كثير من الأسئلة يطرحها أبنائنا لا يمكن الإجابة عنها, لا لأننا لا نجيد الإجابة, لكن ربما لأنها فوق مستوى إدراكهم, أو لأنها مما لا نعرف إجابته بدقة, أو تتعلق بأمر محرج من قبيل أن يسألك طفلك الصغير, كيف أتيت أنا لهذه الدنيا؟ ولما أصلا أتيت؟!
لا تختص الأسئلة التي لا يمكن إجابتها بصغارنا, فعقولنا مليئة بأسئلة نحن نعرف إجاباتها, لكننا نحبسها داخل أرواحنا, حياء وحرجا من أنفسنا أن نقولها لأنفسنا.. ولو من باب التفكير بصوت عال!
هل يعرف أحدنا لما نرسل أولادنا إلى المدارس, رغم أننا ندرسهم ونعلمهم في بيوتنا, كل المواد الدراسية, ويكتبون هناك أكثر مما يفعلون في مدراسهم!.. والجواب أننا لا نستطيع تحملهم وشقاوتهم اليوم كله, فنتخلص منهم بطريقة ” شرعية” ترضي ضمائرنا, بحجة إبعادهم عن الشوارع وما فيها, وأنهم يتعلمون.. يتعلمون ماذا؟!
دعونا من التعليم, لماذا نكون مؤدبين وخلوقين وودودين جدا.. عندما نذهب لأي مؤسسة حكومية, للحصول على وثيقة ما, أو قضاء شأن ما, وخصوصا إن كانت مسألة ” المراجعة” عويصة؟.. طبعا الجواب الأغلب سيكون, أننا نريد أن نكون قدوة حسنة لبعض موظفينا “عسى ولعل” أن تتحسن أخلاقهم بالتأثر وحتى لو ” بالحث والتأثير” ويتركوا قاعدة ” راجعنا الأسبوع القادم” ويال سذاجتنا.. تتحسن أخلاقهم! حلم إبليس في الجنة.
هل يظن بعضنا أن مخالفة القانون, ولو بتجاوز إشارة المرور, أو القيادة بشكل أحمق وسخيف, عند عدم وجود رجال المرور أو كاميرات المراقبة ” وأحيانا بوجودهم” راجع لكوننا متخلفين أو حبا بالديمقراطية والحرية؟!.. بالتأكيد أن أكثر من سيفكر بالإجابة, سيقول أننا ” نخاف ولا نستحي”.. لكنه سيفكر فقط ولن يتجرأ ويقولها.
لنكبر القضية قليلا, ونتحدث ” بكلام كبير أوي” فهل يعلم المسؤول أنه عندما يكذب علينا, من قبيل أننا سنصدر الكهرباء, وأن الصيف القادم سيكون معجزة للطاقة الكهربائية, أو يتشدق علينا, نائم بأن الإصلاح قادم لا محالة.. هل يعلم هذا, أننا نعلم أنه يعلم أننا نعلم أنه يكذب علينا؟!.. قد يكون الجواب هنا لا أهمية له, فالمسالة أن هؤلاء المخلوقات ” وأشباههم” إعتادوا الكذب, بل ووصلوا مرحلة إدمان تصديق أنفسهم!
مالنا ولوجع الرأس هذا.. ولما نسأل أصلا؟!
دعونا نعيش بهدوء وسلام ونأكل الخبز.. مالنا وللحرية والكرامة والحقوق والواجبات, ومحاربة الفساد, وأسئلة سخيفة تنغص حياتنا وأجوبتها المزعجة؟
دعونا على غفلاتنا.. فالغفلة جميلة ومليئة بالهدوء والسكينة والشبع.. وتلك الأسئلة تقضي على أحلام يقظتنا اللذيذة, وإلى أن تصل الشمس أرجلنا.. سيحلها الحلُال!