26 مايو، 2024 10:01 م
Search
Close this search box.

أساطير ألأولين …. وفهم ألآخرين

Facebook
Twitter
LinkedIn

براعة وضع الأساطير وتأليفها , هي ليست من اختصاص ألعرب حصرا والمسلمين تعميما
بل هي نتاج شعبي عالمي ترفيهي , ألمراد منه تخفيف وقع (البلاوي) التي تقع يوميا على رؤوسنا ورؤوس اللذين خلفونا والذين من قبلهم , ولا يهم إن كانت الأسطورة قريبة من الواقع أم لا فهي مجرد أسطورة.
وتختلف الأساطير باختلاف الأمم والشعوب فمثلا هناك أسطورة هندية تقول :-
بعد أن خلقت الآلهة  (كالي) الكون كله, قررت أن تخلق لها مجموعة مسلية من المخلوقات , وذات يوم كان خلق الإنسان والحمار والكلب والقرد بيوم واحد وأعطتهم عمرا واحدا وهو (30) ثلاثون عاما لكل منهم , لأنهم مجموعتها المسلية, عمر عادل جدا لكنه لم يعجب البعض
فحدث امتعاض عند ألأطراف المعنية وقرروا الاعتراض عند الالهه  واختلفت أسباب الاعتراض ما بين مؤيد لتحديد الأعمار ومابين معارض لها , وكان حالهم  كحال (سياسيو ألصدفة) أثناء توزيع مناصب (المحاصصة) في العراق مستفيدون دوما لكنهم غير قانعين أبدا.
وعليه قرر المعني أمرهم الأربعة الاعتراض عند آلهتهم , وكانت المقابلة مع آلهتهم حسب ترتيبهم في ألخلق, فكان اعتراضهم كالتالي:-
الحمار:-
أيتها الآلهة المبجلة( كالي )هل يرضيك أن أعيش ثلاثون عاما مابين الأحمال وظلم الإنسان ؟ ثلاثون عاما وظهري يحمل سخافات البشرية كلها وبدون كلمة شكر واحدة من جنس البشر؟ثلاثون عاما وأنا أحمل أثقال الحروب والغزوات , أنه ألظلم بعينه , أنا لا أريد أن أكون مثل ألشعب العراقي  كل من هب ودب يعتلي ظهري ويسومني سؤ المعاملة
أرجوك أيتها الآلهة أن تجعلي عمري اقل من هذا فليس لي طاقة على تحمل ثلاثين عاما من الشقاء.
الآلهة كالي:-
حسنا سنأخذ منك خمسة عشر عاما ونعطيك عمرا مقداره خمسة عشر عاما فقط , اذهب الآن واعمل بما خلقتك لأجله.
وجاء الكلب معترضا هو الآخر وقال:-
أيتها الآلهة (كالي) هل من المعقول أن أعيش ثلاثون عاما بنباح وعض هل هذا بعدل ؟ هل تريديني أن أقوم بحراسة بني البشر ؟ إنها قضية مضحكه , أنا احرسه وهو يسرق نفسه وعياله , ومن ألمؤكد أنك سوف ترسلينني إلى العراق وهذا هو ألشيء المؤلم , فالبشر هناك لايهتم بهم أحدا , أتريدين منهم ألاعتناء بكلب مثلي ؟ أرجوك اجعلي عمري اقل من هذا
الآلهة (كالي):-
إليك ماتريد وسنأخذ منك مثلما أخذنا من صاحبك ونعطيك مثلما أعطيناه
وعندما حان دور القرد , كانت حجته تختلف عن حجة صاحبيه فقال:-
أيتها الإلهة كالي أنا اعرف أن ( لا أحدا يستطيع أن يركب فوق ظهري إلا إذا انحنيت له) , وأنت خلقت الحمار والكلب بظهر محني وجعلتهم مطية لبني البشر , لكنك خلقتني بهيئة مختلفة , فتارة أنا بظهر منحني مهيأ لركوب الأجناس الأخرى ومكان للعبهم , وتارة أخرى أنا أقف منتصب القامة وارغب باعتلاء كل ظهر منحني يمر من أمامي , إن هذا الوضع يؤلمني جدا ويقلقني ويجعل أفعالي متناقضة , وشخصيتي مضطربة وحالي كحال السياسيين في العراق فهم ينحنون أمام القوي كي يعتلي ظهورهم , ويقفون منتصبي القامة وباستعلاء أمام شعبهم وهم يتسابقون للقفز فوق ظهر هذا الشعب , لذا اطلب منك أن تقصري من عمري لاشمئزازي من أن أشبه يوما بأني انتهازي يستغل الأوضاع.
الآلهة (كالي) :-
لك ما تريد وسنأخذ من أجمالي عمرك خمسة عشر عاما ونبقي لك على خمسة عشر عاما فقط
 
