديا الشاعر الإيطالى الشهير دانتى، لكنها كوميديا يتم تمثيلها وتنفيذها أمام الجمهور الذى يصفق لهؤلاء الممثلين المنتمين لجماعات القتل التى تتدفق عليهم الأموال لأستمرار تلك الكوميديا المآساوية، التى ماتت أمامها أحاسيس ومشاعر وعقول الجماهير العربية العريضة، التى فقدت القدرة على إدراك مدى بشاعة ما يرتكب من أعمال وحشية يتوقف فيها عمل العقل والتفكير فى مدة منطقية ما يحدث حولهم من أعمال كوميديا بربرية.

سلسلة التفجيرات الدموية التى تقع فى بلادنا العربية هى دليل سيطرة التربية والتعليم للبغض والكراهية للحياة الأنسانية والدعوات الدينية المستمرة لتقديس كل من يقتل نفسه فى سبيل قتل أعدائه من نصارى ويهود وسنة وشيعة وبهائيون ووهابيون وأمريكيون وأوربيون وشياطين العالم من طاغوت وجبروت، وكلها دعوات نتيجتها أن المجتمعات العربية الإسلامية أشتعلت فيها الفتن والكراهية وأصبح أفراد المجتمع أعداء بعضهم البعض، ليتم تقديس القتل والوعود بالحوريات والجنة الغيبية التى يحلمون بها، ووسط كل هذا تقف القيادات السياسية والثقافية موقف المتفرج بإطلاق كلمات الإدانة لتلك العمليات وضرورة أتخاذ قرارات حاسمة والتعامل نحزم مع تلك العناصر التى تزعزع أمن وأستقرار البلاد لمنع تكرارها فى المستقبل، بل ويطلقون على القتلى فى تلك الأحداث شهداء ليسأل المواطن البسيط ببراءة: إذا كان القاتل عند جماعته والمناصرين لها شهيداً والمقتول عند الشعب والدولة شهيداً، فأين الحقيقة والمنطق فى كل هذا؟

وتستمر بيانات الإدانة وإتخاذ القرارات الحاسمة والحازمة والتى تصدر فى بيانات صحفية للإستهلاك الجماهيرى منذ عشرات السنين وحتى اليوم، لم تتغير لهجتها وأسبابها ونتائجها، منذ الصحوة الدينية الإسلامية التى يطلقونها على ظهور الجماعات الإرهابية أو الجهادية، والموت لا يميز بين أطفال ونساء وشباب وشيوخ الأهمية هى ضرب الأمن المجتمعى وبث الرعب فى نفوس الشعوب، ورغم تلك البيانات السياسية لم يتوقف الإرهاب والقتل لنكتشف فى النهاية أن الإدانة والقرارات الحاسمة تم أستشهادهم على أرض المصالح السياسية والأيديولوجية، والجميع سواء كان من النظام السياسى أو من الجماعات الإسلامية يمارسون التلاعب بحياة البشر الإنسانية، دون شعور أو إحساس بأن القتل جريمة ومن يعطى ويبيح لنفسه الحرية فى القتل تحت مسميات وتأويلات دينية أو سياسية وعنصرية، على الجميع من أفراد الشعب الشعور بالمسؤلية فى ضرورة مساعدة أجهزة كافة الدول فى المشاركة بالبحث وتقديم الجناة إلى المحاكمة، وهذا يأتى عندما يؤمن كل مواطن أن الحياة الإنسانية أغلى شئ فى الوجود وعليه حمايتها والحفاظ عليها سواء على نفسة أو على نفوس الآخرين.
 
إستشهاد كلمة طالما أستخدمها الدكتاتوريين من رجال السياسة لإقناع البسطاء من شعوبهم الذين يعيشون فى غيبيات التدين، الذين يعيشون على مشاعر وأفكار وأحلام بوجود عالم آخر توجد به جنة لا عمل فيها إلا أستقبال الحوريات والتمتع بهم، هذه الأحلام هى لغة رجال الدين والسياسة الشمولية لإخضاع المواطن ليقدم لهم السمع والطاعة، وبذلك يتم تعطيل عقله عن التفكير فيما يقال له هل هو كلام أساطير أو به قدر من المنطقية، لتكون الغلبة لرجال السياسة الذين يستغلون الخطاب الدينى الغارق فى الغيبية ليستحوذوا على الجاه والسلطان.

الآن نعيش لغة أتفق الجميع على صلاحيتها وشرعيتها وهى لغة القتل بدلاً من لغة الحوار، لغة العنصرية والمذهبية العدائية بديلاً عن التفكير وأستخدام العقل فى تفعيل المنطق الإنسانى، هذه اللغة نتاج طبيعى للتراخى الحكومى وتفشى الفكر الدينى العدائى بين الكثير من المسئولين فى حكومات الدول العربية، مما أنتج هذا النزيف المستمر للحياة البشرية، وعندما يصل المواطن إلى حقيقة أن الوطن للجميع لكن الأديان خاصة بكل فرد له حرية الأعتقاد، فإن الدول بكافة مؤسساتها سيكون فى مقدورها الأنتصار على روح العنف والعداء والإرهاب.