26 ديسمبر، 2024 12:38 ص

أزمتنا في خمرنا ودواء معدتنا !

أزمتنا في خمرنا ودواء معدتنا !

لم يتبق من أزماتنا غير المشروبات الروحية التي تلاحقها حكومتنا الرشيدة فتشمّر سواعدها بقرارات المنع حتى في الاندية الاجتماعية التي هي جزء من هوية بغداد وتأريخها ، والتي لم تكن يوماً من اسباب ازماتنا المتوالدة بفضل حكمة وايمان الحكومة والبرلمان معاً !

عشت في ليبيا سنتين  ( 1988- 1990) وكانت المشروبات الروحية ممنوعة فيها على الاطلاق بيعاً وشراءً وشرباً ، ومن يقوده حظه العاثر لاحدى المفارز الحكومية متلبساً بالجرم المشهود ، أي محتسياً للخمر ، تطبق بحقه حدود الاسلام بالجلد ، وهو قرار من صلاحية ضابط الشرطة المسؤول ، وكانت حدود الجلد تودي في غالب الاحيان الى موت سيء الحظ هذا !

ولكن هل كانت المشروبات الروحية غائبة أو مختفية ؟

لابالغ اذا جزمت ان انشط تجارة اجتماعية في ليبيا كانت تجارة بيع الخمور التي كانت تأتي تهريبا من تونس وعلى نطاق واسع بمشاركة الكثير من الاجهزة الرسمية المكلفة بتطبيق قرار المنع ومنهم ضباط الشرطة !

ولم يقف الامر عند هذه الحدود بل تعداها الى انتشار عمليات التخمير في البيوت ، وكانت خمور البيوت تباع باكياس نايلون، كما هي اكياس اللبلبي لدى باعته في بغداد والمحافظات الاخرى ، بطرق تشبه بيع الحشيشة والمخدرات !

والأسوأ ان المخدرات كانت منتشرة في ليبيا الى حدود زراعتها على نطاق ضيق في حدائق البيوت بشكل سرّي وتجارتها على نطاق واسع !

والأسوأ ان الشباب الليبي كان مهووسا بالمخدرات وانتشارها كانت ظاهرة من اخطر الظواهر الاجتماعية في ليبيا .

ومن نتائج التجربة الليبية في منع المشروبات الروحية وملاحقة ومعاقبة محتسيها ، ان الخمر بقي متوفراً وتجارة تهريبه وترويجه كانت منتعشة ، فضلاً عن انتشار المخدرات على نطاق واسع ، ومن عاش في ليبيا تلك الفترة ” الايمانية ” يعرف جيداً ما أقول !

ومن طرائف هذا الايمان ،ان عراقيا القي القبض عليه وهو يصنّع الخمر في بيته ، وهي عملية سهلة الى حد ما ، وشاء حظه السعيد ان يقع بين يدي ضابط متعاطف  ومحتسٍ ، واثناء التحقيق سأله الضابط عن ماهية عملية التخمير هذه ، فاجابه العراقي بروحه المرحه وفطنته ، انه دواء خاص لآلام المعدة له ولوالدته ،  فاطلق سراحه على امل ان يزوده بلتر او لترين من هذا الدواء لان والدته ايضا تعاني من آلام في المعدة !!

لن اناقش اضرار مثل هذه القرارات المتعارضة مع حقوق الانسان والمودية الى نتائج سلبية اجتماعيا دون تحقيق الاهداف السخيفة لمثل هذه القرارات ، فقد كتب عنها الكثير ، ولن اناقش ان كان دستورياً  ولن اناقش ان كنّا دولة دينية أم مدنية ، ولن اناقش شعارات الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ..!

سأسأل فقط :

من أي بيئة ومكان ظهر الارهاب ؟  

أحدث المقالات

أحدث المقالات