نحن لا نتحدّث عن الحرائق المفتعلة شبه اليومية ، للتغطية على التزوير والفساد ولأتلاف وثائق الصفقات المشبوهة والتي تشهدها مؤسسات الدولة ، والتي من المفترض ان تكون خاضعة لأعلى معايير الأمان ومكافحة الحرائق ، يكفي استخدام قداحة لأرتكاب تلك الجرائم ، ورمي التهمة على الكهرباء التي لا لسان لها ، مع عدم توفر خبراء تحقيق في اسباب الحرائق ، كما حصل مع جريمة احتراق صالة الأطفال الخُدّج في مستشفى اليرموك ، والتي انهت الجدل بشأن هذه الجريمة بتعليقها على شماعة (فعل فاعل) ! ولا أدري كيف تُركت هذه الصالة الحيوية دون مراقبة ، ودون منظومة أوتوماتيكية لأطفاء الحرائق لهذه المستشفى التي تعتبر من أعرق مستشفيات بغداد ، بل نتحدث عن اساليب منع هذه الحرائق في المنازل وكيفية التعامل السليم مع هذه الطاقة التي من المفترض أن تحول حياة الأنسان الى نعيم ، لا جحيم !.
لقد تشوهت مناظر منازلنا بكثرة الأسلاك الداخلة اليها ، بسبب استعمالنا لعدة بدائل لهذه الطاقة ، وبسبب قصور وعدم أهلية الدولة ، من تجهيز المواطن بطاقة مستقرة ومستمرة في آن واحد ، هكذا غزت الأسلاك الكثيرة الأعمدة ، بشكل يشبه خيوط العنكبوت ، وكأنها تحاكي أهمال الدولة لمواطنيها !.
علينا أن لا نتوقع ، ان الكهرباء (متسامحة) مع اليد غير الخبيرة التي تتعامل معها ، بل أعرف اناسا يفحصها بلمسها بدلا من (درنفيس الفحص) ، للتأكد من وجود الطاقة ، دون علمه انها قد ترسله الى العالم الآخر بسهولة وبطرفة عين !.
فيما يلي بعض اسباب حدوث الحرائق وقاكم الله شرها في المنزل :
1.استخدام اسلاك بمساحة مقطع أقل من القدرة التصميمية للتيار ، فتجهيز (السبلت) أو المكيف (2طن) يجب أن يكون بسلك لا يقل مقطعه عن 2.5 – 4ملم ² والا فيؤدي ذلك الى سلسلة عمليات تؤدي حتما الى الحريق ، فأولا يسخن معدن السلك ويتحول الى اللون الأسود وهو أوكسيد النحاس الذي يزيد من مقاومة السلك ، وكلما زادت المقاومة ، زاد ارتفاع درجة الحرارة ويسلك في هذه الحالة سلوك (الهيتر) ، يؤدي ذلك الى انصهار العازل وتعرية السلك ، فتزداد خطورته ، وعند الأستمرار يشتعل العازل بلهب ثم يسيل ساقطا من السلك ومعه كتل من النار ، الى حيث المواد القابلة للأشتعال كقطع الأثاث .
2.تعتبر عملية توصيل الأسلاك مع بعضها ، أو توصيلها في صندوق توزيع القدرة الرئيسي ، من العوامل الحاسمة في احداث الحرائق ، خصوصا للتيارات العالية ، فالتوصيل (بالباز بار Bus Bar) ، او بقواطع الدورة (السراكت) ، أو الكونتاكتورات (Contactors) ، أو موزع التيار (جينج أوفر Change over) والتي تتطلب (براغي) ، يجب أن تكون محكمة الشد جدا ، ومن الأفضل تعبئة جزء السلك العاري في مناطق هذه (البراغي) في (سليفات Sleeves) خاصة مع أداة (قَرصْ) خاصة وأقحامها داخل مواقع براغي التوصيل ، ولا ننسى شرط مقدار غلظ هذه الأسلاك ، فعند حدوث رخاوة في هذه النقاط ، تتحول الى ما يسمى (مبدأ القوس الكهربائي Electric Arc) ، وهو عينه الذي يحدث في طرف كاوية ماكنة لحام الحديد (الولدنك Welding) ، ولكم أن تتصوروا ماذا سيحدث بعدها ! ، كذلك ينبغي عدم الأكتفاء بتوصيل الأسلاك ببرمها ولفها بالعازل (تيب) ، فمن الأفضل استخدام اما (السليفات) أو (الكونيكتورConnector) ، كذلك ينبغي توفير تهوية ملائمة لصناديق التوزيع تلك .
3.كثرة الطارئين على هذه المهنة الخطرة ، وبُعدهم عن الأحترافية ، وجهلهم للكثير من مبادئ هذا العلم الواسع ، فالكثير منهم يعتقد ، ان أدوات التعامل مع الكهرباء لا يتعدى البلايس والتيب ، وشيء من المجازفة !.
4.البعد عن التعاطي القياسي وحتى المهني للتعامل مع الأعطال في شبكات توزيع الأحياء السكنية من قبل دائرة الكهرباء !، واللجوء بأستمرار الى الحلول الترقيعية ، والبعد عن صيانة اسلاك المحولات ، وترقيع المقطّع منها بأسلوب الهواة !، وعدم معالجة (التهدل Sagging) وبشكل يجعلها تتماس مع بعضها عند اي نسمة هواء ، أو حتى عندما تحط عليها حمامة ، وغالبا ما ينتهي هذا التماس بسقوط الأسلاك الحية على الأرض ، وهذا خطر شديد .
5.عند تأسيس كهرباء منزل ، يجب اضافة سلك ثالث وتوزيعه على مآخذ القدرة للمنزل (سويج بلك) ، ذلك هو السلك الأرضي (Earth) والذي يُرمز له بالرمز (E) ، والذي يختلف كليا عن السلك البارد او المتعادل (Neutral) والذي يُرمز له بالرمز (N) وهذا السلك غير أمين اطلاقا بلمسه ، فمقابس الاجهزة (البلكات) عادة ما تكون ثلاثية الأقطاب ( L,N,E) ، حيث يُربط كل سلك بمكانه الصحيح في براغي هذه المآخذ ، وهي لم تُصنع عبثا ، خصوصا الأجهزة ذات الهياكل المعدنية وبالذات التي تتعاطى مع الماء ، كالمبردات والثلاجات والسخانات والأفران ، لأن القطب الأوسط في المقبس (البلك) هو سلك أرضي يقوم بربط بدن الجهاز اليه ، وبالتالي تفريغ الشحنة التي عادة ما تكون قاتلة الى الأرض ، بدلا من تفريغها في جسد بشري لا سمح الله ، ويجب توصيل السلك الأرضي هذا الى قضيب نحاسي بقطر 10 الى 12 ملم ، وبطول 120 سم ، يُدفن في ارض رطبة ، يُحاط بالفحم كي لا يتآكل ، ثم يوضع الملح خارج دائرة الفحم هذه لزيادة التوصيل بالأرض، وتوضع هذه المنظومة عادة والتي هي مُنقذة للحياة بالقرب من صندوق التوزيع الرئيسي للمنزل (الميزانية) .
6.يجب اقتناء المآخذ بنوعيها 13A و 15A من النوعية الجيدة ، وكلما كان الجهد المبذول في اقحام (البلك) اليها أكبر ، كان هذا افضل ، للتأكد من جودة التوصيل ، كما يجب فحصها دوريا بتحسس الحرارة على الاسطح البلاستيكية لهذه (البلكات) ، وعند الشعور بحرارة عالية ، أو تغير لون (البلك) ، يجب تغيير كليهما ، فالحرارة عادة ما يكون سببها تراخي مستقبلات (البلك) في المأخذ ، وليس القابس (البلك) .
7.من الأفضل تأسيس منظومة تحسس الحريق في المنازل الحديثة ، تحتوي على حساسات للدخان والحرارة توزع على أرجاء المنزل ، ويمكن ربطها بمنظومة الجهاز المركزي في المنزل للأتصال بالهواتف النقالة تلقائيا أو الأتصال مباشرة بجهات مكافحة الحريق ، بالأضافة الى اصدارها لأصوات التحذير ،وهذه الأجهزة متوفرة في الأسواق .
أما في المنازل القديمة ، فيمكن استخدام حساسات كهربائية أو دخانية مستقلة ومجهزة ببطاريات ، تُنصب على السقوف ، فتُصدر اصواتا منبهة .
8.أفتقار المنزل العراقي لثقافة اقتناء (طفايات الحريق Fire Extinguisher) ، وبالذات من النوع الغباري (بودرة Powder) ، أو (ثاني أوكسيد الكاربون Co2) الغازية ، وتوضع في أماكن يسهل الوصول اليها ، وعدم استخدام الماء مطلقا لأنه يوصل التيار الكهربائي ، وأضعف الأيمان ، استخدام التراب ، أم الرمل الجاف .
