23 ديسمبر، 2024 6:23 ص

أزمة الثقافة بين الأمة والكاتب

أزمة الثقافة بين الأمة والكاتب

سياحة فكرية وأدبية كرستها الجلسة الشهرية لمجلس الدكتورة امال كاشف الغطاء، اذ تخللت الأمسية  الحديث عن الشعر والادب حيث جاءت بعنوان ( أزمة الثقافة بين الأمة والكاتب). الشعر لذي يعد ديوان العرب وفيه المآثر والتناقضات وموقف البعض من الشعراء الذين يرون ان الاخلاق والقيم هي غذاء الضمائر الحية .. تموت الضمائر بانقطاعها عنها وهناك الضمير بوصلة الإنسان لإنسانيته حيث كلما كانت بوصلة الإنسان تعمل بصورة صحيحة تراه يرتقي  بالعلم والفن  والأدب وتتقدم الشعوب وتزدهر الأمم  ، وهذا ديدن الشعراء والعلماء  والفنانين الاصلاء الذين يرفضون طمس الحقيقة وتحريف التاريخ من اجل الشهرة والمال .  الدكتورة أمال كاشف الغطاء قالت في مستهل حديثها أن الثقافة تتعرض إلى هزات ووجهات نضر مختلفة ومتعددة خصوصا أن السلطة لها دور مباشر كما تتأثر الأمة لهذا الأمر ويكون الكاتب هو الضحية ، كما يتصف عالمنا بالثنائيات من خلال الصورة والمضمون ، والمظهر والواقع ، وهناك الجمال والقبح ، اما بالنسبة الى الأدب فهناك الصورة والمضمون ، وهناك من يفضل واحده على الأخرى ومنهم من يبحث عن الصورة والمضمون ، وبعد الحرب العالمية الاولى اذ اكتشف ان الفن يجب ان يدخل الى عالم القبح ، حيث الزم الفنان كيوه يرسم لوحة إعدام الطغاة وارسام بيكاسو، وقد تخلو عن رسم البهاء والجمال والمناظر الجميلة واهتموا بترسيخ ثقافة العنف ، وظهرت المدرسة الدادائية وهي مجموعة فنانين اجتمعوا في باريس ، اذ تم تجميع النفايات في صندوق للقمامة وأصبحت على شكل لوحة وقالوا ماهو مضمون هذه اللوحة ، وقد تفرعت من هذه المدرسة العديد من المدارس للرسم ، كما ظهر في الأدب أيضا الرمزية ومدارس متعددة بعد ان كان الأدب يدور في محور واحد ، وهو أدب الملوك في الرومانسية وأصبح مدارس متعددة ونزل الى عالم الواقع ووصف حال الناس البسطاء الذين يعيشون المعاناة ثم فيكتور هيجوا، اذ رسخوا صور المعاناة والحرمان والانتصار للفقراء ، بينما يختلف أدب شكسبير وهو كان قد تناول بعض أدب القادة والزعماء والرؤساء، فنشاط الزعماء الدينيين والعلماء السياسيين والمكتشفين والفلاسفة أو المخترعين غالبا ما تؤثر في تطورات الحياة البشرية في مختلف المجالات.  وكما أسلفنا هناك من يفضل المضمون على الصورة ، والصورة على المضمون وهناك نفس الشئ في الشعر ، كما جاء بمثال شعر البحتري وهو يفضل الصورة على المضمون ، ونرى ان المتنبي يهتم بالصورة والمضمون، كقوله في هذه القصيدة  ليالي  بعد    الظاعنين    شكول   ***   طوال    وليل    العاشقين    طويل يبن  لي  البدر   الذي   لا   أريده   ***   ويخفين   بدرا   ما    إليه    سبيل           وما عشت  من  بعد  الأحبة  سلوة   ***   ولكنني    للنائبات     حمول  وإن  رحيلا   واحدا   حال    بيننا   ***   وفي الموت من  بعد  الرحيل  رحيل  إذا  كان  شم  الروح  أدنى   إليكم   ***   فلا    برحتني    روضة     وقبول ، وهذا هو قمة الجمال والشعر والأدب ، كما يطل علينا المعري بشعره الجميل وهو ينشد قائلا :  ألا في سبيل المجد مـا انـا فاعـل : .. عـفــاف وإقـــدام وحـــزم ونـائــل
 
أعنـدي وقـد مـارسـت كــل خفـيّـة .. يـصـدّق واش أو يخـيـب سـائـل ؟
أقـل صــدودي أنــي لــك مبـغـض .. وأيسـر هجـري أنـي عنـك راحــل
إذا هـبـت النكـبـاء بيـنـي وبيـنـكـم .. فـأهـون شــئ مـاتـقـول الـعــواذل  . وهناك مضمون دون وجود للصورة ، مثل شعر  ابو العتاهية اذ يقول :  أتته الخلافة منقادةً إليه تجرر أذيالها فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لهاوهذا النسج المحكم للألفاظ والتلاعب بالكلمات وترتيبها ، وهو يخلو من التناسق والقوة المعبرة . وتطرقت إلى طبيعة الأمويون وترفهم وعلوهم وبطشهم لبعض القبائل، وقالت نحن نرفض تلك العوامل التي تسئ إلى الأخر وترسخ مفاهيم الكراهية والعنف وان أعمال الجرائم  تبقى كما هي ، وهناك شاعر أخر وهو جرير ومن الذي يجاري الشاعر جرير وهو ينشد :  بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ مابَانَا، و قطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
  لَـو تَـعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا أَو تَـسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
  – كَـصاحِبِ الـمَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ يَـدعو إِلـى الـلَهِ إِسراراً وَإِعلانا
  – يـا لَـيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ أَو سـاقِياً فَـسَقاهُ الـيَومَ سُلوانا
  – مـا كُـنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ هـاجَت لَـهُ غَـدَواتُ البَينِ أَحزانا
  – لَـقَد كَـتَمتُ الـهَوى حَتّى تَهَيَّمَني لا أَسـتَطيعُ لِـهَذا الـحُبُّ كِتمانا
  – لا بـارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت أَسـبابُ دُنـياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
  – كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم مِـنّا قَـريبٌ وَلا مَـبداكِ مَـبدانا
  – أَبُـدِّلَ الـلَيلُ لا تَـسري كَواكِبُهُ أَم طـالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
 – إِنَّ الـعُيونَ الَّـتي فـي طَرفِها حَوَرٌ قَـتَلنَنا ثُـمَّ لَـم يُـحيِينَ قَـتلانا
  – يَـصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ وَهُـنَّ أَضـعَفُ خَـلقِ اللَهِ أَركانا
  – يـا حَـبَّذا جَـبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ وَحَـبَّذا سـاكِنُ الـرَيّانِ مَن كانا
  – وَحَـبَّـذا نَـفَحاتٌ مِـن يَـمانِيَةٍ تَـأتيكَ مِـن قِـبَلِ الـرَيّانِ أَحيانا
  – أَزمـانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي وَكُـنَّ يَـهوَينَني إِذ كُـنتُ شَيطانا
أما الشاعر مروان ابن أبي حفص وهو شاعر جميل ولكن ليس بقوة جرير والأخطل وهناك العديد من الشعراء والكتاب دفعوا الثمن غاليا بسبب موقفهم من السلطة والحاكم والوقوف مع المبادئ والقيم ، ولم نستطيع  الحديث عن عمل ومنجز الشاعر محمد صالح بحر العلوم ، ونتمنى التفاته من الدولة الى الفنانين والأدباء ولا يمكن للدولة ان تترك مثقفيها وتتقدم  بشتى المجالات على الرغم من أهمية بقية العلوم والاختصاصات الأخرى ونرى كيف اثر اودانيس والياب في الادب العالمي والفنون والمسرح والتاريخ لا يمكن ان يكونا مهمشين ومعزولين عن بناء ونمو المجتمع ، وكثير من القصص والراويات وملاحم ومآثر الخالدين انبنت عليها حقوق الإنسان ولا يمكن أن نبقى   نتغنى في الماضي إلى غير رجعه
الباحث والمؤرخ قال في مداخلته استمعنا إلى محاضرة قيمة وفيها كثير من الشواهد والعبر من خلال استعراض أنواع الشعر وخصوصا شعراء العهود الماضية ، ولكن لم تتطرق الى شعراء القرن التاسع عشر ومنهم ألجواهري ومحمد بحر العلوم والأخطل الصغير اخذوا مكانا عاليا جدا في شعرهم ، وفي موقفهم في الصراعات السياسية ولغتهم العالية .
الدكتورة أيسن كمال قالت من خلال تدريسنا للطلبة في الجامعة  وإيصال الرسالة وهناك محاولة لتمثيل الدور في شتى الأدوار لغرض تحفيز الطلبة في عملهم المستقبلي ومساعدة المرضى وحل مشاكلهم ، وأشارت إلى محاربة الفن والفنون المسرحية وهي التي تعد غذاء الفكر والروح وتعطي طاقة للعقل ودافع قوي للدفاع عن حقوق الشعب ،
وداع عبد علي  الباحث في الأنساب  والموروث لشعبي  قال يختلف الشعر الشعبي عن القريض وهناك العديد من القصص والراويات التي تحدثنا عنها في بعض المجالس الثقافية وفيها مزيدا من العبر والمعرفة والوفاء وخاصة فيما يتعلق بالحب وكرامة العيش والتضحية ، وهذه القصة حقيقية نرويها لكم قال انها حصلت في ناحية المشخاب  وهناك من يقول في الناصرية والعمارة ، نستهلها بهذه الابيات الشعرية :  اهنا يمن چنه اوچنت جينه اوگفنه أبابك
ولف الزغر ماينسه اشمالك نسيت احبابك.
 
ان لهذه القصيدة قصة ربما لا يعرفها الكثير أود طرحها لكم:
في محافظة الناصرية وفي العام ما بين (1920 و 1930) كانت هنالك علاقة حب بين امرأة ورجل يمتلك متجراً او محل بسيط في احد اسواق الناصرية وكان يتم اللقاء بينهم في باب المحل بحجة التبضع شاء القدر ان صاحب المحل اغلق المحل لسبب طارىء وذلك دون علم الحبيبة وفي كل يوم تأتي الى المحل ولم تجد الحبيب، دارت في دواخلها امور كثيرة فاخذت قصاصة من الورق وكتبت عليها والقتها في المحل من احد الفتحات في الباب:
أهنا يمن ?چنه اوچنت جينه اوگفنه ابابك
ولف الجهل ما ينسى شمالك نسيت أحبابكولف الجهل ماينسه وانته صدگ ناسيني
أسنين مرت بالهجر وأنه الهجر ماذيني
حالن دواليب الدهر مابينك وبيني
موش أبدواليب الدهر مدولشه أبدولابك
عندما عاد الرجل الى المحل وبعد أن أنهى عمله الطارىء وجد هذه الورقة وعليها هذه الكلمات مما أهاج شعوره وكان لا يجيد كتابة الشعر فذهب الى شاعرنا المبدع المرحوم حاج زاير أدويچ وطلب منه ان يكمل له القصيدة ولكن شاعرنا المرحوم حاج زاير أدويچ أخبر صاحب المحل بانه لم ولن يكن عاجز عن التكملة ولكنه سوف يرسلها الى صديق له شاعر مبدع من اهالي ميسان قضاء المجر الكبير وهو الشاعر المرحوم حاج مطشر عبدالنبي الزبيدي المعروف في الوسط الشعري بالمجراوي.
أي ان البيت الاول او مدخل القصيدة لم يكن الى شاعر بل الى تلك الحبيبة في الناصرية، وحين وصول المقطع الاول الى شاعرنا المرحوم حاج مطشر عبدالنبي المجراوي، اكمل القصيدة وقد غنت في وقتها من قبل المطرب المرحوم داخل حسن ونالت استحسان الجميع. ولكونها قصيدة جيدة كتب على غرارها (7) قصائد لشعراء من المشخاب وقصيدتين من غماس والعاشرة من الحلة واردف شعراء من العمارة من قضاء قلعة صالح الشاعر حمدي عبدالله وآخرين .
وتناول الباحث والكاتب محسن ألعارضي في مداخلته موضوع رسالة عبد الرحمان البزاز حين أرسل إلى لندن لغرض أكمال الدراسة من قبل الحكومة  ، وتفاجاء بعدم الاعتراف بشهادته وعاد لإكمال درسته في الحقوق بكلية الملك داخل العراق وتسنم عدة وظائف ، وقام فيما بعد مع العديد من أساتذة الجامعات بتنظيم التظاهرات ودعم الحريات والإصلاحات ، وتم اعتقاله من قبل نوري السعيد الى ان قامت ثورة تموز.
الشاعر والكاتب داود الرحماني أردف قائلا ان المدح والذم هي صفات موجودة في شتى الحقب السياسية ومنذ الأزل وانشد تلك الأبيات من قصيده طويلة وتتألف من 156 بيت من بحر المتدارك بعنوان (الحواسم) نقتطف منها  :
  —————– الحواسم —————–
عين بْعين وْ سِـن بْـسِـن ×× شـْــنِـنسالك يا بَعث اٌلجـن
وَحدكْ بالساحه اٌتـْـولـّـيت ×× وْ لا صوت الخلـّـيته اٌيرِن
والأحزاب اٌتــْـشـتــّــتهـِن ×× تمرِدهِن واٌتــْــهـَـجولـهـِـن
وُتــْــريد اٌتــْــعاوِد هاليوم ×× ديمقراطيــّــه وْ تـِـعـــلـِـن!
ذيب وْتلبس فروة ليــــث ×× وِتشارِك فكرك وِاٌتــْـظـِـن؟
لا تِحلَـم فـَـد يوم اٌتــْـعـود ×× والشَـيـنات اٌتــْــبَرﮔـِعـهِــن
وْلا تِـتــْـﮕَرَّبْ عَاٌلأحـزابْ ×× وَلْ غــاد وْ إبْـعِــدْ عـنهِـــنْ
ثَلث عْقود وْخَمْسِ سْنين ×× سَلّابْ… وْ تِسْـلِب حَـقْهِــن
حتّىَ وْ نِقْـبَلْ بِاٌ لشيطانْ! ×× وْ لا إنتَ اٌلتِـصـبَح مِـنهِـن
عين بْعين وْ سِـن بْـسِـن ×× وِاٌنـت اٌلبادي وْ أظـلَمْـهـِـن
———————-
ياحِزب اٌلشوم اٌشْبَـقـّـيتْ ×× وْيا زَيـنا ت اٌلـنِـذْكرْهِـــن
بِسْمَكْ مَـلّخنه اٌلمَسعــور ×× وْ ظَـل اٌنـْـيابـه اٌمْـكَـشّـرهِـنْ
وتْـرَ بَّع عَرش اٌلسلطا ن ×× سْـنين وْ غصـباً نِجْرَعهِـن
والأعراض اٌليِهـتِـكهِــن ×× واٌلخـيــرات اٌليــهـْـدِرْهِـن!
واٌ لأجسـاد اٌليـثْـرمْهِـــن ×× باٌلـتـيــزاب اٌ يْـمَـوّعـْـهـِــن
واٌلنـفطا ت اٌ لينهَـبهِـن؟×× (رَغـده) اٌلفنـانه اٌتــْـصِرهِنْ؟
 
وْبزْلام اٌلعوجه وْﭽَمْ دونْ×× ناخــَــن لِـرﮔﺎب وْ ذَ لْـهِـن
————————
يا هُو اٌلجا ب الأمريكان؟! ×× واٌلهاجَن مِن هَـيَّـجهِـن؟
واٌلنِـﮕلَن جيش اٌلمارينز؟ ×× عاٌلخِـلجــان وْ ﮔَـعّـدهِـن!
وِاٌلبـي لِـثـنين وْ خمسين ×× مِن قصـفن مِن طَـيّرهـن؟!
واٌلنِـﮕلَنْ صاروخ سكودْ ×× بـيـن اٌلـوادِمْ يِحْـشِـرْهِـن!
ضَـبعَك يا حزب اٌلطِغيان ×× اٌبْخـشمه اٌليابس جَرجَرهِـن
و تــْـصَـدِّﮒْ بـيه اٌلثولان ×× ( اٌبَّـرنَو) راعي اٌيْـطَيّحهـن
واليـِـتــْـكابَـرْ عَـاٌلأحـداث ×× والكـُـبـرَن يسـتــَــصـغرهن
لوجاهِل.. لوغِـرْ..مغـرور×× لو شايـخ .. وِاٌ نْتَ الكـلْهِن
مِنْ ﭽذبَـك نَشَّـفـت اٌلشَطْ ×× وْحَتَّىَ اٌلشَطْ هَمْ شَطْ مِنهِـن
يوم اٌكشَر يوم اٌلشِـفـناك ×× موْ بَسْ أكشر.. أكـْـشرهِـن