أحصى مركز بيو للأبحاث في العام 2018، 27 دولة في العالم فشلت فيها الديمقراطية، وانّ فكرة سيئة ترسّخت عنها بين الأفراد في دول مثل تونس والأرجنتين ونيجيريا واليونان، وان الفساد السياسي مصدر قلق مشترك لدى الشعوب الأكثر استياءً، مثل لبنان.
وحتى في الدول العريقة الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة، فانّ الانفلات في التعبير، وصل الى أقصاه، ومن ذلك ان الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب، اشاع بأنّ باراك أوباما لم يولد في الولايات المتحدة.
لم تصبح الديمقراطية ضحية الإغراء المغري للاستبداد، فحسب، بل ضحية أنصارها أيضا من اليسار واليمين، وقد أدى ذلك الى صعود الشخصيات الشعبوية مثل فيكتور أوربان في المجر، ودونالد ترامب في الولايات المتحدة، و بوريس جونسون في المملكة المتحدة، بل ان الديمقراطية فسحت المجال لصعود اشخاص لا يحترمونها الى مركز القرار، وهي التي أخطأت من قبل، وارتقت بأدولف هتلر الى قيادة ألمانيا، العام 1933.
يصح القول المعروف (ايتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك)، على الديمقراطية أيضا.
وفي دول عربية، مثل العراق ولبنان، فان أحزابا تمارس الديمقراطية من اجل الوصول الى المناصب، لكنها في بنيتها الداخلية، استبدادية.
وإذا كانت الديمقراطية قد ازاحت الإيديولوجيات الشاملة مثل النازية أو الشيوعية، وفي العراق ازاحت نظام الزعيم الواحد، لكنها فشلت في تحديث الهياكل الداخلية للأحزاب والكيانات.
أحد أسباب اضمحلال الديمقراطيات، عدم تحولها الى ثقافة أمة، ما اتاح للفساد، من الاستفحال، وشجع الأحزاب على التحول الى اقطاعيات على حساب الدولة، كما في بولندا والمجر ورومانيا ولبنان وتونس والعراق.
لقد أفادت التجارب، أن ثوب الديمقراطيات الغريبة سيكون ضيقا على الشعوب العربية التي اعتادت ارتداء العباءة البدوية والعشائرية، وسيظل هذا ديدنها حتى تتغير ثقافتها وآليات التفكير لدى أفرادها.