9.استخدام الأنابيبب البلاستيكية أو المعدنية ذات القطر المناسب (conduit) ، ودفنها داخل اجدران لمد أسلاك التأسيس داخلها ، وبذلك نستطيع استبدال الأسلاك التالفة فيها بسحبها ، ووضع خرائط خاصة بمواقعها داخل الجدران أو الأحتفاظ بأرشيف لتصويرها ، حتى لا نتسبب بأختراقها بمسامير التعليق الخاصة بالستائر والديكورات والصور ، وفي ذلك خطر كبير .
10.هنالك جهاز الكتروني يُباع في الأسواق اسمه (Earth Leakage) ، يمر به السلكان (الحار والبارد) ، ويقوم بمقارنة كمية التيار في هذين السلكين بأعتبار ان التيار الداخل للحمل (السلك الحار) ، هو نفسه الخارج منه (السلك البارد) ، ومتى ماكان التيار في السلك الحار أكبر مما هو في السلك البارد بمقدار يزيد عن 30mA ، وهوالتيار الكافي لقتل الأنسان صعقا بالكهرباء ، وهذا يعني تسرب لهذا التيار الى الأرض ،او الجسم البشري على حساب السلك البارد ، تقوم الدائرة المذكورة بقطع التيار الكهربائي عن المصدر .
هل تعرفون ان هذه المنظزمة والتي كانت ميكانيكية ، كانت تُفرض على المنازل ، وتُفحص دوريا من قبل محصل جباية الكهرباء في ستينيات القرن الماضي ؟! ، لكنها اختفت في عصر الأنترنيت ؟! ، وحتى لو رُبطت في المنازل ، فانها تقوم بالفصل المتكرر بسبب حدوث تسرب (ليك Leak) ، وهذا حتما يحدث بسبب رداءة نوعية الأحمال ، خصوصا استخدامنا للمبردات ، وبدلا من معالجة هذا التسرب ، يقوم المواطن بالغاء هذه المنظومة !.
وصايا خاصة عن نوعيات اسلاك السحب من المولدات :
من الصعب تحديد حجم السلك (مساحة مقطعه الذي يقاس بالملم ²) المتناسب مع مقدار التيار المنقول ، لأن ذلك يخضع لعدة عوامل :
1.طول السلك ، الذي يتناسب طرديا تبع مقدار هبوط (ضياع) الفولتية الواصلة للمنزل .
2.نوع المعدن (نحاس او ألمنيوم) ، فالنحاس أكثر ايصالية من الالمنيوم بشكل يصل للضعف ، وأعلى درجة انصهار منه ،مع العلم وجود اسلاك مغشوشة مصنوعة من الألنيوم ولكن بطلاء نحاسي رقيق جدا ، تبدو عند قشطها وكأنها نحاس ، لكن من الممكن تبينها من خلال خفة الوزن ، والأخطر عدم تحملها للمطر والرطوبة ، فنراها بعد مدة وقد تحول السلك الى مسحوق ابيض من أوكسيد الألمنيوم !.
3.مقدار درجة الحرارة ، والتي تتناسب بدورها طرديا مع مقاومة السلك (تضعف ايصالية السلك).
ولكن يمكن تلافي هذه النقاط بأقتناء الأسلاك الغليظة النحاسية (وحسب البعد عن المولدة) ، على ان تكون مجدولة (Stranded) ، وليست صلدة (Solid core) ، لكونها لا تتحمل الاجهادات الميكانيكية والتأرجح، أنصح بأستخدام اسلاك بقطر لا يقل عن 1.5 ملم² ، عند تيار لغاية 5A ، او 4 ملم² عند تيار لغاية 10A ، وهكذا .
وهنالك شرط اساسي من ان العازل اذ يجب ان يكون من نوعية جيدة ، فقسم من هذه العوازل تتقشط وتتقطع بسبب تعرضها الطويل لأشعة الشمس ، مع مراعاة وضع عازل متين عند كل عمود يمر به السلك ، كي لا يمتص معدن العمود الطاقة بسبب كونه أرضي مثالي ، مع خطر تكهرب العمود .
وعند التعامل مع الكهرباء ، يجب ارتداء أحذية مطاطية ذات نعل سميك بدلا من الجلدية ، وعدم الوقوف على ارض رطبة ، وكذلك ارتداء الكفوف (الأسبست) القماشية السميكة والتي تُستخدم في اللحام ، بدلا من المطاطية ، نظرا لأمكانية تعرضها للثقب لكون الاسلاك مدببة ، ونظارات وقاية ان أمكن ، وأن لا يخلو جيب (الكهربائي) من مفك (درنفيس الفحص) اطلاقا .
أدامكم الله ، وأبعد عنكم الحوادث .