منذ أكثر من أسبوعين وأسعار صرف الدينار العراقي ترتفع مقابل أسعار صرف الدولار الأمريكي ، حيث إن سعر ال100 دولار حاليا في مكاتب الصيرفة تعادل حاليا 122 ألف دينار بعد أن كانت الأسعار 125 ألف دينار أو أكثر من ذلك بقليل أو كثير ، وهو موضوع يثير العديد من التساؤلات لدى المواطنين حول أسباب ذلك وهل إن الارتفاع حالة مؤقتة أم إنها ستزول بعد أيام ، ورغم ما يعتقده البعض بان الأسعار الحالية لصرف الدينار مرتفعة إلا إن الأمر ليس كذلك والسبب إن البنك المركزي العراقي قد حدد 1190 دينار لكل دولار كسعر بيع للمبالغ المحولة لحسابات المصارف في الخارج ، بمعنى إن الأسواق الأسعار في الأسواق ( السوداء ) بعيدة عن أسعار الصرف الرسمية (1190 ) دينار فهناك فروقات واضحة مقدارها 3000 دينار لكل 100 دولار بين السعر الرسمي في البنك المركزي وأسعار الصرف في شركات الصيرفة ، اخذين بنظر الاعتبار إن هناك عدة أسعار خارج المركزي ومنها أسعار شركات الصيرفة وأسعار مكاتب الصيرفة وأسعار الصرافين التي تمتد لتشمل ابسط المتعاملين بالسلع والخدمات ، وهذه الفروقات لا يستهان بها وتعادل ملايين أو مليارات الدنانير يوميا لان نزيف بيع الدولار لم يتوقف يوما ، فقد بلغت مبيعات الاثنين ( 25 شباط الحالي ) لقطع يوم الثلاثاء ( 26 شباط ) في ( مزاد ) البنك المركزي مبلغا يزيد عن 192 مليون دولار .
ويعتقد البعض إن زيادة أسعار الصرف في السوق السوداء للدولار تعود إلى أسباب عديدة ، أولها ما يشهده الدولار من انخفاض أسعاره في الأسواق العالمية مقابل الذهب وثانيها تمتع الصين بالعطلة الرسمية السنوية التي تمتد لأكثر من عشرة أيام وما يترتب عنها من إيقاف إصدار الحوالات والاعتمادات المستندية لان العطلة تعم في جميع مرافق الحياة ، وثالثها قيام البنك المركزي العراقي بزيادة مبيعاته لتغطية بعض الالتزامات الحكومية باعتباره صراف للحكومة من الدولار إلى الدينار ويتولى إقراض الحكومة بحوالات الخزينة لمعالجة بعض الاختناقات ، كما إن هناك من يعتقد بان زيادة مبيعات النفط الخام وارتفاع أسعاره قد ساعدت في ارتفاع إيرادات الدولار ، فيقوم المركزي بتحويلها إلى الدينار بدليل زيادة المبيعات اليومية عبر نافذة البيع ، أما متبني الرأي المتعلق بنظرية المؤامرة فيذهبون إلى ابعد من ذلك بكثير فيروجون بان ما يجري هي عملية يتم من خلالها سحب الدولار من اصطحاب حسابات الدولار البسيطة ، لان الأسعار المنخفضة للدولار تخيفهم مما يجعلهم يبيعون ما عندهم من دولارات وتحويلها إلى الدينار ، ثم يقوم ( تماسيح ) الدولار بإعادة ضخ الدولار للأسواق بأسعار مرتفعة في الأيام القادمة ، سيما وان هناك طلب عالي متوقع على الدولار مع قرب الانتخابات إذ إن هناك حاجة لتغطية نفقات الانتخابات من الدعاية والهدايا وغيرها من الالتزامات .
وفي الوقت الذي نعرض مثل هذه الأمور فإننا لا نتبنى أي منها ولكننا نتمنى أن تتمتع الدوائر المختصة في البنك المركزي العراقي بالدرجات المطلوبة من الشفافية ، من خلال إصدار بيان تفصيلي أو مقتضب عن هذا الموضوع لإعلام الجمهور عن حقيقة الأمور وجعلهم بمنأى عن الاحتمالات التي يروج لها البعض ، ممن لهم مقاصد بتحقيق منافع شخصية أو أنانية على حساب الآخرين ممن يتعذر عليم الحصول على حاجتهم من الدولار من خلال المنافذ الرسمية ونخص بالذكر منهم المرضى والمسافرين والدارسين والمقيمين في الخارج ، ويظهر من خلال ما تقدم بأنه لا يمكن تحديد الأسباب الفعلية لارتفاع الدولار وانخفاض قيمة صرف الدولار استنادا إلى ما هو سائد في الأسواق الموازية ، والتي اغلبها هي عبارة عن أسواق غير رسمية ( سوداء ) كونها لا تلتزم بأسعار الصرف التي حددها البنك المركزي وتوعد باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين ، أما الجواب عن الشطر الثاني من التساؤل المتعلق بمدى بقاء أسعار الصرف على حالها أو ارتفاعها أو انخفاضها خلال المدة القادمة فانه يتعذر الإجابة عن هذا السؤال أيضا لان الجواب يرتبط بالجواب على السؤال المتعلق بأسباب التذبذب بأسعار الصرف التي تشهدها الأسواق هذه الأيام ، ولغرض إيجاد معالجات مناسبة ترقى إلى توجهات الحكومة بخصوص الفساد فان من الضروري اضطلاع البنك المركزي بإحدى واجباته الأساسية بالمحافظة على أسعار الصرف وحماية الجمهور من التذبذب ، وإيجاد أدوات رقابة فاعلة من شانها جعل أسعار الصرف مطابقة لما معلن في المركزي العراقي ، فهذه الفروقات تذهب خارج خزينة الدولة ولا تدخل في حسابات المركزي وهي من أموال الشعب ومن الواجب المحافظة عليها وإدخالها ضمن إيرادات الموازنة لتقليل العجز المالي للموازنة أو لتعزيز الاحتياطيات الوطنية من الأموال ، والمركزي خير العارفين بهذه الأمور باعتباره أعلى سلطة مالية متخصصة ورصينة في العراق وله قانونه الخاص رقم 56 لسنة 2004 ويشرف على قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 ، فضلا عن إسناد العديد من المهام والواجبات منها ما يتعلق بمتابعة ومراقبة غسيل الأموال وضوابط التحويلات الخارجية وجوانب أخرى منحته الاستقلالية بموجب قرارات الحاكم المدني للعراق .