23 ديسمبر، 2024 8:48 ص

أستبداد الشعوب المبرر …. العراق أنموذجاً

أستبداد الشعوب المبرر …. العراق أنموذجاً

كان العراق ومازال منذ مئات السنين موطناً للحكام الطغات والجبابرة والمستبدين ، إذ لم يحدثنا التأريخ عن حياة آمنة هادئة قد عاشها العراق أو عاشتها الأمة الأسلامية !! سوى فترة حكم الرسول الأعظم ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) والفترة القصيرة لحكم امير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ومنذ تلك الفترة وتلك الحقبة لم نقرأ عن العراق تحديداً عدم خضوعه لظلم الحكومات وأستبدادها ، ورغم أن معزيات هذا الظلم وهذا الأستبداد ( أستبداد الشعوب ) كثيرة !! إلا أننا سنحاول بأيجاز مناقشة رضوخ العراق وشعبه بالذات لهذا النوع من الحكم الأمر الذي كان معه العراق وشعبه مثاراً لجدل الباحثين بشؤون المجتمعات وباحثي الشؤون
السياسية ، : ( طال العهد على الشخصية العربية والإسلامية وهي تعيش في ظل الحكم الاستبدادي فأصابها المسخ ، وفاقم هذا التحول ذلك الموروث الديني الفرعوني والفارسي ، والتفسيرات الخاطئة للدين ، والتراث المملوكي ، وطول الامتثال للمستبد “وأولى الأمر”. )  (1)
خضوع الأمة لسنين طويلة لحكم المستبد أصابها بنوع من التحول ، من الشخصية الأنسانية وذاتها وكيانها الى الأنسلاخ والمسخ عن تلك الحال – الحال الحقيقية للفرد المسلم والفرد العربي على السواء – وتأصلت في النفوس متأثرة بالترجمة الزائفة للدين هذه الترجمة الخارجة عن الدين – أي دين ؟ – فضلاً عن دين الأسلام الحنيف الدين المزور – الدين المحرف – ذلك الدين في موروثات – الفرعونية والفارسية – الدين الذي خدم هذه الأيديولوجية بكل مسمياتها وأشكالها الى حدود التجبر على الناس ، الأستبداد الذي أوصل هذه الشعوب الى مستويات الرق والذلة والهوان ، لتصطلح بين الفترة والأخرى ذرائع بأفكار وعناوين متفاوتة حسب الحاجة ( حاجة الحاكم ) ، – الحاكم الشرعي – الى حكم – الولي الفقيه – وبصورة أكثر تعبير : تارة – ملوكية – وتارة – جمهورية – وتارة – شورى أو نيابية – وفي حقيقتها : ( كلها سلطات تجبر وتسلط ) – دكتاتورية وأستبداد – مع هذه المسميات وفي هذا الكنف !! لم تلمس هذه الشعوب بصيصاً لأمل الحياة الحقيقية والعيش بسعادة ،  في كنف هذه الحكومات المصطلحة ، – العراق وشعب العراق – أنموذج حي من تلك النماذج التي المفروض أنها وفق هذا التطور والأنفتاح !! قد أضحت  حياته البائسة مجرد كلاسيك وتأريخ غابر في طي النسيان ، أننا لسنا ضد هذه المسميات والمصطلحات لو أوتي تطبيقها بالشكل الصحيح !! بقدر ما نحن ضد الأيديولوجيا التي أديرت بها تلك المسميات حتى أننا نستطيع القول : أن لا فكرة – الأسلام السياسي – حكمت الشعب بالعدل !! كما هو ظاهر بشعاراتها التي رفعتها في العراق فضلاً عن البلدان العربية والأسلامية الأخرى ، ولا شعارات – العلمانية – ومفاهيمها كبديل صالح قد أوفت عهودها أمام الشعوب العربية والأسلامية نفسها مرة أخرى ،
( وترسخت قابلية الاستبداد في الشخصية العربية ، وبلغ ذلك ذروته عندما أمتثل المسلمون في مصر والشام لحكم العبيد والإماء ، ويعد هذا الأمر سابقة انفردت بها شعوب هذه البلاد وهي أن يقبل”الأحرار” حكم “الأرقاء”. ) (2)
 نعم ترسخت هذه القابليات – قابلية الأستبداد – ليس في مصر والشام كما ذكر الكاتب فحسب !! بل هو حالة فعلية موجودة في العراق منذ أمد بعيد ربما لم يلتفت لها الكاتب في أستقرائه وملاحظته ، – قابلية – الخنوع – وقابلية – الذل – وقابلية – الصمت والسكوت – بل تعدى ذلك ليس الى الرضا بكل هذا وليس وحده !! بل تعداه لما هو أكبر وأعظم صورة من صور التذليل بهذا الشعب والأستهانة به وليس القبول والرضا بحكم العبيد والأرقاء !! تعداه : بأن صمت ورضي أن يحكمه الأجنبي الكافر (3) يديره كيف يشاء ، فهل يوجد أمتثال عربي أجمل من هذا الأمتثال عند الشعوب العربية والأسلامية الأخرى ؟ لا أظن ! ، نفس الصور القديمة لهذا الأستبداد وأكثر – الأستبداد القهري – أن وصل الأمر الى يكون هذا الأستبداد : – مبرر وشرعي – أكثر منه – أستبدادي فردي قهري – قد رضي به الشعب ، مع هذه المواقف والظواهر الممهدة للأستبداد بالتمكين ، بهذه الحيثيات لم يعد هناك مكان أو قيمة للأحرار في أن يسلكوا الطرق والسبل الحركية والعمل الجهادي في الساحة الوطنية طالما كانت هناك ظواهر دينية وثقافية تصنع المبررات الشرعية لهذا الأستبداد ونيابة عن الحكومات المستبدة لتقدمها للمجتمع على أنها الحلول والبدائل .

(1) نبيل هلال : الأستبداد ودوره في أنحطاط المسلمين ص 7
(2) ص 8 نفس المصدر
(3) بول بريمر الحاكم المدني للعراق عام 2003