يعاني الإنسان العراقي الذي لديه إختصاص علمي ولم يجد له فرصة للعمل في داخل العراق ، فيضطر للهجرة الى الدول التي تبحث عن كفاءات علمية .
ومن ابرز وأهم معاناة الإنسان العراقي عند هجرته هو وجود هوة تفصل بين ثقافتين وتجربتين متناقضتين بالمفهوم الإنساني الواسع.
ففي الوقت الذي يعترف المهاجر العراقي بان الغرب لديه من المقومات العملاقة صناعياً وتكنلوجياً في كل مجالات الفكر والإبداع ، سيما في عصر تكنلوجيا المعلومات التي تسير وتوجه وتوظف وفق المصالح الاستراتيجية للغرب ، نجد عدم التكافؤ الذي يواجهه المهاجر العراقي في بداية اغترابه وهو الهارب من منغصات حياته وتعثر بناء وتطور مجتمعه .
من الطبيعي أو من الصعب أن يعترف المجتمع المُستَقبِل ل ( المهاجر ) بهويته وخصوصياته . فكل هذه المعاناة وغيرها ، تولد أعباء نفسية واجتماعية تضاف الى تراكمات الاغتراب الحقيقية .
ان من اهم دوافع لجوء العراقي الى الهجرة هو الاحساس العميق بعجزه عن تغيير واقعه الشخصي ، فضلاً عن الشعور بالاغتراب والنفي الداخلي .
ان ما يجعل الشخص الحاصل على تخصص علمي ، يكون مجبراً على الإغتراب كونه أصبح عاجزاً تماماً عن تحقيق طموحاته في داخل العراق ، فضلاً عن حبس هذه القدرات وهذه الطاقات ولعل سببها الرئيس هو سيطرة المؤسسات السياسية والأقتصادية والأجتماعية التي عادة ما تستخدم مثل هذه الطاقات فقط لمصالحها الخاصة .
من هنا يتولد لديه ، شعور بانه لا يعمل من أجل نفسه ولا من اجل مجتمعه ، وبأنه يعيش على هامش فعاليات الحياة اليومية . ومن الطبيعي ان هذا كله يأتي على حساب الوطن والإنسان أولاً وأخيراً ، وبتعبير آخر يعيش مسلوب الإرادة التي تعيقه في رسم مسار حياته وفي لعب الدور الإيجابي الذي كان في مخيلته من طموحات مشروعه .