23 ديسمبر، 2024 5:36 م

أسئلة معلقة تزيد التوترات

أسئلة معلقة تزيد التوترات

في المساحة السياسية بين الطموح والواقع في العراق، وما بعد التهدئة والإنفراج ، تبدو الكثير من الأسئلة الكبرى معلقة في حسابات القوى السياسية المشاركة في تحالف إدارة الدولة وحكومة السيد محمد شياع السوداني التي تجاوزت مائة يوم من عمرها، غالبيتها تأتي متزامنة من الجانبين الكوردي والسني اللذان يبديان توجسهما وإنزعاجهما من تأخر الحكومة الجديدة في تلبية مطالبهما المُلحة.

أما الطرف الرئيسي في الحكومة وأعني به شيعة السلطة فيبدو بأنه يمارس ضغوطات سلبية على المواقف السياسية ويمازج بين المشهد السياسي الحالي وتعقيدات سابقة، ويحاول بصورة أو أخرى أن يوفر الغطاء السياسي لكل إجراءات حكومة السوداني وينحاز لها ولأجنداتها المهمة والصعبة. ويحاول أن يستغل الخلافات الداخلية الكوردية – الكوردية والسنية – السنية ليعتبر موقفهما سلبياً ومستغرباً لأسباب مختلفة، لذلك يتغافل عن مطالباتهم ولا يريد قراءة الإحتمالات بصورة واقعية وإدراك ثقل التحديات التي تواجه العراق والعراقيين بصورة عامة. وإن إستوجبت الأحداث إصدار بيانات، فإنه في العادة يصدر بيانات مرتبكة ومتجه نحو المثاليات، وملامحها الحقيقية تثير فضول الرأي العام وتدفع المراقبين للبحث عن تفاصيلها ومحاولة مقارنتها بالغربال الذي يحاول حجب نور الشمس.

جميع قادة الطرف الرئيسي في الحكومة ودون إستثناء، يتصورون أن بإمكانهم لعب دورين في الوقت ذاته، لذلك يحرصون على ترتيب أولوياتهم الداخلية والذاتية والتهرب من المسؤولية وإيهام الآخرين بإمتلاك تصورات معينة ورفض التصعيد، والتشبث بمغازلتهم للكورد والعرب السنة بزيارات وإجتماعات وعبارات وتصريحات ومصطلحات تهدف الى تفريغ شحنة الشك والريبة من ممارساتهم ونشاطاتهم، وجميعهم مشتركون بشكل أو بآخر في إعاقة تنفيذ إتفاقاتهم المبرمة مع الطرفين الآخرين.

أما الأسئلة المعلقة، فإنها لا تأخذ مداها الحقيقي، بعضها تتعطل في منتصف الطريق بسبب الحرص على تصفية الاجواء وتعظيم المصالح المشتركة، أو على خلفية الخشية من التصعيد والمواجهة المحتملة وإتساع دوائر الخلافات وتدهور صورة حكومة السوداني أمام العراقيين وغيرهم وهي بالكاد أكملت شهرها الثالث، وبعضها تصل الى موائد التفاوض، ولكن المناورات المتدافعة تمنعها من الحصول على الإجابات المقنعة.

حتى الان، رغم البيئة السياسية المتقلبة، ربما لم يحن الوقت المناسب لإضافة المزيد من الأزمات من خلال إعلان الكورد والسنة إنهم غير مستعدين للمضي مع الاطار التنسيقي في جموحه السياسي والحكومي لحسابات إستراتيجية تتعلق بتصوراتهما للأزمات العراقية التي تحمل الكثير من الأوجه والتبعات ويحتاج إلى حذر ودقة متناهية وأثمان باهضة، ولكنه غير مستبعد ولا ينبغي أن يكون مفاجأة، وبالذات عندما يجدان نفسيهما إذا ما تصدع تحالف إدارة الدولة تحت ضغط تصادم الإرادات، أمام تصورات وأوضاع جديدة تلقي بظلالها الكثيفة على مستقبل تحالفهم، وأمام إعادة ترتيب أوراق وفرص حلحلة مشكلاتهما بوسائل أخرى بعيدة عن تقديم المزيد من التنازلات.

لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحصل خلال الأسابيع المقبلة، كما أنه لا أحد ينتظر مواجه مسائل بالغة الحساسية ونقاط خلافية بين المشاركين في حكومة السوداني بالأمنيات والخطط البديلة غير المبررة المليئة بالمآخذ. وليس من المنطق السكوت عما يجري من استخفاف بالحقوق والوقوف دون حراك والاكتفاء بمشاهدة الخطر المحدق، وتوجيه إنتقادات واعتراضات لفظية دون إتخاذ خطوات إجرائية منطقية ومقنعة سياسياً وشعبياً ووطنياً.

خلاصة الكلام : كلما طال الإنتظار، كلما أصبح المسار الصحيح لحل الخلافات الجوهرية أكثر عرضة للتصعيد والعرقلة والتراجع عن الإتفاق، وللوصول الى الاستقرار النهائي لا بد من قبول الحقائق.