9 أبريل، 2024 9:22 م
Search
Close this search box.

أزمة الاقتصاد العراقي وفرص الخروج منها

Facebook
Twitter
LinkedIn

تجاهلت الحكومات المتعاقبة منذ السقوط مسألة إدارة الاقتصاد ، أو بالأحرى ،انتهاج سياسة اقتصادية واضحة ، والمعنيون اللذين توالوا على السلطة كانوا عالقين في أجواء بعيدة عن هموم الناس متناسين عن نية مبيتة أو لجهالتهم بدور هذا العامل في بناء وتقدم الأمم ، ولقد كان لسكوتهم أو لعدم فهمهم بتأثير إجراءات الحاكم المدني بول بريمر على بنية الاقتصاد والتحول السريع من الاقتصاد الشمولي إلى اقتصاد السوق أن أفقد الدولة هويتها الاقتصادية فلا هي دولة رأسمالية تسعى إلى تمكين القطاع الخاص لبناء المشاريع المنتجة والتي تعمل على سد الحاجة الاجتماعية ، ولا هي دولة اشتراكية تعمل على إقامة وإدارة المشاريع المملوكة للدولة ، بل ولم تك دولة ذات اقتصاد موجه ، بل ظلت كالمعنيين عالقة في عوالم المجهول ، ولقد عمل المسؤولون الجدد على تبديد الأموال العامة على النحو التالي .
1.. فتح التعيينات أمام الحزبيين الجدد وإغداق الأموال عليهم متجاوزين التعليمات الإدارية والمالية وضوابط الملاك ،مما أدى إلى تضخم الجهاز الحكومي وأصبح عاملا معطلا لا منتجا.
2..منح المكافآت واحتساب التقاعد للخدمة الجهادية أسهم بشكل مباشر في تبديد المال العام.
3.منح الرواتب والمخصصات الضخمة للمسؤولين والسياسيين اللذين تعاقبوا على السلطة وصرف رواتب تقاعدية لهم رغم قصر مدد خدمتهم .
4 . تفصيل الدولة على مقاسات السلطة والغرض إرضاء الجميع تم استحداث وزارات وهيئات مستقلة لا نفع لها سوى الصرف على دوائر ومكاتب غير مجزية.
5. التعويضات بشتى أشكالها كانت خلافا للضوابط المالية ، ومبددة للمال العام .
6. الصرف غير المبرمج على الاثاث والسيارات ، والصرف الكمالي على الولائم والاحتفالات والمصارف النثرية الأخرى.
7. . لم يك الموظف العراقي بموجب الضوابط المالية يحصل إلا على راتبه المقرر له بموجب الدرجة ، ولا تملك الدائرة منحه اية مخصصات ، غير الساعات الإضافية في القطاع الإنتاجي العام ، أو بعض المكافآت البسيطة ، ولم يك للوزير أو أي موظف حكومي مخصصات سكن أو عجلات نقل غير معلومة الأعداد وحماية إلا باضييق الحدود ، وقد بدأ التوسع بذلك بعد عام 1968.
8. لقد كان للايفاد المفتوح ولعناصر حتى لا علاقة لها في موضوعة الايفاد . الأثر المباشر بتبديد المال العام .
9. . التوسع بتاجير البنايات للأغراض الحكومية ، وترك البنايات الحكومية التي تعرضت للتخريب دون إصلاح ، أو الاستيلاء على الأبنية الحكومية ، وجعلها مقرات الأحزاب الحاكمة ، أو الاستيلاء على عقارات الدولة وجعلها مقرات سكن مجاني للمسؤولين الجدد ، خلافا للضوابط المالية ، وخلافا لقانون بيع وإيجار أموال الدولة.رقم 32 لعام 1986. وقانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لعام 2013.
10. الصرف غير المنضبط على المشاريع الوهمية ، مما أدى إلى فقدان 350 مليار دولار على 6000 مشروع لا وجود لها غلى أرض العراق.
11. . عيوب سياسة بيع العملة بالمزاد العلني بموجب تعليمات بريمر ، أدى إلى فقدان المليارات ، وعمل على الزحف على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي العراقي . وأدى أيضا إلى توجه هذه الأموال إلى الإرهاب ، القاعدة سابقا داعش حاليا .
12 . اتباع سياسة الباب المفتوح أدى إلى دخول السلع الكمالية وشبه الكمالية وللانواع الرديئة والمخالفة للمواصفات العالمية والعراقية والمسبب بعضها للامراض،
12. إن فتح باب الاستيراد على مصراعيه أدى إلى منافسة الإنتاج الزراعي والصناعي العراقي مما أدى إلى توقف الزراعة وتأخر الصناعة ،
13 الإهمال المتعمد للشركات العراقية المنتجة أدى إلى تسرب العملة ناهيكم عن البطالة المقنعة والبطالة الحقيقية حيث بلغت نسبتها ال 50% ، دون أن يدق ناقوس الخطر في حين أن هذا الناموس يدق في حالة بلوغ نسبة البطالة 12%.
14. إهمال دور دائرة الرقابة المالية ، وعدم الاعتماد على شركات التدقيق العالمية ، أدى كل ذلك إلى ضياع المليارات من المال العام.
