يبدو ان فرحة الانتصار على اصحاب المنصات وداعمي الفتنة لن تدوم طويلا، فبعد طردهم بهزيمة من باب صندوق الانتخابات سيعودون من شباك “الكتلة الأكبر” وتحالفات تشكيل الحكومة تحت مسمى “العابرة للطائفية” والابتسامة تعلوا جباههم فرحا بخيبتنا كعراقيين انتظرنا طويلا لخوض معركة التغيير والاطاحة بالفاسدين بعيدين عن ادوات الخارج وتدخلات المحاور.
فمنذ اعلان النتائج الاولية للانتخابات التي اظهرت ابعاد الوجوه والكيانات السياسية “المجربة” ونحن نشهد تصريحات “لا تغني ولا تسمن من جوع” واجتماعات علنية واخرى في الغرف المظلمة مرة برعاية العراب الغربي واخرى بحضور الجار الشرقي وتغريدة “حق يراد بها باطل” من سفير دولة “جارة” جميعها تسعى لتعطيل إرادة المواطنين ورسم شكل جديد لحكومة وبرلمان يشترك فيها القاتل والضحية، بمسميات عدة لتجميل صورة المحاصصة وتوزيع المناصب على الجميع (الخاسر والفائز)، ولتذهب صناديق الاقتراع وأصوات “عُبَّاد الله” الى اقرب حاوية نفايات.
ياسادة ان الوطنية الحقيقية لا تعني فقط الانحياز لدولة ومهاجمة اخرى، الوطنية هي ان تكون مصلحة البلاد فوق الجميع ومن دون مزايدات وشعارات فارغة عن وحدة القرار وتوحيد المواقف، الوطنية هي احترام إرادة الشعب بالتغيير الذي رفض عودة سليم الجبوري وحنان الفتلاوي وعلي العلاق وهمام حمودي وخالد العطية، ومعهم “شلة” ساحات الاعتصام من داعمي الاٍرهاب، وضاح الصديد ورعد السليمان والكبيسي يحيى، جميع هؤلاء طردهم المواطنون الذين خرجوا للانتخابات لايصال رسالة “التغيير”، في حين يرى البعض ان العملية السياسية لن تكتمل من دون وجود “الفاسدين” ونكات موفق الربيعي وهلوسات الجعفري واسامة النجيفي، الذي صدع رؤوسنا بالمظلومية وحماية المكون وتناسى انه طوال اربع سنوات كان فيها رئيسا للبرلمان لم يحصد منه أبناء المكون غير تبادل لاتهامات وتحويل مجلس النواب الى حلبة “صراع طائفي” عطلت المشاريع والقوانين التي تخدم المواطنين.
لست متشائما كما قد يظن الكثير، لكن تجربة السنوات الماضية من عمر العملية السياسية اثبتت ان تجاهل “رغبة” الناس والانصياع لأوامر الجيران أعاد البلاد الى الوراء وجعلنا في مراتب متقدمة من حيث الفساد وانعدام “الوطنية” وهو ماتسبب بضياع السيادة وضعف القرار الوطني، نعم لا تستغربوا فجميع البلدان لم تبنى بقرارات خارجية او خضوع ساستها “للتبعية” انما كان الولاء للوطن وتفضيل مصلحة “الفقراء” أساسا لصناعة الدول المتحررة فتجربة غاندي الهند ومهاتير ماليزيا مازالت قائمة ولا نحتاج للعودة الى التاريخ لدراستها.
الخلاصة… ان رسم التحالفات السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة لا يحتاج لقرار خارجي يضع بنوده (السبهان وسليماني والسلطان التركي ومبعوث ترامب) فصناديق الاقتراع قالت كلمتها وحددت خيارات المواطنين ومنحت الفرصة لاصحاب الهوية الوطنية لتحديد مصير العراق في السنوات الأربع المقبلة، اما الخضوع وخيانة الأمانة او الانطلاق نحو سيادة وطنية تبعد اصحاب الاجندات وتمنح الفرصة للشرفاء للمشاركة في بناء الوطن…. اخيراً السؤال الذي لا بد منه… هل سنتعض من تجربة اياد علاوي في انتخابات 2010، ام سنعيد ارتكاب الخطأ ذاته؟..