18 ديسمبر، 2024 8:38 م

أساطير الإنقسامات بين الأحلام والتمنيات”

أساطير الإنقسامات بين الأحلام والتمنيات”

يروج البعض الى إنقسامات كبيرة، داخل المجلس الأعلى، بحجة إنفراد السيد عمار الحكيم بالقرار. يتحدثون وكأن المجلس الأعلى، حزب أو تيار علماني أو ليبرالي تشكل حديثاً، يعاني من مشاكل أبرزها، دكتاتورية مصادر قراره، مما قد يؤدي ذلك الى إنقسامه. والبعض الأخر يحاول إثبات نظرية الإنقسام، مستشهداً بالإنقسامات والإختلافات، التي يشهدها حزب الدعوة الإسلامي، علماً إن أوجه التشابه بينهما، لاتتعدى نهاية أسميهما بكلمة الإسلامي.

لاشك إن أوجه الإختلاف كثيرة، ربما أبرزها غياب الزعامة الروحية لحزب الدعوة الأسلامي، والتي ألقت بظلالها على توجهات قياداته، والتي تشوبها الضبابية والتباين، في حالة فريدة تُعرف على إنها (تأسلم مُعولم)، جلعت منها قيادة إسلامية علمانية في الوقت ذاته. على العكس من المجلس الأعلى، المرتبط إرتباطاً وثيقاً بزعامة آل الحكيم الروحية، ومنذ تأسيسه أوائل ثمانينات القرن الماضي. ولست بصدد نفي محاولة بعضهم الإنفصال أو تأكيدها، إنما قرار أحدهم الإنفصال، لايعني تأسيس مجلس أعلى تنظيم الداخل مثلاً، فالزعامة الروحية تُناقش ولايُناقش بها.

أما عن الإنفراد بالقرار، فلم تتبنى المدرسة الحكيمية، ومنذ تصديها للزعامة الدينية أو السياسية، هذا النهج مطلقاً، بل على العكس تماماً، وهذا أحد أهم أسباب نجاحها، والإلتفاف الجماهيري الواسع حولها. إحترامها للأفكار وتعاملها الديمقراطي مع الأراء، وإعطاء مساحة واسعة للحوار والنقاش والتشاور. مع وجود بعض القيادات الأخرى، ترى عدم أحقية الأتباع في النقاش أو الحوار أو إبداء الرأي، ناهيك عن الإهانات التي يتعرضون لها بين الحين والأخر، حتى أصبح مقدار حب الأتباع لها، وإتباعهم نهجها، يتناسب طردياً مع مقدار تقبلهم للإهانات والتنكيل.

النهج الإحترافي الذي تتعامل به المدرسة الحكيمية، ومقدار الثقة التي تمنحها لإتباعها، وما لذلك من أثر معنوي ونفسي، لايمكن وبأي حال من الأحوال أن يتغير. ونحن اليوم في الربع الأول من الألفية الثالثة، فكان حقاً عليها أن تتعامل بالنهج الأخر، أيام كان الجميع يتعامل به.

أكبر دليل على ذلك هو تجمع الأمل، المشروع الحكيمي العماري الخالص. لو كان السيد عمار الحكيم ينفرد بالقرار، ويفرض رؤيته على المجلس الأعلى، لما شكل تجمعاً أخر. هذا مايلخص العمق الكبير في الرؤيا، المؤطر بالنضوج الفكري، أبرز السمات التي

تميز المدرسة الحكيمية. لقائد المجلس الأعلى رؤيا معينة، لايريد فرضها على الجميع، وهو قادر على فرضها لو أراد ذلك، إنما لم ولن يكون هذا الأسلوب وارد، في قاموس تعاملات المدرسة الحكيمية. إحتفظ بقيادة المجلس الأعلى، بالأسلوب الديمقراطي المعهود، وذهب ليؤسس مشروعه الخاص.

فكان ترجمة حقيقية لما تنادي به المرجعية الدينية، بإحتواء كافة أطياف الشعب، وصناعة قيادات شابة كفوءة نزيهة، يجمعها الإنتماء والحس الوطني العالي، تستطيع مواجهة التحديات القادمة، تتعدى مرحلة الإنغلاق، للتجمعات ذات الإثنية المذهبية، والتي لاتُعرف إلا بهويتها الإسلامية