13 أبريل، 2024 12:38 م
Search
Close this search box.

أزمة هوية

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا زالت علاقة شعوبنا ملتبسة بالكثير من الأفكار والقضايا، ونراها تتصرف بشكل ٍ غير مفهوم دون أن تستطيع الدفاع عن سلوكياتها بإستخدام مبررات ٍ واهية لا تقنع أحداً، مستغلةً حالة الفوضى السائدة في المجتمع والعقول والتي تشتكي منها أيضاً في نفس الوقت..

ومن تلك الأمور العجيبة التي تدفعنا إلى الإستغراب هي علاقتنا بالتاريخ، ففي الوقت الذي تعصف ببلادنا الأزمات على اختلافها من كل حدبٍ وصوب، وفي الوقت الذي يخطط فيه الكثيرون أو يحلمون بالهجرة ومايرافقها من طقوس، وربما ماقد تحمله من خيبات ورفض وصد، لا نزال نراوح مكاننا فلم نتعلم من كل ما مر بنا على امتداد بلادنا ولم نفهم قيمة اختلافاتها الثقافية والعرقية والدينية، ولا زلنا حتى اليوم مع معرفتنا بالويلات التي جرتنا علينا الصراعات المقيتة والخاوية حولها مستمرين في نفس الطريق دون أن يتغير في العقل أو الوجدان شيء، فبرغم صعوبة الأوضاع التي نعيشها على كافة المستويات لا زال هناك من يقسم الآخرين ويجد سبباً للتعالي عليهم من أي قوميةٍ أو ثقافة ٍ أو عرق على اعتبار أنه الأفضل والأرقى والأكثر تحضراً، فتظهر هذه النزعة بين شعوبنا من وقت لآخر بسبب مستجدات ٍ سياسية، أو حتى بين أبناء الوطن الواحد، فترفض بعض الأطراف طائفة أو فئة أو عرقاً ما، وتتعاطى معه على أنه (ضيف أو دخيل) مع أنه لا يختلف عن باقي المواطنين في شيء، ونرى هذه التقسيمات بين عرب وأكراد، أو عرب وأمازيغ أو أي ثقافة أخرى، ونرى أحياناً بعض النكات السخيفة حول فئةٍ ما، وعند التساؤل حول هذه النزعة الفوقية والحديث بغطرسة من قبل البعض يعزو ذلك إلى (التاريخ) وهي الكلمة الفضفاضة التي تشكل معضلة ً كبرى وتبدو كستار يتوارى خلفه الكثير من المفاهيم المغلوطة والملغومة..

فتاريخياً كانت جميع هذه القوميات والثقافات والأعراق مصدراً مهماً من مصادر الثراء والغنى والتنوع وساهمت في نهضة بلادنا ولطالما كانت جزءاً أصيلاً منها، كما تشكل نسبة هامة من الشعب وحاربت كباقي المواطنين وناضلت ضد الإستعمار الغربي لبلادنا وقدموا تضحيات ٍ كبيرة، فما هو الفرق بيننا وبين الأكراد أو الأمازيغ ولماذا نقبل على ثقافات غربية تحت مسمى التطور والتقدم والإنفتاح فيما البعض يمارس الإقصاء تجاههم، مما يدفع الكثيرين منهم إلى ردة فعل تحمل الكثير من النفور من الثقافة العربية لأنها في نظرهم همشتهم وسخرت منهم ومنعتهم من ممارسة طقوسهم وثقافتهم وهويتهم، وبدلاً من أن نستفيد من وجودهم بيننا خلقنا عداوات لا معنى ولا أصل لها فأصبحت الثقافات الغربية في وجهة نظر الكثير منهم أقرب لهم منا، دون أن ننسى نقطة بالغة الأهمية وهي محاولة استقطابهم من قبل الغرب أو من قبل العدو الصهيوني وفتح قنوات حوار معهم لتفتيت بلادنا أكثر وأكثر..

واذا تأملنا (التاريخ) فعلا ً سنجد الكثير من الأسماء البارزة والمؤثرة كردية مثل صلاح الدين الأيوبي والشاعر العراقي معروف الصافي كما أن أمير الشعراء أحمد شوقي من أب شركسي ولكن تذكر بعض المصادر أنه كردي، وشخصيات أمازيغية مثل عباس بن فرناس، ابن بطوطة، ابن رشد، عدا عن العديد من الأسماء البارزة من ثقافات متنوعة غير عربية، وأولى بنا أن نستفيد من ثقافاتهم وارثهم وغناهم قبل التفكير في الإنغماس في هوية لا تمت لنا بأي صلة، وللأسف الشديد يتعالى البعض على أبناء وطنه فيما يرضى بالمذلة في الخارج مع التزام الصمت كلياً في شكل من أشكال الإزدواجية والنفاق والكيل بمكيالين، فمتى نشخص أمراضنا الإجتماعية ونتحدث عن أزمة الهوية التي نعيشها من تمسح بالغرب وشعور بالدونية أمامه فيما نرفض الأشقاء مستخدمين مسميات التاريخ والدين والوطن والحضارة وهي بريئةٌ من ما يرتكب بإسمها ومتى نعرف أننا لن نكون أقوياء إلا ببعضنا ومع بعضنا..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب