21 ديسمبر، 2024 7:58 م

أزمة كرسي الرئاسة

أزمة كرسي الرئاسة

لم تعد حكايات الدفاع عن المكوّن والبحث عن مصلحة المذهب تقنع الجمهور في المشهد السياسي العراقي، ذلك إن ما نشهده من صراع داخل المكوّن أصبح يُعطينا إنطباعاً كافياً أن الفاعلين السياسيين يتصرفون بمنطق المصالح التي قوامها الصراع على المنافع والملذات عندما تكون غايتها الأخيرة الوصول إلى كرسي السلطة وهو الهدف المنشود لهم.

على الرغم من إنعقاد ثلاث جلسات للتصويت على رئيس جديد للبرلمان العراقي إلا إن الإخفاق في الإتفاق على مرشّح معين قد تفاقم بسبب الخِلاف المتصاعد بين القوى السنية على مرشّح توافقي لرئاسة البرلمان بديلاً عن رئيسه السابق المقال محمد الحلبوسي، وما زاد في تعقيد الأزمة هو شرط الإطار التنسيقي الذي فاجئ الكتل السنية بعدم عقد جلسة أخرى لإنتخاب الرئيس إلا في حال تقديم مرشّح واحد متفق عليه من جميع الأطراف السنية من أجل عدم تكرار الإخفاق الذي رافق جلسة يوم السبت السني كما سُمي في الثامن عشر من مايو/آيار.

الخِلاف في إختيار المرشحين الحاليين الذي إنحصر بين رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني والنائب سالم العيساوي يبدو أنه سيُعمّق الأزمة في الإختيار خصوصاً وإنَّ المادة 55 من الدستور العراقي والمادة ثالثاً/12 من النظام الداخلي لمجلس النواب زادت من تعقيد الإختيار لكونها إشترطت حصول المرشّح على النصف زائد واحد من أصوات النواب ليصبح رئيساً للمجلس حتى وإن حصل المرشّح على أصوات أعلى من غيره من المرشحين في نتائج الإقتراع إلا أنه ما لم يجتّز حاجز ال “5 + 1” لا يُعد فائزاً.

من جانبها تتهم بعض الأطراف السنية الرئيس بالإنابة محسن المندلاوي بالمماطلة والسعي في البقاء بمنصب الرئاسة حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية رغم رفض ذلك السعي من بعض الأطراف السياسية السنية وحتى الشيعية التي إنقسمت بين مؤيد لمحمود المشهداني وفريق داعم لسالم العيساوي الذي يُعتقد أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من ضمن المؤيدين له بعكس نوري المالكي المدافع عن صديقه المشهداني.

ثلاث جلسات لإختيار الرئيس حصل العيساوي على 158 صوتاً مقابل 137 صوتاً للمشهداني الذي يحضى بدعم رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

أكثر من 90 نائباً في البرلمان ستغيب أصواتهم عن التصويت بسبب سفرهم لأداء مناسك الحج، مما قد يؤجل عملية الترشيح إلى الفصل التشريعي الثاني في بداية يوليو أو قد يتأخر إلى إشعار آخر.

على الرغم من إتفاق جميع الكتل السياسية بعدم بقاء منصب الرئاسة شاغراً إلى نهاية الدورة البرلمانية على إعتبار أنه إستحقاق للمكوّن السني وشغوره قد يخل بالتوازنات والإستحقاقات، إلا إن محصلة إختيار الرئيس يجب أن تحصل على توافق سياسي وإتفاق على تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب في حال الإتفاق على مرشّح تسوية واحد بديلاً عن المرشحين الحاليين وهو ما يجري النقاش في تفاصيله في أروقة ودهاليز المنطقة الخضراء وقد يتأخر ذلك الإتفاق أو تتعقد الأزمة لحين تدخل أطراف دولية وإقليمية في حسم الأزمة وذلك هو حال الواقع السياسي في العراق.