وهنا جاء دور الإنسان الكائن المدلل عند الآلهة (كالي)
الإنسان:-
أيتها الآلهة هل يجوز هذا ؟ هل هي عدالة أن يكون عمري ثلاثون عاما فقط؟ هل حسبتها جيدا ماذا سأعمل بها ؟
متى سأتزوج ؟ ومتى ابني بيتا ومتى سأرى أحفادي؟
ثلاثون عاما ؟ أيعقل هذا؟
وانهالت الأسئلة من فم الإنسان ومحور أسئلته هو قصر مدة عمره خلافا لأصاحبه الذين سبقوه.
ثلاثون عاما ؟ غير معقول , أيكفينني هذا ألعمر كي أصبح مسئولا وسياسيا كبيرا في العراق؟ فمدة ألتقلب بين حزب وآخر  , بين علماني وإسلامي ., ومابين ألنفاق والدجل تحتاج إلى خمس سنين , فهذا العمر غير كاف لي أبدا فأرجوك أن تزيدي من عمري.
استجابت الآلهة لرغبة كائنها المدلل وقالت له :-
لك ما تريد , كل العمر الزائد ألذي أخذناه من أصحابك الذين سبقوك سيكون لك . لكن تذكر إن كل عمر منهما له مميزاته فمثلا سوف تعيش ألثلاثين عاما ألأولى وهي عمرك الحقيقي كبشر حقيقي , بعدها سوف يغني مطربكم ( عمر وتعده التلاثين لا يفلان) حينها سوف تتزوج وتدخل في عمر الحمار لأن الأحمال سوف تكون قضيتك ألأولى , فإذا ذهبت للبيت فأنت تحمل بيديك ما اشتريته من السوق تلبية لأوامر زوجتك , وسوف لا تخرج من بيتك إلا وبيديك شيء تحمله , من القمامة إلى الأطفال المرضى والأدوات المنزلية العاطلة , هذا هو عمر الحمار  يا حمار.
بعدها سوف تدخل عمر الكلب بعد ان تحصل على (التقاعد) وسوف تجلس في البيت , تنبح  بصوت مبحوح وأنت تصرخ على هذا وذاك في البيت, وسوف يصيب أهلك الملل من كثرة نباحك الغير مجدي ,هذا هو عمر ألكلب  يا كلب.
وما أن تنهي الخمسة عشر عاما (الكلبية) حتى تدخل عمر (القرد )وستكون أضحوكة للأطفال و مثارا لتندرهم عليك وعلى أفعالك , وسوف لا يبقى معك من حياة القرود سوى عصا تتوكأ عليها تذكرك بأيام مجدك فوق أشجار الغابة ,وهذا هو عمر القرد يا  قرد .
انتهت ألأسطورة الهندية رغم إني أضفت لها (بهارات) عراقية لم استطع أن أعارض أصابعي بإضافتها وسالت نفسي :-
ترى بأي عمر أنا؟
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب