23 ديسمبر، 2024 2:12 ص

أزمة كورونا والعراق خيارات الحياة والفراق

أزمة كورونا والعراق خيارات الحياة والفراق

يوماً بعد آخر ودقيقة بعد أخرى تتسارع الأحداث في المدة الأخيرة في عموم العالم , مع إعلان حالة الطوارئ القصوى في العديد من الدول التي تعيش اليوم في وسط حالة الرعب والهلع من جراء تداعيات فايروس كورونا الذي اجتاح إرجاء المعمورة أجمعها وحصد عشرات الآلاف من الأرواح فضلاً عن مئات الآلاف من الإصابات .
وبتقريب الصورة لتداعياته على العراق , نلاحظ الأمن النسبي والاطمئنان والوعي الكبير لدى عموم العراقيين , وكيف أنهم قد وضعوا جميع امكانياتهم حكومة وشعباً ومرجعيات ومؤسسات عامة وخاصة , على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الوحش الكاسر الخفي , على الرغم من ضعف البنية التحتية للقطاع الصحي نتيجة الفساد المستشري منذ 17 سنة في عموم مؤسسات الدولة , من نقص في المستشفيات والكوادر والأجهزة الطبية المتطورة , مقارنة بالبلدان المتقدمة طبياً , ومنها ايطاليا التي تحتل المركز الأول عالمياً في الجانب الصحي , فضلاً عن اسبانيا وغيرها من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية , إلاّ إنهم مع الأسف رغم تفوقهم الصحي في المستشفيات المتطورة , فقدوا عشرات الآلاف من الناس من ضحايا هذا الفايروس الخطير , إلى الحد الذي وصلت فيه الوفيات والإصابات إلى أرقام خيالية في اليوم الواحد!
وهنا علينا أن ننظر إلى الجانب الآخر غير المرئي من الصورة , حيث يتوجب علينا تعزيز التكامل بين الجانبين الروحي والمادي بالدعاء وطلب العناية الإلهية من جهة , وأن نكون أهلاً للثقة وعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا كلاً بحسب مجال عمله وتخصصه وحدود مسؤوليته الوظيفية والأخلاقية من جهة أخرى , وذلك من خلال الالتزام بجميع الإجراءات الوقائية المحددة من وزارة الصحة وما يدعمها من إجراءات حكومية ضرورية وساندة , وبما يصب في مصلحتنا وللمحافظة على أرواح شعبنا المبتلى على مر السنين والدهور , للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر قدر الإمكان بلطفه تعالى .
ولقد لمسنا بصورة مباشرة ومتابعة ميدانية وملاحظة مشاركة ومباشرة مدى الوعي الكبير لعموم مواطنينا من خلال التزامهم بالإجراءات الوقائية المفروضة , ومنها تغيير أساليب حياتهم وعاداتهم الاجتماعية وممارساتهم الدينية , فضلاً عن التزامهم بإجراءات حظر التجوال للحد من انتشار هذا الفايروس ومحاصرته في أضيق مساحة ممكنة للسيطرة عليه .
وفي وسط هذا الهلع العالمي وانهيار العديد من القيم الأخلاقية في الغرب بوصفها رد فعل على تداعيات هذا الفايروس , فأننا لابد هنا من الإشارة إلى صور مشرقة يتجلى فيها الجانب الإنساني والاجتماعي الكبير لدى العراقيين والغيرة التي يمتلكونها الممزوجة بدمائهم وجيناتهم المتوارثة عبر الأجيال , ومنها مساعدة الأسر المتعففة وذوي الدخل اليومي المحدود , ممّن يكسبون قوت يومهم من أجورهم اليومية المتوقفة على خلفية الإجراءات المفروضة , والأهم من ذلك كله , ينبغي علينا إدراك خطورة هذه الأزمة , وبأننا أمام تحدى كبير ومفصلي مهم , و مفترق طرق في صراعنا بمواجهة هذا الوباء الجائح , وهو أما الانتشار أو الانحسار ( الخيار بين الحياة والفراق ) , ممّا يحتم علينا جميعاً الالتزام بالتعليمات والإجراءات المعلنة كافة , ومساعدة الجهات المعنية والتكاتف والتعاون التام لتجاوز هذه الأزمة بأذنه تعالى .
خليك ببيتك