23 ديسمبر، 2024 12:58 م

أزمة نهاية الاحتلال

أزمة نهاية الاحتلال

ما ان تنتهي أزمة من الأزمات التي تعصف بالساحة العراقية – وما أكثرها – حتى يفاجأ المواطن البسيط بأخرى تنسيه ما الم به من الأزمة السابقة لتجعله يفكر مليا ليجد حلا يخرجه من حالة اليأس وانعدام الأمل في إمكانية الوصول الى الغد المشرق الذي كان يحلم به منذ ان دخلت قوات الاحتلال الى العراق. وانفتحت الساحة العراقية لكل التيارات التي وجدت في العراق سوقا واسعا لتتاجر ببضاعتها على النحو الذي يروق لمخططي السياسة في الشرق الأوسط وليتواصل مسلسل الاحباطات التي أدمن عليها المواطن العراقي خلال سنوات الاحتلال التسعة مصدقا او محاولا ان يصدق بان هذه الغمة التي حلت بهذه الأمة ستنجلي بانجلاء غبار الاحتلال الذي حلّ بهذا الوطن والتي تعود على أسماعها من أفواه قادته السياسيين ومفكريها حيث كانت الشماعة التي تعذّروا بها لتبرير فشلهم خلال الفترة المنصرمة , فبات ينتظر بفارغ الصبر رحيل هذه القوات ليودع البؤس الذي تفنن المحتلون في تجريعه ونفذ صبر المعانين في تحمله .
وأخيرا بدأت قوات الاحتلال بالجلاء وتنفس العراقيون الصعداء واستعدوا بالاحتفال كما أسموه بـ (يوم الوفاء) فعما قريب سيعم الأمن والأمان وستشهد البلاد التطور في الخدمات والعمران وسينعم الجميع بحرية التفكير وسيترك لهم كيفية التعبير من غير رقيب ولا سجَان .
وكما قيل 🙁 ليس كل ما يتمناه المرء يدركه) فقد أتت ريح الاحتلال بما لا تشتهيه امتنا وتتطلع اليه بل حتى بما لا يشتهيه من جاءوا مع الاحتلال ، فبعد تسع سنوات من التمرس على الديمقراطية وجد السياسيون أنفسهم في تيارات مختلفة فمنهم من ظن انه آن الأوان لتعويض ما أصاب مكونه خلال العهود المنصرمة وان نهاية الاحتلال يجب ان تكلل باستحقاقات توازي المعانات التي تعرضت لها ،وان الإخفاقات في جني المكاسب خلال  فترة الاحتلال يجب ان تعوض باي ثمن كان فباتت تخطط للاحتفاظ بمكاسبها والسعي لاقتناص ما فاتها خاصة وان الفراغ الذي تعمد الأمريكيون في تركه يعطي الجميع الشهية في العمل على الاستحواذ على حقوق الآخرين وفوجئت بان الآخرين قد اعدوا العدة للمطالبة باستحقاقاتهم وفق ما يسمح لهم الدستور وان الدستور الذي أعدوه أمسى وبالا عليهم .
وانطلق فريق ثان للمطالبة بحقوقه التي كان الاحتلال سببا في تهميشه متمنيا ان يكون زوال الاحتلال سببا في زوال التهميش الذي طالما اشتكى منه لكنه فوجئ بان (قانون البقاء للأقوى في الساحة السياسية العراقية) لازال هو الفعال. وان الدستور والديمقراطية هو سلاح فيه من المطاطية ما يمكن ان توجهه كيف ما تشاء ومتى ما تشاء وربما بقاء الاحتلال كان أفضل له من زواله في الوقت الحاضر او لحين إكمال ترتيب الأوراق التي بعثرها الاحتلال.
اما الفريق الثالث ( ونحن التركمان منهم ) الذين لم تكن لهم في اللعبة كلها لا ناقة ولا جمل فينطبق عليهم قوله تعالى في سورة الاعراف (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) فلقد كانت سنوات الاحتلال سنوات عجاف علينا لم نحض فيها سوى استمرار المعانات التي تعودت عليها امتنا في العهود المنصرمة وباتت الديمقراطية والدستور الذي وضعتهما وسلطتهما قوات الاحتلال على رقابنا وسيلة لتمرير ما خططه المتربصون بنا ولم تكن الاذان الصاغية الينا سوى أداة لمعرفة ما نبتغيه فيصار للعمل على هدمه وإجهاضه.
فربما ان الاحتلال العسكري للعراق قد انتهى الذي كنا فيه الأكثر تضررا والأقل استفادة من الآخرين لكن ما تركه هذا الاحتلال نتيجة سوء التدابير والقوانين وتوزيع المراكز والصلاحيات وتقريب البعض وتهميش الآخر الذي تركه في هذا الوطن هو الأخطر علينا من وجوده مما يحتم علينا ان نكون اكثر يقظة وحذرا في الأيام المقبلة ، وان نعد العدة لمواجهة كل المفاجآت التي تنتظرنا .
[email protected]