15 . التوسع بفتح المصارف الأهلية وقلة المراقبة عليها أدى إلى تسرب العملة إلى جهات تامرت إلى البلد أو جهات مجهولة .
16. استشراء الفساد لدى المسؤولين ساعد على فتح أبواب لم تك معروفة في العراق لنهب المال العام. .
17. لم تك حكومات ما بعد السقوط مهتمة بالتخطيط ، ولم تخطط لأي مشروع مهم واستراتيجي و على جميع الأصعدة. ، مما أفقد البلد فرص التقدم رغم مرور أكثر من 14 عام على التغيير. بل على العكس ونتيجة لاتباع سياسة اللهو الحكومي ،أدى كل ذلك إلى توقف العمل الحكومي ، وزيادة مناسيب التخلف ، حتى وصل الأمر إلى تراكم المخلفات .
18 لقد كان لتطبيق قانون المحافظات دو إعداد مسبق للعنصرالبشري العامل أدى إلى تخلف هذه المحافظات وأتى على القائم فيها من التقدم الملحوظ.
19. لم يك أي مسؤول حكومي بعد التغيير يحتكم على خبرة إدارية أو اقتصادية أو لم تك للخبراء والمستشارين الكفاءة على أداء ما هو مطلوب لبناء اقتصاد يحفظ ماء وجه العراق بل على العكس تم تسلل الأميين والجهلة إلى الجهاز الاداري الحكومي دون وجه حق.
كل هذا العوامل يضاف إليها الفساد الذي مكن الإرهاب من الدخول إلى البلد توافرت على إيقاف تقدمه ناهيكم عن النوايا السيئة لأطراف دولية متعددة أرادت ولا زالت تعمل على جعله سوقا رائجة لمنتجاتها ، ولا بماذا يفسر ضخامة المعروض من السلع التركية والأردنية. الإيرانية والكويتية
والسعودية بل وحتى السورية ، وقد انغمس الكثير من المسؤولين الحكومييين بالعمل التجاري القائم على مبدأ العمولة والاستفادة من السوق المفتوحة وعلى حساب الوطن ،ولم يك العراق مهتما بكل هذه السلبيات في ظل ارتفاع أسعار النفط ، فلقد كان ييستنفذ الموارد دون حساب ، غير أن مفعول الترهل الاقتصادي ظهر جليا بعد انخفاض هذه الأسعار واستفحال دور الإرهاب، وهنا ينطبق المثل على تصرف جميع الحكومات دون إستثناء ( اللي ما يعرف تدابيرة حنطة تأكل اشعيرة ) وبدأت الأزمة الاقتصادية تنهش بالبلد إلى جانب الإرهاب وظل المسؤول يفر بإذنه يمينا وشمالا ، وأول عمل قام به هو الإتيان على رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وزيادة ضريبة المبيعات على السلع الاستهلاكية ، وتركت حيتان سرقة المال العام دون حساب بل وعدم مراقبة الكثير منهم وهو لا زال يسرق ويهرب هذا المال . وبقية الخروج من هذه الأزمة يتطلب اتباع الآتي.
1. معالجة وضع الكتلة النقدية ،حيث تشير المعلومات أن 70%منها خارج المصارف ، وذلك على النحو التالي .
أ. زيادة نسبة الفائدة .
ب التوسع ببيع سندات الأذن الحكومية .
ج . إصدار تعليمات بتشجيع فتح دفاتر التوفير بالعملة الصعبة .والعمل على تشجيع الإيداعات وتوفير التسهيلات المصرفية .
د . رغم عدم إيماننا ببيع الأصول الحكومية ، تقترح بيع بعض هذه الأصول والخاصة بإلانتاج للقطاع الخاص ، وذلك لتشغيلها بغية الكف عن الاستيراد وتشغيل الأيدي العاملة ، وتأجير الأراضي الحكومية للأغراض الزراعية ، ومنح سلف الإنتاج.
ذ. العمل بجدية على تقليص الملاك الحكومي وخاصة الدرجات العليا ، خاصة من مدير عام فما فوق ، وإلغاء المديريات العامة للبلدية والتربية في بغداد والعاء المديريات العامة لبعض الوزارات والفائضة فعلا عن الحاجة. لقد كانت مديريات التربية والبلدية تعمل بأداء احسن قبل أن تكون مديريات عامة وهذا ينطبق على الكثير من دوائر الدولة .
2. إعادة النظر جديا في مسألة بيع العملة ، والتطبيق الحرفي للاستيراد عن طريق فتح الاعتمادات ، والسلع ذات المردود الاقتصادي والاجتماعي المواصفة العراقية .
3. إعادة النظر في مسألة الاستهلاك المظهري والعمل على دفع وزارة التجارة على تحديد المهم من السلع والموافقة على منح إجازة استيرادها ، والكف مرحليا عن استيراد السيارات ، لضيق الشوارع والمواصفات المتدنية لما يتم استيراده حاليا من هذه السيارات.
4. إيقاف كل أوجه الصرف الحكومي عدا المصروفات النثرية لأغراض النظافة وإدارة العمل اليومي.
5. إيقاف صرف كافة المخصصات للمسؤولين والإبقاء على الرواتب فقط.
6. العمل بجدية على تشغيل القطاع الصناعي والتجاري العام ، وإصدار تعليمات الحماية لمنتجاته ،وذلك بإعادة تشغيل الشركة العامة لصناعة الزيوت النباتية ، والشركة العامة للصناعات الكهربائية والبطاريات. وتشجيع صناعة السيارات محليا لا التجميع وبالمختصر مغادرة حالة تسكين الصناعات المحلية الحكومية ومدها بالسلف بالعملة الأجنبية لغرض إعادة مكننة هذه الشركات العملاقة .
7. الإيقاف الفوري لجميع انواع الايفادات ولكل المستويات الوظيفية وصولا إلى درجة الوزير ، حيث يمكن الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة بتسيير شؤون الدوائر، والعمل على تقليص البعثات الدبلوماسية فوجدوها وعدم وجودها واحد.
8. إلغاء بعض الهيئات العامة مثل هيئة حقوق الإنسان وهيئة تصفية دعاوي الملكية وهيئة الاستثمار ، وإلحاق هيئة الاستثمار بوزارة التخطيط ، وهيئة تصفية دعاوي الملكية بوزارة المالية ، أما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فيمكن تقليص ملاكها من الأمناء العامين إلى الثلث ونحن متأكدين أنها تمتلك ملاكا يفوق الحاجة سيما وأنها تعتمد على الكادر الآني وقت الانتخابات . ويجب مغادرة قاعدة حصة هذه الكتلة أو تلك ، ويمكن أيضا إلغاء بعض الوزارات ، والإبقاء على الوزارات الإنتاجية.
9.. التوقف نهائيا عن الاقتراض . فلقد بلغ الدين العام حدا فاق به معدلات الناتج القومي ، إذ لا يوجد لدينا ناتج قومي بالمعنى الاقتصادي المعروف (كل شئ مستورد ) فلقد بلغ الدين العام قبل القرض البريطاني البالغ 12 مليار دولار ، أكثر من 43 تريليون د.ع . و69 مليار دولار امريكي، أي أن مجموع الدين العام يبلغ مع القرض البريطاني 117 مليار دولار ، يضاف إليها خدمات هذه الديون قد يتجاوز الدين العام نهاية هذا العام 125 مليار دولار . من هو المسؤول عن كل هذه الديون ، وكيف سيتم تسديدها وما هو مصير الأجيال القادمة
10 تقليص عضوية البرلمان وذلك بتعديل الدستور وجعل النائب يمثل 200 الف نسمة بدلا من 100 الف الحالية وذلك لكثرة النفقات الحكومية على النواب وموظفيهم كذلك ينسحب الحال على أعضاء مجالس المحافظات . لثبوت فشل تجربة هذه المجالس ببناء البلد من جديد.
11. إعادة النظر بجدية في موضوع الاستيراد ، وخاصة المنتجات الزراعية ، والعمل على تشجيع الفلاح على الإنتاج الزراعي وحماية المدن من التوافد غير المقبول عليها من الريف
12. الاتفاق مع الشركات العالمية الرصينة حول معالجة تبدد الغاز وجعل مبيعاته موردا جديدا للخزانة العامة.
13.الاهتمام المباشر بمسألة تنويع الموارد عن طريق ضبط وانضباط موظفي الضريبة والجمارك وموظفي الجباية الآخرين ، والعمل بجدية على استئحصال ديون الكهرباء والماء ، وأن يوجه القضاء بشأن التعويل على الغرامة بدلا من الحبس والسجن للقضايا الثانوية والجنح .
14. ضرورة تفعيل دور البلديات بشأن استحصال بدلات إيجار على الأراضي والبنايات الحكومية المستقلة تجاوزا من قبل الغير ولكافة الأغراض لحين التخلي عنها.
15. إصلاح الأبنية الحكومية المتضررة بفعل أحداث 2003 وما تلاها والعمل بجدية على مغادرة الأبنية المستأجرة لأغراض الدوائر الحكومية .
إن سياسة جعل الاقتصاد بالدرجة الثانية أو الثالثة من حيث اهتمام المسؤول إنما هو العمل بعكس منطق إدارة الدول ، وأنه لتصرف مشين ، حيث يلاحظ المراقب أن المسؤول العراقي كثير الكلام قليل الإنتاج ، وهو لا يتحدث بالأرقام والوقائع ، إنما حديثه عام ومنجزاته أوهام ، ولا أدل على ذلك هو سوء عملية توفر الماء ، وكثرة انقطاع الكهرباء ، ومن يريد بناء مجتمع جديد ودولة حديثة ما عليه إلا توفير الكهرباء ، ولينظر أي مسؤول إلى المشاريع القائمة والمنجزة خلال العهود السابقة ويقيم مقارنة مع ما إنجزه هو لتوصل إلى حقيقة مفادها ، أن لا شئ منجز بعد عام 2003 يستحق الذكر سوى ركود اقتصادي وبطالة تولد الأمراض الاجتماعية المميتة ….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب